تكهنات عديدة صاحبت موعد انعقاد اجتماع مؤسسة الرئاسة الذي طال انتظاره لحسم عدد من المسائل الخلافية العالقة.. فالاجتماع الذي يضم الرئيس البشير ونائبيه الفريق سيلفاكير ميارديت وعلي عثمان هو الذي يفصل عادة في ما عجزت عنه اللجان المشتركة حول أي من القضايا بين الشريكين.. وفي اللحظة التي أعلنت فيها اللجنة الفنية لترسيم الحدود أن النتيجة النهائية لعملها هو الاتفاق على نسبة 80% من ترسم الحدود على الخرط، وفي الوقت الذي عصفت بمفوضية الاستفتاء خلافات حادة بين أعضائها. كان لا بد أن يعقد رجال الدولة الثلاث الاجتماع المهم للنظر في مسائل متصلة مع بعضها البعض يضيق الزمن يوما بعد يوم على حلها، فعقد الاجتماع الأحد الماضي ربما امتثالا لقول الشاعر "فإياك والأمر الذي إن توسعت موارده ضاقت عليك المصادر" .. وبالنظر أيضا إلى طبيعة الأسباب التي أدت لتأخر عقد الاجتماع كانت حسب مصادر (الأخبار) أن تحديد الاجتماع يتم أولا في الخرطوم، ثم يطلع النائب الأول عليه وتؤخذ موافقته للبدء في الترتيبات المتعلقة بإرسال الطائرة الرئاسية وتحديد المسئولين الذين قد يشاركون في الاجتماع، وهو ما لم يتم في الأسابيع الماضية والتي كان يشير فيها عدد من المراقبين لقرب انعقاد الاجتماع. وبالرغم من مشاركة أعضاء نافذين من كلا الحزبين، كصلاح قوش وباقان أموم اللذان أوكلت لهما رئاسة لجنة سياسية مشتركة للبت في القضايا المعرقلة للاستفتاء، إلا أن نتائج الاجتماع لم تكن واضحة لجميع المسائل بحيث تمت إعادة ملف ترسيم الحدود مرة أخرى للجنة للبت فيه، وأكدت أنها ستعين أمين عام مفوضية الاستفتاء - والذي دار خلاف حوله بين الشريكين في الفترة الماضية - وجددت تأكيدها بقيام الاستفتاء في موعده المحدد بصورة حرة ونزيهة. وأمس الأول اجتمع قوش وباقان مع لجنة حكماء أفريقيا لاطلاعهم على نتائج اجتماع مؤسسة الرئاسة وعقدا مؤتمرا صحفيا ببرج الفاتح.. وكان من أبلغ الإعلاميين بوجود اجتماع للجنة المشتركة إعلام مجلس الوزراء والجهة التي يفترض أن ترتب مكان تواجدهم وانتظارهم هي رئاسة الجمهورية، فقامت الجهة الأولى بواجبها إلا أن الثانية لم تفعل وانتظر معظم الصحفيين جلوسا على الأرض، وبعضهم وقوفا في انتظار انتهاء الاجتماع الذي استمر قرابة ساعة أو تزيد.. وإن كان طبيعيا أن يتجاوب باقان مع الصحفيين إلا أن المدهش كان صبر مستشار الرئيس صلاح قوش وطولة باله في التعامل مع الإعلاميين رغم عدم التجهيزات الواضحة التي صاحبت عقد المؤتمر.. فقد تحول المشهد بأن ظل باقان وقوش يقفان انتظارا تارة، ويوافقان بتغيير المكان بناء على رغبة الإعلاميين تارة أخرى، إلى أن بدأ باقان الحديث بتأكيد أن اجتماع الرئاسة الذي انعقد أمّن على قيام الاستفتاء في موعده المحدد واتخذ قرارات بتذليل كافة العقبات التي تواجه الاتفاقية مضيفا أنهم أطلعوا لجنة حكماء أفريقيا على نتائج اجتماعاتهم.. أما قوش فقد زاد على حديث باقان بضرورة أن تسير مفوضية الاستفتاء قدما في المقترح الذي رفعته بتعديل الفترات المقترحة على مراحل الاستفتاء مشيرا إلى أن اللجنة الفنية ستباشر أعمالها بمطابقة الاتفاقيات النظرية على الورق بإنزالها أرض الواقع.. وبدا أن التأكيد على هذه الأشياء دون إضافة تفاصيل كأنه حديثٌ مكرر، إلا أن الأسئلة التي طرحت على الاثنان لفك الحيرة لم تنجح جميعها.. فالمعلوم أن اللجنة الفنية المشتركة اتفقت على نسبة 80% من ترسيم الحدود على الخرط واختلفت في 20% وفشلت المحاولات بينهما في التوافق على أي من تلك المناطق الحدودية خاصة منطقة حفرة النحاس، وأحالت المسألة إلى مؤسسة الرئاسة والتي بدورها شكلت لجنة سياسية مشتركة تقوم بمساعدة الأطراف أي (اللجان) على أداء مهامها ولم تبت في نسبة 20% الخلافية.. إلا أنها وجهت ببدء الترسيم حول الحدود المتفق عليها.. والاجتماع أمّن على ضرورة إنهاء عملية الترسيم قبيل الاستفتاء المقبل، وهو الأمر الذي احتاطت منه الحركة لشعبية بإعلان "أن إجراء الاستفتاء غير مرتبط بالفراغ من الترسيم" وهو ما أكده باقان حينما قال "إن كانت هناك بعض النقاط غير المتفق عليها فيجب أن لا يسبب ذلك خلافات وصراعات بين الشمال والجنوب لكن يجب أن يقود لمفاوضات للوصول إلى اتفاق" مشددا على أن الاستفتاء غير مرتبط بالترسيم صلاحيات قوش وباقان بحل الخلافات كانت مثار سؤال وإن كان ثمة سقف محدد لعملها، الأمر الذي أوضحه باقان أن هناك لجنة فنية لديها مهمة بتحديد الحدود حسب قراءة الخرط للدولة السودانية قبل الاستقلال وقال إن كانت هناك خلافات سترفع لرئاسة الجمهورية واللجنة السياسية ( التي يترأسها هو وقوش) ستساعد على دراسة الموضوع من منظور سياسي وقانوني - بخلاف العملي الفني- لتقديم مقترحات تسهم بإيجاد حلول حول النقاط الخلافية. خلاصة الاجتماع حسب ما أُعلن فيما يخص ترسيم الحدود أن الملف أعيد مجددا للجنة والتي يجب أن تبدأ الترسيم العملي على أن تساعدها اللجنة السياسية المشتركة والتي يبدو أنها ستعيد رفع النقاط الخلافية ذاتها مرة أخرى إلى رئاسة الجمهورية!. الاخبار