الطفل الرضيع لا يتفهم موقف الأم ومكانها، فهو فقط يعبر عن احتياجه للحليب بالبكاء في اي زمان كان واي مكان.. في المركبات ومواقف المواصلات وغيرها من الاماكن العامة التي قد تستحي المرأة من ارضاع صغيرها فيها، ليبقي هو معاندا بصراخ بكائه، ومحتجاً على عدم اطعامه، لتظل ظاهرة ارضاع المرأة طفلها في الاماكن العامة غير مستقرة تارة تطفو على السطح وتارة اخرى تخبو.. ويلاحظ كثيرون ممن الذين قابلهم هذا الموقف، الاحتجاج الخافت واستهجان الأمر بصمت لمراعاة ظروف الطفل. وفي كثير من الاحيان يبدي البعض لامبالاة تجاه الأمر، وقد يتكرر المشهد لشخص واحد اكثر من مرة خلال اليوم، بحيث لا تخلو طرقات وسط الخرطوم من إحدى «بنات الشوارع» التي تجلس على رصيف الطريق ترضع صغيرها وهي كاشفة ثديها للمارة، أو تجده في تجمعات زوار المستشفيات من النساء، وهي تجمعات لا يخلو منها أي مستشفى. ويري الذين عاصروا فترات السبعينيات والثمانينيات أن الظاهرة قد قلت كثيراً، حيث كثيرا ما اعتادوا رؤية المرأة المرضعة على متن «اللواري» والقطارات وعلى ارصفة الاسواق، في وقت كانوا فيه لا ينتبهون للأمر من كثرة تكراره، بينما يراه آخرون امراً مستفزاً ومخالفاً لعادات المجتمع التي تجبر المرأة على الخضوع لها. يقول الطبيب معاذ أحمد إن كثيراً من هذه المشاهد صادفته ولم يعرها أدنى اهتمام، فالأمر بحسب وجهة نظره أمر عادي وإن كانت فيه بعض الحساسية التي يتصف بها الرجال، ولكن يلزم الكل مراعاة الطفل الذي يحبذ هو بوصفه طبيباً إرضاعه إذا احتاج للغذاء من ناحية صحية، موضحاً أن هذه الظاهرة قد خفت درجتها كثيراً لجهة انتشار التعليم، كما أن الجيل الحالي من الأمهات فيهن خريجات بدرجة كبيرة، الأمر الذي ساهم في رفع الوعي المجتمعي بصورة كبيرة، وساهم بصورة او بأخرى في تخفيف الظاهرة. الاستاذة أم سلمة حسن ترى أن هذا الأمر ليس فيه ما يعيب، حيث ان طبيعة النساء الخلقية تفرض عليهن هذا، غير أنها عادت لتجعل من هذا الأمر فعلاً غير متحضر إذا تم في مكان عام، مشيرة الى ان القانون لا يمنع المرأة من إرضاع صغيرها في مكان عام، حيث أن القانون هو ما يستند إليه الناس في محاسبتهم لبعضهم. وترى أنه لا يجوز للآخرين الاعتراض على الأمر، موضحة أن الطفل هو المهم في هذه العملية، ولا تستطيع عاطفة الأمومة لدى المرأة تجاوزه أينما كانت في طائرة او سيارة او طريق او موقف مواصلات او غيره، مشيرة الى ان كل الناس كانوا اطفالا قبل ذلك، وكانوا مثل ذلك الطفل الذي ترضعه أمه، الأمر الذي تراه يطعن في استنكار البعض للأمر، كاشفة عن أن كثيراً من النساء يعانين أثناء عملية إرضاع الطفل في مكان عام، التلميحات اللاأخلاقية التي يصدرها البعض، وقالت إن على الرجال استشفاف المضمون المتعلق بالطفل. الصحافة