ميدل ايست اونلاين-القاهرة - عرض الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي وساطته الشخصية بين مصر ودول منبع نهر النيل لحل الازمة الناشبة بسبب اتفاق جديد وقعته الدول وترفضه مصر. وذكرت صحيفة "المصرى اليوم" ان اتصالات ليبية - مصرية تناولت عرض القذافي القيام بدور الوسيط لتقريب وجهات النظر بين مصر والسودان من جانب، ودول أعالى النيل من جانب آخر. ونقلت عن مصادر ان العرض الليبي هدفه إعادة الأطراف إلى طاولة المفاوضات مرة أخرى لحل البنود الخلافية حول الاتفاقية الإطارية التي وقعتها دول المنبع بما يحقق مصالحها جميعا دون الإضرار بأى دولة منها. ومن ناحية اخرى ذكرت الصحيفة ان الرئيس حسني مبارك سيعقد لقاءات مكثفة مع زعماء عدد من دول حوض النيل خلال اجتماعات القمة الفرنسية الأفريقية المقررة الاثنين المقبل فى باريس.وسيكون هذا اول اتصال على مستوى عال بين مصر والاطراف الاخرى منذ التوقيع على الاتفاق بداية الشهر الحالي. وتأمل مصر اعادة التفاوض حول الاتفاقية بما يضمن لها حقوقها المائية في النهر. وكان سفير الدنمارك لدى مصر كريستيان هوبى قد دعا الخميس الى استمرار التفاوض بين دول حوض النيل مؤكدا انه "دون الاتفاق بين جميع دول حوض النيل، فستكون هناك العديد من الأمور الصعبة للغاية فيما يخص التخطيط طويل المدى". والدنمارك هي من الدول المانحة الرئيسية لمبادرة حوض النيل. الى ذلك أكد محمد نصر علام وزير الموارد المائية والري المصري ان الأمن المائي لبلاده مستقر ولم يمسه أي تغيير في أعقاب توقيع خمس من دول المنبع على الاتفاقية الاطارية لدول حوض النيل مؤخرا. جاء ذلك خلال الاجتماع الذى عقدته اللجنة العليا المصرية لمياه النيل برئاسة رئيس الوزراء احمد نظيف وحضور وزراء الخارجية والتعاون الدولي والكهرباء والشئون القانونية والبرلمانية والوزير عمر سليمان رئيس المخابرات العامة. وأشار علام الى ان هذه الاتفاقية كان متفقا عليها بين دول المنبع السبع ودولتي المصب مصر والسودان، مبينا أن الخلافات بشأنها تكمن فى بعض الصياغات التى حرصت مصر على تضمينها بغرض الحفاظ على حقوقها التاريخية فى مياه النيل . ولفت الى ان مصر لديها قناعة تامة بأن الموارد المائية فى منطقة حوض النيل كافية لتنمية كل دول وشعوب الحوض ويمكن ان تكون هناك مشروعات تنمية تزيد من عائد مياه النهر. جدير بالذكر أن حوض نهر النيل يضم عشر دول هي دولتا المصب مصر والسودان ودول المنبع الثماني وهي أثيوبيا وكينيا وأوغندا وتنزانيا ورواندا وبوروندي والكونغو الديمقراطية بالإضافة إلى أريتريا، وهذه الدول أعضاء في مبادرة حوض النيل ماعدا أريتريا. اقتسام مياه النيل بميزان المتخصصين على عكس الأجواء الإعلامية المشحونة بالتوتر حول الاتفاقية الإطارية التي وقعتها دول المنبع لنهر النيل بغياب مصر والسودان, أتت الأجواء الأكاديمية العلمية هادئة تدعو إلى التعاون بين دول الحوض خلال مؤتمر "آفاق التعاون والتكامل بين دول حوض النيل.. الفرص والتحديات" الذي احتضنته جامعة القاهرة يومي 25 و26 مايو/أيار الجاري. وأشار المتخصصون في الشأن الأفريقي بالقاهرة إلى خطأ الطرح الإعلامي ومعالجته للقضية، مشيرين إلى أنه يصب في إفساد العلاقة بين مصر ودول حوض النيل. كما طالبوا بدور الأزهر والكنيسة ورجال الأعمال من أجل تجسير العلاقة بين مصر وتلك الدول. وانتقد أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين الدكتور أسامة زين العابدين التباطؤ المصري السوداني تجاه دول حوض النيل على كافة الصعد السياسية والاقتصادية والثقافية، موضحًا أن توطيد علاقات مصر والسودان بدول الحوض يرمي إلى تحقيق السلم والاستقرار. واعتبر أن المؤتمر ذاته صورة من صور عدم التعاون، حيث يضم مشاركين من مصر والسودان فقط ويغيب عنه ممثلون عن دول المنبع كافة. مراعاة المصالح ونبه زين العابدين إلى ضرورة مراعاة المصالح الاقتصادية لدول حوض النيل وعدم الاكتفاء بالموروثات التاريخية والثقافية، فغياب مصر والسودان عن دول الحوض -حسب المتحدث- أدى إلى تواجد أطراف أخرى مثل إسرائيل. وأشار إلى ضرورة وجود دراسات جدوى حقيقية لمشروعات التعاون والتكامل، في ظل المتغيرات الاقتصادية الجديدة في دول حوض النيل، وأعلن عن توجه السودان إلى شراء الكهرباء من إثيوبيا وأن الاتفاق معها في مراحله النهائية، منبها إلى خطورة توقيع اتفاقيات اقتصادية وعدم دخولها نطاق التنفيذ. وعرض المشاركون في المؤتمر وجهتي نظر حول الدور الإسرائيلي في أزمة دول حوض النيل الأخيرة، إذ تبنى الأولى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور إبراهيم نصر الدين حيث وجه الاتهام الصريح لإسرائيل، مبينًا أنه لا يمكنها العيش بصورة طبيعية بين دول المنطقة، ولذلك تسعى لتفتيت جميع تلك الدول بمساعدة الولاياتالمتحدة. وأوضح نصر الدين أن دول المنبع ليست بحاجة إلى مياه النيل لتوافر البديل من الأمطار بكميات كافية ولفترات زمنية ممتدة، وشكك في مزاعمها حول نيتها إنتاج الكهرباء، معتبرا أن دول المنبع غير قادرة على تحمل تكلفة إقامة هذه المشروعات. وأشار إلى أن دول المنبع تفتقر إلي السند القانوني في توقيع اتفاقية إطارية بغياب مصر والسودان، موضحًا أن عدم الاعتراف باتفاقيات 1929 و1959 يعني عدم الاعتراف بالحدود السياسية لدول المنبع وإلغاء وجودها. واعتبر أن الخطوات الأخيرة لدول المنبع جزء من إثارة القلاقل بالمنطقة من قبل كل من إسرائيل والولاياتالمتحدة. أما وجهة النظر الثانية فقللت من الدور الإسرائيلي، مبينة أن الطبيعة الجيولوجية للأراضي الإثيوبية تحول دون إقامة سدود، وأن هذه السدود تضر بإثيوبيا أكثر من مصر. تعارض الاتفاقيات وقال صاحبها أستاذ القانون الدولي العام بكلية الشريعة في السودان الدكتور بدر الدين حسن إن الاتفاقية الإطارية التي وقعت عليها بعض دول المنبع، لا يعتد بها في عرف القانون الدولي لأن اتفاقية الأممالمتحدة الصادرة عام 1997 والخاصة باستخدام مياه الأنهار في غير أغراض الملاحة، لا تعترف بوجود اتفاقيات من طرف واحد. وقد بنيت هذه الاتفاقية -حسب الدكتور حسن- على قاعدة "الاستخدام المنصف للمياه"، مشيرا إلى أن البنك الدولي يمتنع عن تمويل أي مشروعات في دول المنبع استنادًا إلى هذه الاتفاقية. وقال أيضا إن الفقرة الثانية من المادة 14 من اتفاقية عام 1959 والخاصة بتوزيع مياه النيل، تنص على أن أي اتفاقيات تخص مياه النيل تكون بالإجماع، ومن هنا فالاتفاقية الإطارية التي وقعت عليها دول المنبع تفتقد إلى السند القانوني في عرف القانون الدولي.