قال تعالى "المال والبنون زينة الحياة الدنيا" لذلك فإن الزواج سّنة من السنن التي شرعها الله للعالمين ونادى بها رسولنا الكريم، فهو أمر لا بد منه لتستمر حياة البشر، غير أن الاستغلال غير المثالي وغير الموفق لهذا الحق من قبل الفتيات اللاتي يفضلنّ الزواج من رجل يكبرهن بسنين عددا، وما تؤدي اليه هذه الفوارق في السن من معضلات ومشكلات متعددة، تتفاوت في حدتها وخطورتها على الزوجة، حسب ظروف كل زواج غير متكافئ ومنها تتسبب عوامل كثيرة قد تساعد على تفاقمها أو تحد منها نسبيا. في ظل اشارة كل الدلائل والبراهين لأن الزواج هو تكوين اسرة سعيدة يملؤها الحب والحنان والتفاهم، فالرجل يطمح في أن يجد الزوجة الصالحة التي تعينه على نوائب الدهر ونكباته والمرأة نفس الشيء تطمح في أن تجد الزوج الحنون الذي يعينها في هذه الحياة. ولكي يكون الزواج ناجحاً يجب أن تتوافر فيه شروط اساسية ومنها التوافق في السن بين الزوجين والمستوى الثقافي والاجتماعي والاكاديمي وحتى النفسي حتى تكون هناك درجة تفاهم كبيرة بين الطرفين. فليس من المعقول أن يتزوج الرجل الذي قارب على الستين من فتاة في سن 20 أو حتى سن 30 في ظل الإغراءات المادية التي يفرضها عليها وذويها باعتبارها اداة ضغط في إطار الضائقة المالية وشظف العيش. واكد خبراء علم الاجتماع ل(الأحداث) إن مثل هذه الزيجات غالباً لا تستمر فينتج عنها ابناء قد يواجهون خطر التشرد، بالاضافة الى الزوجة اليافعة. فيما رأى بعضهم أن الظروف الاقتصادية التي تمر بها العديد من الاسر السودانية هي من ساهمت بمثل هذه الزيجات (أي زواج مصلحة). *الخرطوم: سحر علي: عدم قبول الفكرة من جانبه ابدى عبد القادر عثمان "موظف" رفضاً واضحاً لمثل هذا الزواج، وقال ان بناء البيت يتأثر بصورة كبيرة بمثل هذه الزيجات، وهو ما يرجع الى اختلاف طريقة التفكير بين الطرفين الى جانب الاختلاف والتناقض الكبير الذي يكون في ميولهم المختلفة، وأضاف عبد القادر بأن نظرتهم للحياة قد تكون مختلفة ومعاكسة للامور، بحكم التباين الكبير في سن كل منهم. مؤكداً ان النجاح في مثل هذه الزيجات لن يتم الا في حالات نادرة وتعد على اصابع اليد، مطالباً اولياء الامور بضرورة عدم التسرع في تزويج بناتهن لأزواج يفوقونهن سناً من أجل الكسب المادي. زوجة استعراضية وفي نفس السياق اوضحت هيفاء الطيب "معلمة" ان بعض الزيجات تفرض من قبل الاهل خاصة اذا كان الزوج من اقرباء الفتاة مشيرة الى انهم في كثير من الاحيان يفرضون عليها رأيهم بضرورة وحتمية القبول، وقالت هيفاء إن مثل هذه الزيجات تكون مفروضة خاصة وان العديد من الازواج قد يكونون تزوجوا من قبل، وبعد ان اصبحت زوجته طاعنة في السن، فكر في ان يتزوج مرة اخرى، خاصة وان كان يعتقد ان عمله يستلزم زوجة ترافقه لحضور المؤتمرات، أو تلبية دعوات، لذا يتجه لاختيار زوجة صغيرة ومتعلمة في سن ابنائه يستعرض بها كنوع من الوجاهة الاجتماعية، على حد تعبير هيفاء. وهو يسلم أنه وبماله وثرائه يستطيع أن يبتاع زوجة صغيرة، متناسيًا انه يختلف عنها سناً وطباعا. وقالت هيفاء إن هنالك العديد من الامثلة المعاشة في المجتمع من مثل تلك الزيجات التي غالباً ما تدفع ثمنها الزوجة الصغيرة. البحث عن تحسين وضع الأسرة واوضحت لميس علي "خريجة جامعية" أن الشابة غالبًا ما تفكر في تحسين وضع أسرتها بالزواج بمن هو في سن والدها، ولفتت لميس الى ان انخفاض معدل الزواج وسط الفتيات هو ما قد يدع الكثير من لفتيات للقبول بمثل هذه الوضع، وقالت إن عدداً من الفتيات استطعن ان يتحكمن في ازواجهن استغلالاً لهذا البون الشاسع في السن. التحليق خارج السرب مع الأبناء فيما ابانت سحر قسم الله أن الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به العديد من الاسر السودانية قد جعل العديد من الفتيات لا يترددن حال تقدم رجل في سن والدهن للزواج، وقالت سحر إن الفتيات اللائي يواجهن مشكلات مالية ويفشلن في حلها، لا يترددن في القبول بزوج طاعن في السن، واعتبرت سحر ان من هذه الزيجات لا تتقدم للأمام وذلك لاختلاف الرؤى وطريقة التفكير. وعادت سحر وقالت إن وضع الاطفال في حالة كان الزوجان غير متقاربي السن سيكون معقد، لأن الأب لن يستطيع التعامل معهم، في حين ان الام الاصغر سناً تستطيع التأقلم معهم ومع مستجدات الحياة الجديدة، وان ذلك يضع الأب في خانة الخاسرين. قبول واحترام متبادل فيما اختلفت منال عبد الحميد مع من سبقوها في تبرير قبول الفتيات بأزواج اكبر سنا، واوضحت انها مع قبول الفتاة بزوج كبير في السن وعزت ذلك الى استطاعة الزوج كبير السن السيطرة على الحياة على العكس من الزوج صغير السن، وقالت منال انه في كثير من الاحيان يعمل بجد، فهذا الزوج يعمل على توفير جميع متطلباتها الحياتية لها ولاسرتها على عكس الشباب، الا انها عادت وقالت ان في بعض الحالات تكون دوافع القبول مختلفة ومنها ان الكثير منهن تفقد والدها لظروف ما، مما يفقدها حنان الابوة وهو ما يلعب يلعب دوراً محورياً في قبول الصغيرة لرجل في عمر والدها، اذ انه يلبي كافة طلباتها دون تأجيل، حتى ان لم يكن ذا ثراء. ضدها جملة وتفصيل فيما ابتدرت وسام الطيب الزين "طالبة جامعية" حديثها معنا قائلة انها ضد هذا النوع من الزيجات، باعتبار أن الأسس الزوجية غير متكافئة، وزواج الأثرياء أو الكبار من صغيرات السن هو زواج منفعة بالدرجة الأولى على حد تعبير وسام ، ووصفتها بأنها زيجة يدخل البيع والشراء في نصوصها لذا غالبا ماتصل الي نهاية الطلاق علم النفس يؤكد عدم الاستمرارية من جانيها اوضحت خبيرة علم النفس والاجتماع ميادة علي عن الظاهرة أن من أهم عوامل نجاح الحياة بين الازواج هي وجود تكافؤ بين واشارت ميادة إلى أن التكافؤ الزواجي لا ينحصر في جانب معين، بل إنه يتعدد ليشمل التكافؤ العمري الذي اعتبرته من اهم المقومات التي تساهم في استقرار الحياة بين الزوجين ثم دلفت الى التعليمي، المادي، والثقافي، والمزاجي، واعتبرت ميادة أن تكافؤ هذه الجوانب يعتبر مؤشراً لحياة زوجية ناجحة.. واسترسلت ميادة قائلة إن التكافؤ العمري يأتي في مقدمة هذه الجوانب الاجتماعية، وابانت أن لكل مرحلة عمرية خصائصها واحتياجاتها، فالشاب أو الشابة يتمتع بالصحة الجيدة والعنفوان التي تؤهله لسير حياته بصورة طبيعية ناهيك عن طريقة وأساليب التفكير ورؤية العالم بعين الشباب، ويختلف في تلك الخصائص كبار السن فهم أقل صحة جسدية، وكذلك هم يختلفون عن الشباب في طريقة تفكيرهم ونظرتهم إلى العالم من حولهم. وتبعاً لذلك فإن احتياجات الشاب النفسية والاجتماعية والجسدية والعاطفية والترفيهية تختلف عن احتياجات المسن .وقالت ميادة إن المسن يمثل ثقافة جيل يختلف عن ثقافة جيل الفتاة الصغيرة سواء من حيث اللهجة، والملبس والمأكل، والأدوات، ونوع الخبرات، مما يؤدي إلى ضعف في عملية التواصل بين الزوجين، مؤكداً أن كل زواج بين مسن وفتاة سيكتب له الفشل، ونادت ميادة بعدم الدعوة إلى تكافؤ النسب بين الزوجين، مشيراً إلى أنه من الأولى أن تكون الدعوة إلى التكافؤ في التعليم والمستوى الاقتصادي وفي السن لأن هذه المتغيرات هي الأهم في مقومات الزواج الناجح علي حد تعبير خبيرة علم النفس ميادة، وابانت ميادة أن هنالك عدة آثار تترتب على زواج المسن بفتاة صغيرة ومنها احتمالية الانفصال والطلاق نتيجة الاختلاف وعدم التوافق بين المسن والفتاة أو لعدم قدرة المسن على تلبية احتياجات الفتاة العاطفية، أيضاً قد ينتج عن هذه الزيجة طفل أو أكثر يواجه مخاطر الحياة بعيدا عن دفء الاسرة.