"قلت: ابتسم يكفي التجهم في السما!" شطر من قصيدة مشهورة للشاعر الراحل إيليا أبو ماضي، والذي لم يكن أول من أشار إلى أهمية الابتسام رغم الألم وضيق الحال، فالموروث الشعبي في جميع الثقافاتِ حافلٌ بأمثلة تنصح بالابتسام في وجه الشدائد، ويبدو أن لهذه الأمثلة بمعناها الحرفي أهمية لا يستهان بها لصحتنا النفسية وفق دراسةٍ حديثة. وأظهرت الدكتورتان تارا كرافت وسارة بريسمان من جامعة كينساس في هذه الدراسة أن الابتسامة خلال مواقف الشدة العابرة تخفف من استجابة الجسم للتوتر، بغض النظر عما إذا كان المرء يشعر بالسعادة فعلاً أم لا. وتذكر كرافت "أشارت الأقوال القديمة قدم الدهر كمقولة ابتسم ودع الانزعاج يمضي، إلى أن الابتسام ليس مجرد مؤشر غير لفظي على مقدار السعادة التي نشعر بها، بل يمكن أن يكون علاجاً شافياً لحالات التوتر التي نعيشها". ويعتبر عمل هاتين الطبيبتين النفسيتين الأول من نوعه الذي يتناول نوعي الابتسامة والاختلاف بينهما في التأثير على التوتر والتغلب عليه، فالابتسامة وفقاً لكرافت وبريسمان نوعان: التقليدية التي تتضمن العضلات حول الفم فقط والحقيقية التي تتضمن العضلات حول الفم والعينين. وفي دراستهما التي ضمت 169 مشتركاً قامت الدكتورتان أولاً بتدريب المشاركين على الابتسام بالطريقتين وعلى إبقاء ملامحهم الوجهية بوضعية محايدة نسبياً، وطلب منهم أن يضعوا أعواد طعام صينية داخل أفواههم بحيث تجبرهم على الابتسام دون أن يشعروا بذلك، وفي الواقع فقد طُلب إلى نصف المشاركين فقط أن يبتسموا. ثم تم إخضاع هؤلاء المشاركين إلى تجارب تعتبر "موترة" حيث طلب منهم أن يتابعوا بيدهم غير المسيطرة انعكاس حركة جسم مضيء مسرع على مرآة، ثم طلب منهم أن يغمروا أيديهم في ماء مثلج. وخلال فترة التجربة احتفظ المشاركون بالأعواد الصينية في أفواههم وقيس نبضهم ودرجة التوتر التي ذكروها خلال قيامهم بهذه النشاطات. وقد وجدت النتائج بأن المشاركين الذين طلب منهم الابتسام وخصوصاً الابتسامة الحقيقية التي تضمنت العضلات حول أفواههم وعيونهم، كان معدل ضربات القلب والتوتر لديهم أخفض من الذين لم يبدو أي تعبير وجهي، كما أن الذين أجبرتهم الأعواد الموضوعة في أفواههم على الابتسام دون أن يشعروا ذلك، انخفضت لديهم مؤشرات التوتر وإن كان بدرجة أقل من الذين ابتسموا واعين لابتساماتهم. تذكر الدكتورة بريسمان "في المرة القادمة عندما ترى نفسك عالقاً في ازدحام السير أو ترزخ تحت وطأة أنماط أخرى من التوتر قد ترغب بأن تجرب تقنية الابتسام، فهي لن تساعدك من ناحية نفسية فقط بل ستحافظ على صحة قلبك أيضاً".(إيفارمانيوز)