محاربة العقد النفسية عملية بسيطة! يجب البدء بتعلّم كيفية حب الذات تمهيداً لاستعادة الثقة بالنفس. لا شك في أن القول أسهل من الفعل. في ما يلي نصائح تساهم في تحقيق هذه المهمة. من المعروف أن الشخص الذي يشعر بأنه معقّد نفسياً بسبب خلل جسدي أو عيب معيّن يتطلع إلى صورة مثالية عن نفسه. نتيجةً لذلك، قد يخسر الفرد تقديره لنفسه لأنه لا يكفّ عن المقارنة بين صورته الحقيقية والصورة المثالية التي يحلم بها. تكمن المشكلة في واقع أن الأشخاص المعقّدين يصبحون مهووسين بعيوبهم ولا يرون في حياتهم إلا تلك العيوب الصغيرة لدرجة أنهم لا ينظرون بعد ذلك إلى نفسهم كأشخاص متكاملين. كذلك، يتصور هؤلاء أن حياتهم ستتحسن في حال غياب ذلك العيب، ما يدفعهم إلى المبالغة في مقاربة مشكلتهم فيُقنعون أنفسهم بأن حالتهم مستعصية. بالنسبة إليهم، قد يصبح العيب الجسدي عائقاً أمام الاندماج الاجتماعي أو النجاح المهني. عندما يصبح الفرد مهووساً بعيوبه، سرعان ما يتناسى التركيز على مزاياه وسماته الإيجابية. كيف يمكن حل هذه المشكلة التي تشكّل عائقاً حقيقياً أمام السعادة والراحة الداخلية في حياة الأشخاص الذين يعانون أمراضاً متعلقة بالنرجسية؟ لمعالجة مشكلة رفض الذات، يجب استعادة احترام الذات في المقام الأول، ذلك عبر الاعتراف بوجود مشكلة. من الضروري أن يبدأ الفرد باستعادة ثقته بنفسه أيضاً. كذلك، يجب أن يتقبّل فكرة أنه شخص عادي وأن الاختلاف ليس عيباً بل ميزة. لكن لا تكون المشكلة مع الذات فحسب بل تتعلق أيضاً بالخوف من نظرة الآخرين ورأيهم. ثمة هوة بين الصورة التي نراها عن أنفسنا والصورة التي يراها الآخرون عنا. لذا من الضروري على الأرجح التحدث مع أشخاص مقربين أو مع طبيب نفسي إذا كانت الحالة متطورة ومؤلمة. تطرح أمراض النرجسية مشكلة حقيقية تؤثر على أشخاص كثيرين. بالتالي، يجب ألا نستخف بها، لا سيما إذا أدت إلى نشوء مختلف أشكال الاكتئاب الذي قد يقود إلى الانتحار. تعلّم حب الذات لا بد من تعلّم حب الذات لتجاوز المشكلة النفسية. من الطبيعي أن يرغب الفرد في إسعاد نفسه، وقد يذهب إلى حد تدليل نفسه وتجميلها وإقامة علاقات عميقة مع الآخرين. عندما يحب الفرد نفسه لهذه الدرجة، قد ينجح في إقامة علاقات صداقة أو حب مع مرور الوقت، لأن هذه العلاقات تساهم بدورها في تعزيز الثقة بالنفس. بعد اكتساب تلك الثقة، يمكن مقاومة المصاعب الناشئة. تكثر حالات الطلاق أو الانفصال مثلاً. إذا كانت الصدمة قوية أو كان الحزن أو الغضب أو الإحباط شديداً، من الأسهل تجاوز هذه المرحلة حين يدرك الفرد المعني أن أسباب تبدّل الوضع في حياته لا يتعلق بشخصيته أو بعيوبه الخاصة. من خلال اكتساب حب الذات، يمكن استعادة الثقة بالنفس بطريقة أسهل من خلال الانطلاق في مغامرات جديدة. يضمن هذا الأمر مكافحة الإحباط وخيبة الأمل ومختلف المشاعر السلبية. نصائح للتحرك والتغيّر! -1 تقبّل العيوب الشخصية: لا شك في أن نشوء العقد النفسية هو مرض متعلق ب{الأنا» العليا. يحب الجميع أن يكونوا من دون عيوب وأن يتمكنوا من السيطرة على كل شيء لتحسين حياتهم. لكنّ الحياة ليست بهذه البساطة لأنها تجلب اللحظات السعيدة والحزينة، فضلاً عن أنّ الكمال ليس جزءاً من هذا العالم. يجب أن نتعلم كيفية الاسترخاء وتقبّل الذات. إنها عملية داخلية يومية وطويلة الأمد. -2 الوثوق بالنفس: يمكن أن يتحدث الفرد المعني بالمشكلة النفسية مع شخص يثق به عن العيب الجسدي الذي يفسد له حياته، ويمكن أن يطلب منه رأيه الصريح وأن يصغي إلى نصائحه بإمعان. كذلك، يمكن أن يستشير جراح تجميل لإيجاد حل للمشكلة إذا كان الأمر ممكناً. أما إذا كانت العقد النفسية تشعره بالإحباط أو الخجل، فمن المفيد أن يستشير الطبيب النفسي. -3 إثبات الذات: يجب أن تكون صادقاً في جميع علاقاتك وأن تتجنب تكذيب الواقع للشعور بالراحة. لا يمكنك أن تقلّد تصرفات الآخرين لأن كل شخص يعبّر عن نفسه بطريقته الخاصة. يجب أن تتقبّل شكلك وأن ترتدي ما يناسبك من دون الالتزام بالصيحات الرائجة. أهم ما في الأمر هو الإصغاء إلى صوتك الداخلي والتعبير عن أفكارك التي تكون مثيرة للاهتمام بقدر أفكار غيرك، ما يسمح لك بإثبات نفسك في محيطك. -4 تحديد الأهداف: ما من حل سحري لهذه المشكلة، بل تحصل عملية الشفاء بطريقة تدريجية. في المقام الأول، يجب أن تحدد أهدافاً واقعية وقابلة للتنفيذ. إذا كانت حياتك صعبة لأنك تعتبر أنفك طويلاً مثلاً، حان الوقت للخضوع لجراحة تجميلية بكل بساطة. وإذا كانت مشكلتك تتعلق بالوزن الزائد، فلا بد من استشارة اختصاصي تغذية لمعرفة الطريقة المناسبة لتنظيم حميتك الغذائية وفقدان الوزن واستعادة التوازن الداخلي. إذا كنت تواجه مشكلة عند التحدث أمام الناس بسبب الخجل المفرط، يمكن الخضوع للعلاج أيضاً بما يضمن تغيير حياتك. باختصار، حل مشاكلك بين يديك! -5 التخلص من مشاعر الخوف: يجب تجنب الاختباء وراء مشاعر الخوف وتعلم كيفية مواجهة الواقع. بدل عزل الذات خوفاً من نظرة الآخرين، من الأفضل تحويل الأمر إلى تحدي. يمكن محاربة المخاوف من خلال تحديها. قد تكون تلك المخاوف مجرد أوهام لا تمت إلى الواقع بِصلة. -6 التحلي بنظرة إيجابية: من المفيد أن ننظر إلى العالم بطريقة إيجابية مهما كانت المشاكل صعبة. سرعان ما تصبح هذه المشاعر طبيعية وتلقائية. يكفي التمرّن على ذلك وسيكون التغيير سريعاً وملحوظاً. على سبيل المثال، بدل التركيز على مشكلة الوزن الزائد أو الخجل أو قلة الثقافة، من الأفضل التركيز على الجوانب الجميلة والإيجابية في الشخصية. -7 اختيار المحيط المناسب: غالباً ما يسيء الشخص الذي لا يقدّر نفسه اختيار محيطه، فيبحث تلقائياً عن أشخاص ينتقدونه من دون توقف. يجب أن تختار الأشخاص الصادقين الذين يتقبلونك كما أنت والذين لا يستمتعون في إحباطك. -8 إعداد لائحة بالمزايا الشخصية: ننصح بتحضير لائحة تشمل مختلف المزايا: حس الفكاهة، الصدق، الذكاء... يمكن تحضير لائحة مماثلة عن المزايا الجسدية: جمال الشعر، الابتسامة، نعومة البشرة... يمكن مراجعة هذه اللوائح عند الشعور بالإحباط. -9 فهم معنى السعادة: ينشغل البعض بالعقد النفسية التي تفسد يومياته، فينسى كيفية الاستمتاع بالحياة ومصادر السعادة. لمحاربة هذه الظاهرة، ننصح بممارسة تمارين التمطط في صباح كل يوم مع رسم ابتسامة على الوجه، ثم اختيار نشاط معين يبث السعادة في النفس (نزهة في الطبيعة، غداء مع صديق مضحك، مشاهدة فيلم كوميدي في السينما، الخضوع لجلسة تدليك...). تكثر الأفكار الممتعة التي تصب في هذه الخانة. سرعان ما يعتاد الفرد على هذا النمط اليومي إلى أن تصبح تلك النشاطات جزءاً من حياته. -10 التعامل مع الآخر بشفافية: يجب الاقتناع بأن أحداً ليس كاملاً. حتى عارضات الأزياء المثاليات يشعرن على الأرجح بالتعاسة بسبب حرمانهنّ من وجبة طعام شهية! ألا تواجه جميع الزوجات أزمات مع الشريك؟ ألا يكون زميل العمل الذي يتباهى بعلاقته الوثيقة مع رب العمل منبوذاً من بقية الموظفين؟ إنها عيّنة صغيرة عن المشاكل اليومية التي تواجه جميع الناس بلا استثناء. إذا لم تقارب وضعك بشفافية وموضوعية، ستصبح نظرتك إلى الآخرين وطريقة تعاملك معهم شائبة أيضاً. لا تفكر بأن العالم كله ضدك! أخيراً، يجب مقاربة المشاكل بطريقة منطقية. يكفي أن تفكر بوجود مصائب هائلة في العالم من حولك لدرجة أن مشاكلك العابرة تبدو سخيفة جداً مقارنةً بها. باختصار، توقف عن المبالغة في تصوير مشاكلك وحاول الاستفادة من الأمور الإيجابية في حياتك!