خريجي الطبلية من الأوائل    لم يعد سراً أن مليشيا التمرد السريع قد استشعرت الهزيمة النكراء علي المدي الطويل    جبريل: ملاعبنا تحولت إلى مقابر ومعتقلات    الأمن يُداهم أوكار تجار المخدرات في العصافرة بالإسكندرية    موعد مباراة الهلال والنصر في نهائي كأس الملك !    مسؤول أميركي يدعو بكين وموسكو لسيطرة البشر على السلاح النووي    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الخميس    عائشة الماجدي: (الحساب ولد)    تحرير الجزيرة (فك شفرة المليشيا!!)    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الخميس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الخميس    ستغادر للمغرب من جدة والقاهرة وبورتسودان الخميس والجمع    تحديد زمان ومكان مباراتي صقور الجديان في تصفيات كاس العالم    السوداني هاني مختار يصل لمائة مساهمة تهديفية    شهود عيان يؤكدون عبور مئات السيارات للعاصمة أنجمينا قادمة من الكاميرون ومتجهة نحو غرب دارفور – فيديو    الغرب "يضغط" على الإمارات واحتمال فرض عقوبات عليها    وزارة الخارجية تنعي السفير عثمان درار    العقاد والمسيح والحب    شاهد بالفيديو.. حسناء السوشيال ميديا السودانية "لوشي" تغني أغنية الفنان محمد حماقي و "اللوايشة" يتغزلون فيها ويشبهونها بالممثلة المصرية ياسمين عبد العزيز    شاهد بالصورة والفيديو.. نجم "التيك توك" السوداني وأحد مناصري قوات الدعم السريع نادر الهلباوي يخطف الأضواء بمقطع مثير مع حسناء "هندية" فائقة الجمال    شاهد بالفيديو.. الناشط السوداني الشهير "الشكري": (كنت بحب واحدة قريبتنا تشبه لوشي لمن كانت سمحة لكن شميتها وكرهتها بسبب هذا الموقف)    محمد وداعة يكتب: الروس .. فى السودان    «الذكاء الاصطناعي» بصياغة أمريكية إماراتية!    مؤسس باينانس.. الملياردير «سي زي» يدخل التاريخ من بوابة السجن الأمريكي    الموارد المعدنية وحكومة سنار تبحثان استخراج المعادن بالولاية    "الجنائية الدولية" و"العدل الدولية".. ما الفرق بين المحكمتين؟    السودان..اعتقال"آدم إسحق"    فينيسيوس يقود ريال مدريد لتعادل ثمين أمام البايرن    أول حكم على ترامب في قضية "الممثلة الإباحية"    بعد اتهام أطباء بوفاته.. تقرير طبي يفجر مفاجأة عن مارادونا    الحراك الطلابي الأمريكي    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللواء عثمان السيد يسخر من حملة تهجير الفلاشا ويصف (المصري اليوم) بالإعلام الغبي
نشر في الراكوبة يوم 03 - 08 - 2010

عندما بدأت صحيفة (المصري اليوم) في إعادة فتح ملف تهجير اليهود الفلاشا من أثيوبيا عبر السودان إلى تل أبيب، كنت أعتقد أنها حملة بلا معنى، وليس هذا هو التوقيت المناسب لإثارة مثل هذه القضية، فقد تجاوزها الزمن، ولاداعٍ لفتح الملف، لأنه ليس هناك فائدة من وراء ذلك، خاصة وأن السودان يمر بمرحلة حساسة في تاريخه، ومن واجب الصحافة المصرية أن تقف بجانبه حتى تمر مرحلة الاستفتاء بسلام نحو سودان آمن موحد مستقر، ولكن الحملة طالت حلقاتها دون هدف، وعندما أتيت إلى الخرطوم لم أجد أي صدى لهذه الحملة في الصحف السودانية، رغم أنها تنقل كل ما يكتب عن السودان، ليس ذلك فحسب بل وتتفاعل معه أيضا، تعجبت من هذا الأمر، وسألت بعض من زملائي الصحفيين، وأجابوني أن هذا الموضوع قتل بحثاً في السودان من قبل ونشر كثيراً، فما هو الجديد في مثل هذه الحملة؟، فساقني فضولي الصحفي للبحث عن الأشخاص الذين ورد ذكرهم في الحملة، وإثارة الموضوع معهم، ربما يكون لديهم ما يردون به على هذه الحملة، فهاتفت اللواء عثمان السيد مدير مركز دراسات الشرق الأوسط وأفريقيا بالخرطوم، الذي ورد ذكره في الحملة الصحفية، وطلبت منه تحديد موعد لإجراء حوار، فسألني عبر الهاتف عن ماذا سيدور الحوار، فذكرت قضية ترحيل الفلاشا، فقال لي: دعيني أرجع للمسؤول الإعلامي بالمركز حتى نرى موعداً لك، قلت في نفسي إنه ربما لن يقبل الحديث معي، ولكن بعد ساعة اتصل بي يوسف، المسؤول الإعلامي، وحدد لي موعداً في اليوم التالي في الثانية عشرة ظهراً، وأنا في طريقي للمركز اتصل بي يوسف وقال لي: إن السفير في واجب عزاء وسوف يتأخر، انتظري سوف أرجع إليك مرة أخرى. أحسست أن السفير عثمان السيد قد تراجع عن اللقاء ولكن بعد ساعتين إذا بالمسؤول الإعلامي مرة أخرى يطلبني للتحرك لإجراء الحوار، ذهبت وعندما دخلت على السفير مكتبه، وجدته في البداية متحفظاً عندما عرضت عليه الموضوع الذي أنا بصدده، فلم أتفاءل خيراً، لأنني أحسست بشخص أمني لن يتحدث، وما زاد الأمر تعقيداً أنه يحمل كثيراً من العتاب لمصر، وفي الحديث ذكر لي معلومة خاصة عن نفسي لا يعرفها الكثير، سألته من أين لك بهذه المعلومة، رد مبتسما: (قالوا لك أنا كنت شغال ترزي قبل كده)؟، وكانت إشارة تؤكد أن الرجل بحث عني أولاً قبل الموافقة على اللقاء، بعدها بدأ يتحدث شيئاً فشيئاً حتى أن اللقاء تجاوز الأربع ساعات، تحدثنا فيها عن أشياء كثيرة بجانب قضية الفلاشا، وفي ما يلي حديثي معه.
{ هناك حملة في صحيفة (المصري اليوم) تتهم الرئيس نميري ونظام مايو بالخيانه العظمى، وذلك لتسهيلهم نقل اليهود الفلاشا من أديس أبابا عبر الأراضي السودانية إلى تل أبيب، واسمك تكرر أكثر من مرة، ما هو ردك على هذا الاتهام؟
- صمت، ثم قال: كلام فارغ، أنا أسألك أنت كمصرية لماذا هذه الحملة هذه الأيام؟
{ أنا هنا ياسيدي ليس بصفتي مصرية، أنا هنا صحفية تبحث عن حقيقة؟
- أنا أتابع هذه الحملة وقرأت كل حلقاتها، وليس عندي أي تفسير لها سوى أنها إعلام غبي. وأتساءل ماهو الهدف من إثارة هذه القضية في هذا التوقيت؟، فإن لم يكن هذا من باب السخف والجهل الإعلامي، فهل هو استهداف لشخص الرئيس نميري الذي وقف مع مصر وقفات تاريخية مهمة؟ أول وفد أرسله نميري بعد توليه الحكم مباشرة كان لمصر برئاسة سكرتير مجلس الثورة (أبو القاسم محمد إبراهيم)، وكان هناك الموقف السوداني المؤيد لمصر في كامب ديفيد، وكان موقف السودان وقتها أقوى من سلطنة عمان، وفي زمن نميري حدث التكامل مع مصر، وكونت أمانة عامة للتكامل برئاسة أبوبكر عثمان محمد صالح، ومساعده المصري اللواء عبد الستار أمين، وأيضا مساعد سوداني وهو عز الدين حامد، وكان سفيراً للسودان بمصر. نميري كان بالقاهرة إلى آخر لحظة في حياته، فهل الحملة استهداف لهذا الرجل، أم هي محاولة تشهير وقتل الذات لبعض الشخصيات؟، فهل هناك داع لاستهداف شخص ظل طيلة حياته واقفا بجوار مصر؟ الرئيس نميري الوحيد الذي بكى على رؤوس الأشهاد عندما توفى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وكان ذلك بمطار القاهرة، وكان معه الرائد أبو القاسم هاشم، وفاروق أبوعيسى، وكان ذلك من الأشياء التي عابها عليه فيها العقيد معمر القذافي، ونميري كذلك تأثر بموت الرئيس السادات، وكانت تربطه علاقات قوية مع الرئيس مبارك.
{ لكن الحملة أخرجت وثائق ومستندات تؤكد حدوث العملية؟
- الحملة بها كلام كثير جدا، وللأسف تعكس جهل الصحافة المصرية بالسودان في زمن نميري، وإلى الآن يكتب في الصحافة المصرية (محمد جعفر نميري)، على وزن محمد أنور السادات، ومحمد حسني مبارك، وهو اسمه (جعفر محمد نميري)، فكيف يذكرون في حملتهم أن عثمان السيد كان وزير دفاع السودان في هذا الزمن، ألم يقرأوا التاريخ،؟ ألم يمر عليهم أن المشير سوار الذهب كان وزيرا للدفاع بالسودان في ذلك الوقت؟، هذه الحملة الصحفية كلها أخطاء في أخطاء.
{ دعنا نضع أيدينا على هذه الأخطاء.. ذُكر في الحملة أنك تسلمت 150 آلاف جنيه، فلماذا تسلمت هذا المبلغ وفيما صرفته؟
- أنا لم أستلم هذا المبلغ أصلاً حسب المحكمة نفسها، فالعقيد موسى إسماعيل هو الذي سلمه للعقيد هاشم أبورنات، ولم يتم الإشارة إلى اسمي من قريب أو من بعيد، ولم تسألني المحكمة عن هذا الموضوع، لكن وردت الإشارة في الحملة إلى أن اللواء عمر محمد الطيب وجه بأن أستلم أنا المبلغ وأسلمه إلى هاشم، وكان مديرا لمكتب اللواء عمر الطيب، فلماذا يعطيني إياه؟ أقول إن الزج باسمي هنا ليس له معنى، ولا يخلو من الخبث والخساسة، ومحاولة لقتل الذات.
{ بغض النظر عن وجود اسمك أو عدم وجوده، وفق كلامك كان هناك مبلغ وسُلم، من أين جاء هذا المبلغ وفي مقابل ماذا؟
- المبلغ كان متبقياً من شراء سيارات من السعودية لنقل الفلاشا، وهذا ذُكر في المحكمة.
{ هل كانت هناك قضية ومحكمة حول هذا الموضوع؟
- نعم كان هناك قضية معروفة للجميع بعد أبريل 1985م.
{ من كان متهما في هذه القضية؟
- أنا شخصياً لم أكن متهما في هذه القضية، الاتهام كان موجها إلى رئيس جهاز الأمن عمر محمد الطيب والعقيد موسى إسماعيل، والعقيد الفاتح عروة، والمقدم دانيال من جنوب السودان والرائد فؤاد بندر، في المحكمة لم أكن في قفص الاتهام، كنت شاهدا فقط.
{ هذا الكلام يؤكد أنه كانت هناك قضية، وهناك متهمون فيها، إذاً ما وجه اعتراضك على الحملة؟
- أنا أتساءل لماذا إثارتها الآن ولمصلحة من؟ فهذه القضية انتهت منذ زمن بعيد، أما حديث الحملة بأن هناك مستندات سلمت للجريدة من شخص قضى 25 سنة من عمره في منطقة القضارف، فكلام غير منطقي، القضارف هذه لمن لا يعرفها هي منطقة زراعية، الكل فيها يعرف بعضه تماماً، ولو أتى شخص غريب لها حتى من داخل السودان يُعرف أنه من خارج المنطقة، فكيف أتى هذا الشخص من خارج البلاد وجلس بالقضارف كل هذه المدة، وجمع كل هذه المعلومات؟!، ولم نعرف يوماً أن القضارف الزراعية بها وثائق، وللعلم الوثائق التي تنشرها (المصري اليوم) متاحة وموجودة وهي عبارة عن محاضر التحقيق في القضية وموجودة في دار الوثائق السودانية، وفي التلفزيون القومي، والإذاعة، ووزارة الإعلام، وأزيدك أكثر حتى تقفوا على هذه القضية للتأكيد أنها لم تكن سرية، كانت هناك لجنة مكلفة للتحقيق مكونة من الصادق الشامي رئيساً، وكان بعثياً، وأحمد إبراهيم الطاهر رئيس البرلمان الآن، وكان ممثل الإخوان المسلمين وقتها، والمحامي كمال الجزولي، وكان يمثل الشيوعيين، والمحامي مصطفى عبد القادر وكان من القوميين العرب، وضابط شرطه اسمه أمين عباس، وأجرت هذه اللجنة التحقيق، وأجرت مواجهة بيني وبين اللواء عمر محمد الطيب، وهذه المواجهة موجودة ومصورة، وعندما جاءت المحكمة أنا ظهرت كشاهد، وكمال الجزولي كان يستجوبني وقال للمحكمة إنهم لديهم شريط مسجل عليه مواجهة بين الشاهد عثمان السيد وعمر محمد الطيب، وكان عبد العزيز شدو محامي المتهم عمر الطيب، وطلب عدم ظهور الشريط، وقال إن ذلك ربما يؤثر على معنويات المتهم، وبالفعل رفض القاضي عبد الرحمن عبده الطلب، وهكذا المواجهة التي كانت بين الفاتح عروة وعمر الطيب، المحكمة رفضت كل هذه المواجهات التي كانت مصورة، فالحملة كل ما فعلته أنها نشرت فحوى تلك المواجهات، وأقول أنا والفاتح عروة والعقيد موسى لم نتضرر من هذه الحملة (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى).
{ في تقديرك ما هو المقصود من الزج بأسمائكم في هذه الحملة، وما هو الهدف؟
- أعتقد أن الأخ موسى لم يكن مقصوداً، وإنما المقصود هو أنا والفاتح عروة، والهدف هو محاولة لتشويه السمعة وقتل الذات.
{ ولماذا أنتم الإثنان بالذات؟
- لأن لدينا علاقة متميزة بأثيوبيا، ولكن هذا ليس معناه أن لدينا علاقة سيئة بمصر.
{ إذن هذا اتهام لمصر الرسمية؟
- أظن أن المطبخ الذي يدير العمليات في مصر هذه الأيام يتصرف في إطار قضية مياه النيل، والحملة بين أثيوبيا ومصر رغم هدوئها بعد زيارة أبو الغيط وأبو النجا لأديس أبابا، فهم يعتقدون أن الدور الذي نلعبه في علاقتنا بأثيوبيا يصب في عكس الاتجاه، وأقول لهم إن العلاقة المتميزة بين السودان وأثيوبيا يرجع سببها الرئيسي للعلاقة القوية والأسرية بين البشير وميلس زيناوي، وبدأت هذه العلاقة حتى من قبل تولي زيناوي السلطة في أثيوبيا، وأذكر أنني عندما استلمت منصب سفير السودان في أديس أبابا في 26 يونيو عام 1991، وبعد أقل من شهر من استلام زيناوي السلطة، حكى لي أن الطائرة التي أقلته إلى أديس أبابا لاستلام الحكم، كانت طائرة الفاتح عروة، وكان مستشار البشير وقتها، وأنهم رفضوا استعمال أية طائرات أثيوبية، وقال زيناوي لي إنه عندما تسلم الحكم سأل البشير: ما هي نصيحتك لنا؟ فقال له: لابد أن تكونوا حريصين وحصيفين في التعامل مع أمريكا وإسرائيل، وقال زيناوي: إن البشير نصحنا ولم يشترط علينا، على اعتبار أنه ساعدنا كثيراً للوصول للحكم، وقال إنه في أول إجتماع للمكتب السياسي للحزب الحاكم في أثيوبيا تقرر رفع درجة البشير من مرتبة الصديق إلى مرتبة الأخ، فليس صحيحاً ما يتردد أن عثمان السيد هو عراب العلاقات السودانية الأثيوبية، وأنه مهندس الثورة الأثيوبية، صحيح أنني أعرفهم جيداً منذ عام 77 منذ بداية الثورة بحكم عملي كمسؤول لجهاز الأمن الخارجي، ولكن تظل المسألة أنني أعمل في إطار دولة وتوجيه.
{ نرجع مرة أخرى إلى موضوعنا، بماذا حكمت المحكمة في هذه القضية؟
- اعتبرت كلاً من موسى إسماعيل، الفاتح عروة، مقدم دانيال والرائد فؤاد بندر، شهود ملك، وتمت محاكمة عمر محمد الطيب النائب الأول للرئيس ورئيس جهاز الأمن.
{ وهل سُجن؟
- نعم سُجن، ولكن حكومة الإنقاذ أفرجت عنه في بداياتها.
{ إذن كانت هناك قضية وتم الحكم فيها؟
- نعم لكني أقول إن الفلاشا الذين دخلوا السودان كانوا (7) آلاف فقط ولم يكونوا (25) ألفاً كما تقول تلك الحملة الصحفية، وإنهم دخلوا إلى السودان دون علم السلطات السودانية، ولم يكن لديهم ما يميزهم عن الإثيوبيين الأصليين، دخلوا ولم نكن نعلم أنهم يهود فلاشا، فكانوا مجرد لاجئين أثيوبيين دخلوا السودان، أظن أن الأمريكان والإسرائيلين كانوا يعرفون أنهم فلاشا، ولم يكن في مقدور الحكومة السودانية تحت أي ظرف أن ترجعهم لإثيوبيا، وذلك وفق قوانين اللجوء نفسها التي تحظر ذلك، وأيضا لا نستطيع الإبقاء عليهم.
{ كيف دخلوا السودان دون علم السلطات السودانية؟
- بصوت عال: إنت فاكراها (رفح)،؟ إن حدودنا طويلة ومفتوحة ويصعب السيطرة عليها.
{ ولكن الحملة ذكرت أن السودان قام بعملية النقل من أديس أبابا إلى السودان ثم إلى تل أبيب مباشرة؟
- هذا كلام خاطئ تماماً، هم أصلا كانوا في السودان وتم نقلهم على رحلتين من مطار الخرطوم ومن مطار العزازا بالقضارف، ولم يتوجهوا مباشرة لإسرائيل بل ذهبوا إلى فرانكفورت ثم بروكسيل ثم أثينا ثم تل أبيب. والعلاقة بين الخرطوم وأديس أبابا وقتها لم تكن جيدة لأن السودان كان يدعم الثورة الأريترية، وأثيوبيا كانت تدعم حركة قرنق، ولم يكن هناك مجال للتنسيق، وللعلم الرئيس منغستو هو أكثر شخص باع الفلاشا من أثيوبيا، وكانت آخر صفقة ب 30 مليون دولار، وحولت إلى حساب منغستو في أحد البنوك الأمريكية وتم تمويل هذه العملية من مؤسسة تحرير الفلاشا بنيويورك، وعندما استولى ميلس زيناوي على الحكم في أثيوبيا لم يجد أي أموال في البنوك، وبالتعاون مع الأمريكان استطاعوا أن يستلموا هذا المبلغ باعتبار أنه تابع للحكومة الأثيوبية، وهو المبلغ الذي بدأت به حكومة زيناوي حكمها.
{ ما هي حكاية الضابط عبد الله عبد القيوم الذي ورد اسمه في الحمله؟
- عندما علم عبد الله عبد القيوم أن هناك ترحيلاً للفلاشا سافر إلى تونس لتبليغ الجامعة العربية، وكانت رحلته من الخرطوم إلى جدة ثم إلى تونس، وأجرى اتصال بالسلطات السعودية وتم احتجاز الطائرة وإنزاله، وكُلفتُ بالسفر لآتي به للخرطوم، وسافرت وقابلت سعود بن فهد نائب رئيس الاستخبارات السعودية وقتها، وقالوا لنا: إن هذا الشاب (كويس) لا تمسوه بسوء، وقدروا ظروفه ومشاعره، وحدث ذلك بالفعل ولم يصب بأذى وهو كان من ضباطي وكان من أحسنهم.
{ أنت.. عثمان السيد، ألا ترى أن ماحدث كان جريمة؟
- لا أرى مشكلة في دخولهم ولا في ترحيلهم، أنتقد فقط عملية الإخراج، فالرئيس ونائبه فقط هما اللذان كانا يعرفان، فكان يجب أن تتم دعوة أجهزة الدولة المعنية من مجلس الدفاع الوطني، ومجلس الأمن القومي، ومجلس الوزراء حتى نتفادى أن وزير الدفاع المشير سوار الذهب لم يكن يعرف، ووزير الخارجية هاشم عثمان لم يكن يعلم، ووزير الإعلام علي شمو لم يكن يعرف، ووزير الداخلية علي يسن لم يكن يعرف، ولا نائب مدير الأمن كمال حسن أحمد ولا أنا مسؤول الأمن الخارجي لم أشارك.
{ أتريد أن تقنعني أنك لم تكن تعلم؟ فكيف لدولة يحدث بها ما حدث دون علم جهاز الأمن ومسؤول الأمن الخارجي تحديدا؟
- صمت.. ثم قال: كنت أعلم لكن هناك فرق بين أن تعلم وتشارك، وبين أن تعلم وألا تشارك، فأنا في النهاية غير مكلف، ولا أستطيع التدخل طالما لم تصدر إلي الأوامر من رؤسائي.
{ هل الرئيس نميري استلم أموالاً من الأمريكان في مقابل هذه العملية؟
- لا لم يستلم
{ كيف يجازف الرئيس بسمعته في هذه القضية دون أن يأخذ مقابلاً؟
- فعلها في إطار العلاقات الإستراتيجية بين السودان وأمريكا.
{ معناه أنك لا تدين هذه العملية؟
- يهود الفلاشا أصلا مشكوك في يهوديتهم، واليهود الأصليون هم اليهود البيض الذين رحلوا من مصر واليمن والعراق والمغرب، وأقول لك إن هناك أسراً سودانية معروفة ولا داعي لذكرها، أصلها يهودي، ما زالت بالسودان، ولكنهم انصهروا في المجتمع وأصبحوا مسلمين، فلماذا نسأل عن يهود جاءوا إلينا (ترانزيت)، ولماذا لم تفتح ملفات يهود المغرب والجزائر والعراق وكل الدول العربية.
{ هؤلاء اليهود الذين تذكرهم نقلوا إلى تل أبيب دون علم أو تنسيق من الحكومات العربية مع أمريكا وإسرائيل، وربما رحلوا بطرقهم الخاصة أو بواسطة منظمات يهودية ساعدتهم؟
- كيف لا تعلم الحكومات العربية وأنت سألتيني كيف تمت عملية تهجير الفلاشا ولم نعلم بها، بالتأكيد كل الحكومات كانت تعلم.
حاورته بالخرطوم - صباح موسى
الاهرام اليوم
-
الصورة لنميري وشارون وخاشقجي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.