بوخارا (نيبال) - براتيبها تولادهار - عندما بدأت ساراسواتي بيسواكارما العمل للمرة الاولى مرشدة رحلات قبل عقد من الزمان ، كان الحمالون ومرشدو الطرق يسخرون منها وتقول بيسواكارما /28 عاما/ والابتسامة تعلو وجهها "كانوا يصرخون في وجهي وأنا أحمل على ظهري أكثر من 10 كيلو جرامات صاعدة بها الجبل "لقد سرقت منا وظيفتنا". نساء نيبال يزاحمن الرجال في مهنة مرشد رحلات كانت بيسواكارما أول سيدة في نيبال - ولا يزلن يمثلن قلة - تمتهن هذه الوظيفة أي دليلة طريق . وهي تعد أيضا واحدة من أربع سيدات فقط صعدن جبل أنابورنا آي في الذي يعد واحدا من أكثر الجبال وعورة في نيبال ،وهناك أكثر من عامل يجعل الصعود إلى هذا الجبل أمرا في غاية الصعوبة. وهي تشرح بدقة المصاعب التي واجهتها قائلة "عندما بدأت العمل لأول مرة تعرضت أسرتي للكثير من الضغوط من جانب أقاربي وجيراني لكي أترك هذه الوظيفة . فالنساء اللاتي يعملن ويسافرن مع أجانب ينظر إليهن على أنهن شخصيات غير سوية ولذا فإن استمراري في هذه الوظيفة لم يكن سهلا". غير أنها نالت تشجيعا من والدها وعمها اللذين يعملان في نفس المهنة وهي تعمل الان لدى شركة شيتراي سيسترز التي توفر لها الاقامة. ومنذ أن تأسست الشركة في 1998 وهي تساعد النساء مثل بيسواكارما ممن يرغبن في الانضمام إلى صناعة إرشاد الرحلات في نيبال وهو نشاط كان يعتبر من الناحية التقليدية مقصورا على الذكور ،وفكرت مؤسسة الشركة لاكي شيتراي /47 عاما/ في توظيف نساء كحمالات ومرشدات لكون أن ذلك سيفتح فرصة تجارية للشركة . وتقول شيتراي " كنت أقوم بإدارة نزل سياحي في أواخرتسعينات القرن الماضي في بوخارا عندما أبلغتني سيدتان أجنبيتان شابتان فور عودتهما من جولة سياحية بأنهما تعرضتا للتحرش الجنسي من قبل مرشديهما الثملين. وأضافت " لقد كانتا لا حول لهما ولا قوة وكانتا تبكيان بالفعل وهو ما جعلني أفكر على الفور في كيفية إيجاد حل للمشكلة". هذه القصة ألهمتني بفكرة إنشاء وكالة لارشاد الطرق تتولى إدارتها نساء لخدمة السائحات فقط . وهداها تفكيرها إلى أن النساء في المناطق الريفية بالبلاد معتادن بالفعل على حمل أشياء ثقيلة يوميا ولذا سيكون من المجدي بالنسبة لهن كسب قوتهن من هذه المهنة ،كما أنهن من أنسب الناس للعمل في هذه المهنة نظرا لدرايتهن الجيدة بدروب المنطقة. وسرعان ما انضمت الاختان ديكي ونيكي لوكالة لاكي . حيث أبدت استعدادهما للعمل كمرشدات رحلات للسائحات في منطقة الهملايا. ولم يكن توظيف المزيد من السيدات سهلا في البداية حيث أن ذلك كان يمثل مفهوما جديدا وكان مرتبطا بوصمة اجتماعية " حسبما تقول نيكي . لكن بالتدريج زاد عدد السيدات اللاتي يرغبن في الاشتغال في هذه المهنة. في1999 شرعت الاختان في تأسيس منظمة غير حكومية تسمى "امباورمينت أوف نيبال وومينز" أي تمكين المرأة النيبالية حيث وفرت التدريب المجاني للسيدات على مهنة إرشاد الرحلات ودرب المركز أكثر من 16 ألف سيدة حتى الان. وتقول نيكي "نقوم بتدريبهن في قاعة محاضرات لمدة شهر ثم يقضين خمسة شهور في الميدان أي في مناطق الطرق وهن يتقاضين مبلغا من المال أثناء فترة التدريب" ،وغالبيتهن يعملن كمرشدات أحرار بينما بعضهن يعملن في وكالة الاختين شيتراي. وهن يتلقين تدريبات في اللياقة البدنية ويتعلمن كيفية استخدام معدات الطرق والعيش في البراري ويتعلمن أيضا لغات أجنبية. تقول لورا أورلتيب وهي متطوعة ألمانية ، تقوم بتدريس اللغة الانجلزية والالمانية للنساء لمدة ستة شهور إن الفائدة متبادلة أيضا "إذ أنني أتعلم كل يوم من تجاربهن" ،الاخوات الثلاث تأثرت مشاعرهن أيضاأثناء سيرهن في القرى النائية بمحنة الاطفال الذين يشتغلون كعمال. لذا كانت خطوتهم التالية هي إنشاء دار للأطفال في 2006 لانقاذهم وإيوائهم. ومعظم الاطفال جرى انقاذهم بمساعدة من منظمة العمل الدولية والمسئولين الحكوميين. ومن بين اللاتي تم انقاذهن سارادا نيبالي /14 عاما/ . كان قريب لها قد باعها لفندق في موستانج في الجبال الواقعة شمال غرب نيبال بألف روبية (13 دولارا) . ويوجد 17 طفلة أخريات مثلها يعشن الان في الدار الذي تديره الاخوات وتم الحاقهن بالمدارس القريبة. كما يستخدم دار الاطفال كمركز لرعاية أطفال المرشدات اللاتي يمكن أن يغبن في العمل لمدة خمسة إلى 12 يوما. وتقول بيسواكارما "أسوأ وقت هو أن تعمل المرشدة ويجئيها الحيض حيث تشعر بألم في الظهر وهو أمر غير مريح يصعب تغييره. لكن عندما يثمن الناس حقيقة أنهن يضارعن الرجال كتف بكتف ويسرن عبر الطرق الوعرة فإن الكثير من تعبهن يختفي فحسب".