بالريحان يتطيّب أهلها وبالسحاب يتظللون.. إنها "رُجال ألمع" في السعودية، القرية الممتدة على مسافة تسعة قرون من الزمان تحول فيها بُناة بيوتها الأوائل الى قصة تروى، وليس البناة وحدهم أصحاب حظوة في رُجال ألمع، فالحجارة أيضاً إذ إنها لا تعامل على أنها شريك في الحياة فقط بل تطلق عليها أسماء النساء أيضاً، فهذه باينة، وتلك "رابطة" ومعها "ثابتة" وترافقهن "لازمة".. إنها في كل جدار واحد يأخذ من الطين ويرمي وكل حجر له موضعه. وهذه العمارة المدهشة بنيةً وجمالاً هي نتاج عمل جَمعي لرجال ألمع الذين لامس الصخر أعماق قلوبهم فاختاروا أن يتذكروا تاريخهم وينسوا نوازعهم الشخصية. وبنى الألمعيون منازلهم من الحجارة الصلبة والطين وشمخوا بهذه المنازل حتى وصل بعضها إلى ثلاثة طوابق، وهي ما تعرف لديهم بالحصون, ولاتزال آثار هذه المباني ماثلة حتى الآن. وبرعت نساء المنطقة في فن القط، وهو فن يحاكي الفن التجريدي وعناصره الإبداعية، وقد أبدعت المرأة الألمعية في وضع النقوش والألوان بفطرتها وسليقتها ونظرتها الجمالية نحو الأشياء، فعبرت من خلال بساطتها عن شيء فريد لفت انتباه عدد من الدارسين الذين عملوا على دراسة هذا الفن ومعرفة جذوره التاريخية.