دافع الشيخ المصري، هاشم إسلام، الذي عبرت شهرته الحدود إلى الوسائل الإعلامية في معظم القارات منذ دعا إلى "قتل المتظاهرين" العاملين على تنظيم "مليونية" احتجاجية يوم الجمعة المقبل لإسقاط جماعة الإخوان المسلمين، عن فتواه التي أكد أنها لم تصدر بعد وأساء البعض ما ورد في شرحه لها قبل أن تصدر. وحدّث الشيخ هاشم "العربية.نت" عبر الهاتف، الجمعة، عما اعتبروه فتوى، فقال إنها "ليست فتوى بعد، بل سأقوم بإصدارها قريباً بوضوح أكبر". إلا أن ما فهموه مما قاله في برنامج "الحقيقة" للإعلامي المصري وائل الإبراشي، وظهر على "يوتيوب" في فيديو شهير، من أنه يجب قتال المشاركين في المظاهرة ضد جماعة الإخوان في حالة قاتلوهم أو اعتدوا عليهم، أثار حالة غضب شديد واستهجان اجتاحت شبكات التواصل الاجتماعي والسياسيين. وأول المنتفضين على ما قال كانت الدكتورة آمنة نصير، وهي أستاذة العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، فقالت عن فتواه إنها "يجب أن تقنن من الجهة الرسمية التي يتبعها هذا الشيخ". بينما رفض الدكتور عبدالرحمن البر، عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان مفتي الجماعة، تلك الفتوى التي وصفها بالمبالغة الكبيرة، معتبراً أن الأمر "لا يستحق فتوى شرعية"، برأيه. وزوّد الشيخ هاشم "العربية.نت" بملخص بيان أصدره لشرح فتواه، مؤكداً في البداية أنه لا ينتمي لحزب أو تيار "وإنما انتمائي لله تعالى والأزهر الشريف". وأعاد الذاكرة إلى حديث للإمام مسلم يقول فيه: "ومن بايع إماماً فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع، وإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر". وقال: "وصلني أن أناساً بعينهم يخططون لحرق وتدمير وإثارة الفتنة بقوة السلاح خلال المليونية المزعومة (يوم الجمعة المقبل)، خصوصاً على خلفية ما جرى على أرض سيناء من جريمة بشعة، فلن نقبل أن تتكرر تلك الجريمة في نطاق آخر في مصر والقاهرة". وأكد الشيخ حرمة الدماء الخاصة والعامة، ثم شرح ما سمّاه "ثورة الخوارج" بأنهم من يريدون ثورة دموية "فهذه جريمة كبرى وحرابة، كما أن التظاهر السلمي مشروع في الأديان والقوانين، علماً بأن دفع هؤلاء المجرمين ومحاربتهم تكون بواسطة السلطات الحاكمة والمنوطة بذلك وليس من شأن الشعب"، مضيفاً أن الفتوى التي سيصدرها "شخصية تمثل رأيي فقط، فإن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان"، على حد تعبيره. وحملت "مسودة" فتوى الشيخ هاشم آخرين للتعبير عن سخطهم أيضاً، فقد تقدم مجدى حمدان، وهو أمين العمل الجماهيري بحزب الجبهة الديمقراطية، ببلاغ إلى النائب العام ضد الشيخ هاشم. وقال لصحيفة "المصري اليوم"، أمس الخميس، إن فتوى الشيخ هاشم التي وصف فيها الراغبين بالتظاهر في 24 أغسطس المقبل بالخوارج "تثير الفتنة والفوضى في الشارع المصري، خاصة أنها صدرت من عضو بلجنة الفتوى بالأزهر". أما الدكتور أحمد كمال أبوالمجد، وهو فقيه دستوري مصري عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، فصرح بحسب ما نقلت عنه صحف مصرية بأن "ما نشر بشأن تحريم التظاهر يوم 24 أغسطس الحالي واعتبار من يشارك فيه مرتداً ويجب قتله، هو رأي لا أساس له في العقل ولا في الشرع". كذلك أعلن حزب الجبهة الديمقراطية بأنه قد يضطر للمشاركة في مليونية 24 أغسطس لحماية حق التظاهر السلمي والوقوف ضد من يحرّم الخروج على الحاكم، ومواجهة أي اعتداء على المنشآت العامة أو الخاصة. وأورد في بيان أصدره أمس الخميس واطلعت عليه "العربية.نت" أنه يرفض فتاوى التكفير وإهدار دماء من يشارك في مظاهرات 24 أغسطس، وأيضاً التهديدات التي أطلقتها قيادات في جماعة الإخوان باعتقال من يتظاهر يوم الجمعة المقبل، باعتبار أن هذه الدعاوى "هي تهديد لأحد أهم مكتسبات ثورة 25 يناير، وهو حق التظاهر السلمي، والشعب المصري لن يقبل العودة مرة أخرى إلى القمع الذي عانى منه عقوداً في ظل النظام السابق". الأزهر ينفي عضوية مفتي قتل المتظاهرين بلجنة الفتوى مجمع البحوث الإسلامية أكد أن الشيخ هاشم إسلام مجرد واعظ وقرر تحويله للتحقيق أعلن مجمع البحوث الإسلامية، أعلى الهيئات بالأزهر، أن الشيخ هاشم إسلام صاحب فتوى قتل المتظاهرين ضد جماعة الإخوان المسلمين يوم الرابع والعشرين من الشهر الجاري، ليس عضواً تابعاً له، كما نفى المجمع عضويته بلجنة الفتوى بالأزهر، مقرراً إحالته للتحقيق لخروجه على مقتضى وظيفته كواعظ ينتسب للأزهر. وأعرب المجمع في بيان صادر له عن غضبه مما أثير في وسائل الإعلام بخصوص فتوى إباحة دم من يخرج في مظاهرة يوم 24/8/2012 ضد رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي، ونسبة تلك الفتوى إلى الشيخ هاشم إسلام، وذكر صفته الوظيفية بأنه عضو بلجنة الفتوى بالأزهر رغم أن حقيقة وظيفته أنه مجرد واعظ بالدقهلية وليس عضواً بلجنة الفتوى بالأزهر كما ادعى. وتابعت أمانة البحوث الإسلامية في بيانها "إن الإسلام يحرم إراقة دماء الناس والمساس بأموالهم وأعراضهم، فهي معصومة ومحفوظة بنصوص الكتاب والسنة، وأن ما صدر من فتوى يعبر عن رأي قائلها، وهو مسؤول عنها مسؤولية قانونية، لمخالفتها النصوص الصريحة من الكتاب والسنة". وفي تطور متصل، أدانت الجبهة المصرية للدفاع عن القوات المسلحة الداعية لمليونية الرابع والعشرين تحت عنوان "اغضب يا مصري" فتوى الشيخ إسلام، معتبرة أنها بمثابة جناية تحريض على القتل، وسعي من إسلام إلى منافقة النظام طمعاً في ميزة أو منصب، أو مغازلة الإخوان بفتوى شاذة. وأوضح المهندس نبيل نعيم زعيم الجهاديين بمصر، أن تلك الفتاوى بمثابة شذوذ في الرأي، حيث لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس والثيب الزاني والتارك لدينه المفارق للجماعة، وبالتالي يجب على الإخوان المسلمين التصدي لتلك المحاولات الخارجة عن أصول الفكر الإسلامي. وفي السياق ذاته، استنكر ائتلاف أقباط مصر فتوى إسلام، معتبراً إياها دعوة للقتل باسم الدين وتفصيل فتاوى تليق بالحاكم، وتكميماً للأفواه في المطالبة بالتغيير حتى ولو باستباحة الدم المصري، بما يتنافى مع مبادئ ثورة يناير التي اندلعت من أجل الحرية، وكسر القمع على حرية التعبير عن الآراء والرغبات التي كفلها القانون. العربية