بسم الله الرحمن الرحيم حسين الحاج بكار سياسة الإنقاذ التي بنيت على الحرب المستمرة في كل بقاع السودان ولم تسلم منها الدول الأفريقية المجاورة أو دول الاستكبار كما يقولون ، فإن سياسة المعايير المزدوجة خربت علاقات السودان الخارجية حتى في مجلس الأمن ووصف السودان في التاريخ الحديث بدولة الإرهاب ، ولكن هذه السياسة المستعارة من الغرب نفسه جلبت لنا متاعب كثيرة ، أزمة اقتصادية وغلاء معيشة وسياسية خرقاء تتدخل في كل شيء وحرب إعلامية فجة ليس ضد النظام فحسب بل شملت كل سوداني ، فالسوداني غير مرغوب فيه في دول أوربا . حتى العسكر لم يسلموا من التطاول السياسي في زجهم لقتل الأبرياء تحقيقا للمشروع الحضاري الذي يتبناه المؤتمر الوطني ، ولكن الحقيقة ليس هنالك مشروع حضاري أصلا ، بل المشروع الحضاري بدأ السقوط في 9/1/2005م مع اتفاقية نيفاشا ، والسقوط النهائي للمشروع الحضاري في 9/7/2011م فانفصال الجنوب الذي أفرح العنصريون وأغضب الوطنيون سواء كان داخل البلاد أو خارجها هو مخطط بنية مبيته . انفصال الجنوب ليس في ذات التاريخ 2011م ولكن الذي يتمعن في نيفاشا 2005م يعلم أن الجنوب قد ذهب ولم يعد رغم شعار الوحدة الجذابة حيث كانت الوحدة الجذابة هي فرية لإيهام الشعب بأن الجنوب لا يمكن فصله . إلا أنهم لم يستطيعوا أن يكفوا الأصوات النشاز التي كانت تضرب على أوتار الانفصال ، حيث كان الانفصاليون في المؤتمر الوطني وفي الحركة الشعبية هم السبب الحقيقي في ولادة الدولة الحديثة التي أصبحت الآن شوكة حوت في حلق المؤتمر الوطني هم صقور الفتنة من الطرفين نتيجة لابتعادهم عن تحليل المستجدات والمتغيرات السياسية على الساحة الدولية . الظروف المحلية والدولية والإقليمية المحيطة بالدولتين لم تشكل استقرار أو اطمئنان في العلاقة بينهما . فإن السعي لفصل الجنوب كان لا يعلمه الكثيرون ، لذا أعد كل منهم العدة لذلك اليوم المشئوم فإن أيام الله ليس بها مشئوم وإنما كلها بركة ورحمة لعباده ، لكن المشئوم هو الذي تسبب في حزن الشعب السوداني وتناسى تاريخ ألأجداد الذين روت دماءهم الطاهرة تراب الوطن ، فالعبرة ليس في الانفصال وإنما العبرة في تخبط المؤتمر الوطني الفكري حيال المفهوم السياسي لإدارة الأزمات التي أرهقت التاريخ العريق لشعب ذو مآثر اعترف بها الأعداء قبل الأصدقاء ، المهم سقوط هجليج في يد قوات الجنوب يعني سقوط المشروع الحضاري إلى الأبد. والمتأمل للهرج والمرج وسط مدينة المجلد التي تقاطرت إليها الوفود من الخرطوم معلنة النفرة الكبرى والاستعداد لتحرير هجليج إلا أن محلية آبيي عاشت حرب حقيقية بدون عدو فإن أصوات الأعيرة النارية توحي بوقوع معركة حقيقية من خلال شد الأعصاب والهلع الذي أصاب التجار فسوق المجلد والدبب وإغلاق أبوابه تماماً نتيجة للصراع الذي بدأ بتوزيع السلاح والمواتر ثم عدم التنظيم الدقيق الذي عرض سلامة الناس للخطر الداهم من المجهول القادم من خلف الحدود هذا المجهول هو الذي خيم على عقول المجتمع ومستقبل المنطقة المظلم ، حيث أن المجابدة القبلية في توزيع السلاح والمواتر أكدت أن المسألة أو الهدف ليس تحرير هجليج من قوات الجنوب المعتدية وإنما ارتبط الهدف بالحصول على السلاح إذ هجليج بالنسبة للمسيرية لم تكن قضية أساسية ، ولكن الأساس هو كيف إرضاء المؤتمر الوطني بأن القبيلة لديها استعداد أكثر من الأخرى ، وهذا شيء إعلامي فقط فالحقيقة إن الذين جاءوا من الخرطوم لإغراء الشرائح الاجتماعية أو البسطاء بالمال قد ضلوا الطريق ولا سيما بالفرية الجهادية . الوفود لم تستطيع قراءة الواقع السياسي والعسكري الأليم الذي عانت منه المسيرية في تسلسل المعارك من أواخر 2007م – 2008م وحتى 21/5/2011م في آبيي إذ كان كل الذين سقطوا شهداء تركوا من خلفهم أرامل وإيتام لم يجدوا العناية من نظام الإنقاذ وينطبق أيضا هذا على الجرحى والمعاقين ، لذا غياب الرعاية الأبوية ترك ظروف أسرية سيئة لا يحسد عليها ، ومع ذلك وقع المؤتمر الوطني مع الحركة الشعبية اتفاقية أديس أبابا في 22/6/2011م وبموجب هذه الاتفاقية التي أشرف عليها الاتحاد الأفريقي تم سحب الجيش من آبيي الذي تم تحريره من المسيرية بالتضامن مع الجيش ، وظنت إن نظام الإنقاذ لا يستطيع أن يغازلها مرة أخرى ولكن هؤلاء بارعين في أساليب المغازلة إذاً سياسة الإنقاذ التي تكيل بمكيالين في تكريم الشهداء حسب تعبيرهم خلق الضغائن . وجعل عدم الاستعداد لخوض معركة أخرى دون ضمانات وربما ينجم عنها شهداء وجرحي جدد ويكون مصيرهم نفس مصير الذين سبقوهم ، حيث المسيرية الآن محتارة بين أمرين أحلاهما مر . فهي أي المسيرية لا تستطيع أن تغضب نظام الإنقاذ الذي تعتبر أنه قام من بيتها وقاتلت معه في الأدغال والأحراش في الجنوب وحتى اتفاقية نيفاشا التي جاءت مخيبة لأمال المسيرية في آبيي ، فإن برتوكول آبيي كان قنبلة في صدر من أحسنوا للمؤتمر الوطني ولم يكتفي بذلك بل ضحى المؤتمر الوطني بولاية غرب كردفان ودمجها في ولاية جنوب كردفان وهذه أول بادرة أغضبت المسيرية . إذ كان القتال في هجليج لإرضاء الحكومة وبدون إلتزامات ربما تخرج المسيرية من المعركة بدون حمص وهذا جعل المسيرية تتخوف وتتردد في المشاركة لأن القبيلة لا يمكن أن تكون عوضاً عن القوات المسلحة ، نعم هجليج أرض سودانية وتحريرها واجب ولكن ليس على قبيلة لأن الجيش السوداني مآثره وبطولاته لا ينكرها إلى المكابرين وبالتأكيد إذا توفرت الظروف المناسبة والمناخ الجيد لإدارة المعركة فإن الجيش قادر على تحرير هجليج دون قبيلة ، وهنا لدينا مثل يقول "المعضيه ألدابي يخاف من جر الحبل "، ولذلك أبالسة الإنقاذ أصبحوا عديمي الفكر والضمير وكل ما يهمهم البقاء في السلطة بأي شكل من الأشكال. حسين الحاج بكار