كثير من العرب خاب ظنهم في أوباما لكنهم ما زالوا يفضلونه على رومني الذي يرونه أقرب إلى إسرائيل (الفرنسية) يعتقد كثيرون في الشرق الأوسط أن الرئيس الأميركي باراك أوباما لم يف بوعوده باتباع نهج جديد في المنطقة، لكنهم ما زالوا يفضلونه على المرشح الجمهوري مت رومني، الذي يرونه شديد القرب من إسرائيل، وشديد الرغبة في استعراض القوة العسكرية الأميركية. وأيا كان الفائز في انتخابات الرئاسة، فإنه سيواجه مجموعة من القضايا الإقليمية المعقدة، فالقوى العالمية منقسمة بشأن الصراع في سوريا، وهناك الطموحات النووية الإيرانية وعملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية المتوقفة. وزاد من التحدي أن المفهوم السائد في الشرق الأوسط عن تراجع النفوذ الأميركي تعزز بعد انتفاضات الربيع العربي التي أطاحت بحكام مستبدين كانوا حلفاء لواشنطن، وتولي إسلاميين الحكم بدلهم. وتحدث حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة –حيث ألقى أوباما خطابه في مطلع فترته الرئاسية- عن "بداية جديدة" بين أميركا والمسلمين، قائلا "أنا شخصيا بين من أصيبوا بخيبة أمل شديدة من أوباما" الذي قال إنه يفضله رغم ذلك على رومني. وأضاف "لا أقدر على الإطلاق اليمين.. بسبب تفضيلهم لاستخدام القوة العسكرية الشديدة". أميركا والربيع تغير الكثير في منطقة الشرق الأوسط خلال ولاية أوباما الأولى، لكن انتفاضات "الربيع العربي" التي أطاحت بقادة حكموا طويلا في تونس ومصر واليمن وليبيا كان الدافع وراءها الشارع لا السياسة الأميركية، وإنْ ساعدت طائرات أميركية وأوروبية مقاتلي المعارضة في ليبيا. وانتقد بعض النشطاء المصريين إدارة أوباما لبطئها في تبني التغيير. وقال محمد عادل المتحدث باسم حركة 6 أبريل -وهي إحدى الفصائل الأساسية في الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس المصري المخلوع حسني مبارك في 2011 بعد أن قضى ثلاثين عاما في السلطة- إن "الإدارة الأميركية لم تقم بدور كامل لنصرة الثورة المصرية". لكنه قال إن رومني ليس بديلا جذابا لأنه أكثر "عدوانية"، وتحدث عن تهديدات الجمهوريين في ما يتعلق بالمساعدات لمصر خلال احتجاجات سبتمبر/أيلول عند السفارة الأميركية على فيلم مسيء إلى الإسلام. رومني وبوش واتهم رومني أوباما بأنه ممثل ضعيف للقوة الأميركية، ووعد -بين أشياء أخرى- بتعزيز وجود البحرية الأميركية في الشرق الأوسط، وبأن يكون صديقا أفضل لإسرائيل، التي لم يزرها أوباما خلال ولايته الأولى. هذه النبرة تعيد للأذهان في المنطقة سياسات الرئيس السابق جورج بوش الابن الذي يمقته عرب كثيرون لقيادته غزو العراق. وبينما كان العرب يتابعون آخر مناظرة بين المرشحيْن، قال أحد المشاهدين -ويدعى أحمد زكي- عن رومني على تويتر، إنه لا يختلف كثيرا عن بوش. لكن كلا المرشحين جعلا المفاوضة الفلسطينية المخضرمة حنان عشراوي تشعر بخيبة من المناظرة، التي أشير فيها إلى إسرائيل أكثر من ثلاثين مرة، ولم يشر للفلسطينيين إلا بشكل عابر. وقالت عشراوي إن المرشحيْن كانا يتنافسان على من هو "أكثر ولاء لإسرائيل". وأغضب رومني الفلسطينيين هذا العام عندما لمح إلى أنهم يفتقرون إلى الثقافة التي جعلت إسرائيل تزدهر اقتصاديا، متجاهلا المشكلات التي سببها الاحتلال لهم. كما أشار إلى القدس باعتبارها عاصمة إسرائيل وهو ما تقوله حكومة تل أبيب، بما في ذلك شطر المدينة الشرقي الذي احتلته إسرائيل في 1967. ولا تعترف المجموعة الدولية بضم إسرائيل الشطر الشرقي الذي يريده الفلسطينيون عاصمة لدولتهم المستقبلية. لكن ليس هناك حماس كبير في المنطقة لأوباما الذي تعهد في خطاب بالقاهرة بدعم دولة فلسطينية تبدو الآن احتمالا بعيدا أكثر من أي وقت مضى. وبالنسبة للبعض كفراس القيسي -وهو عراقي في الخامسة والأربعين، ويعمل في متجر ببغداد- فإنه لن يُحدث أي من المرشحيْن فرقا حقيقيا. أوباما والعراق وقال القيسي "انظروا للقضية الفلسطينية، ليس هناك تغيير في السياسة الأميركية منذ 1948، لكن الكثير من الرؤساء يأتون ويذهبون". ومع ذلك فإن العراق مكان ترك فيه أوباما أثره بسحبه القوات الأميركية من هناك، وهي خطوة يراها رومني متسرعة. وتقول النائبة العراقية الكردية آلاء السعدون "لو كان الجمهوريون مستمرين في الحكم فلا أتوقع أنهم سينسحبون" من العراق. ومع ذلك وحتى مع انتهاء هذا التدخل العسكري، فقد أمر أوباما –في خطوة أيدها رومني- بأن تقتل طائرات أميركية بلا طيار "متشددين" في اليمن وباكستان، مما أغضب كثيرين في المنطقة. هذا التوافق يجعل بعض الإيرانيين -الذين يعاني اقتصادهم العقوبات الأميركية والدولية بسبب البرنامج النووي- يشعرون بأن لا فائدة من المفاضلة بين المرشحيْن. وقال محمد مراندي -من جامعة طهران، في مكالمة هاتفية- "ليس هناك ما يمكن لرومني القيام به لم يكن أوباما قد سبقه بفعله". وفي مقال يحمل النبرة ذاتها، تساءلت وكالة فارس للأنباء "هل ستوجه الضربة (إلى إيران) عن طريق قبضة في قفاز مخملي أم عن طريق مطرقة توجه مباشرة للجمجمة؟". الأزمة السورية ومع تشديد العقوبات على إيران، تزايدت حدة الصراع بين سوريا من جهة والولاياتالمتحدة وحلفائها الغربيين. ورغم خلاف الغرب مع روسيا والصين بشأن ما يمكن فعله لإنهاء الصراع، لم تدع أي من القوى إلى تدخل عسكري مباشر. وقال رومني هذا الشهر إنه سيجد عناصر في سوريا تربطهم قيم مشتركة مع الولاياتالمتحدة، وسيعمل على حصولهم على السلاح اللازم لهزيمة نظام بشار الأسد، بينما تقول إدارة أوباما إنها تقدم الدعم اللوجستي لمقاتلي المعارضة لكنها أحجمت عن تقديم السلاح. وربما تُحدث الأزمة المتعلقة بسوريا وانتفاضاتُ الربيع العربي -التي منحت السياسات العربية الحيوية- تغييرا في الموقف من الولاياتالمتحدة التي ظل ينظر إليها لسنوات على أنها الطرف الوحيد الذي له الثقل الكافي لإحداث فرق في المنطقة. وقال شادي حميد -من معهد بروكنغز/ الدوحة- إن "هناك شعورا بأن الولاياتالمتحدة لم تعد بالأهمية التي كانت عليها يوما ما، ومن أسباب ذلك أيضا أن الربيع العربي ساعد العرب في الابتعاد عن التركيز الملح على الولاياتالمتحدة". وعبر جمال -وهو حارس أمن مصري عمره 70 عاما- عن الفكرة ذاتها، قائلا "لا أتوقع أي تغيير من الأميركيين تجاهنا. علينا أن نغير أنفسنا بأنفسنا".