زمن الصناعة الجميل في السودان ولي بأمر الإنقاذ عشان خاطر سواد عيون ناس تستورد الشوكولاتة وتمسح عشش فلاتة . وعلي أيام الماكينات التي كانت تدور لتحرك عجلة الإقتصاد ، كانت هنالك دعاية في التلفزيون الرسمي تقول ( باتا يفهم الأحذية ) ، والأحذية نفسها صنعت من جلود سودانية بأيدي سودانية . ولأن باتا فهمت الأحذية لحقت ( امات طه ) ، ولحقت بها مصانع النسيج والأغذية بما فيها مصنع بابنوسة للبن المجفف . أما اللبن ( المزيود موية ) فسعر الرطل الواحد يساوي اتنين ونص جنيه قابل للزيادة . والخروف السوداني الحايم بي كرعيه من نيالا للخرطوم عندما يعلق في الجزارة يباع الكيلو الواحد منه ب 45 جنيه . وكيلو السكر ( المسيخ ) من مصانع سكر محلية يباع الآن ب 7 جنيه في معظم نواحي السودان . ورطل الشاي وصل إلي 20 جنيه في أقاليم السودان الفقيرة . والرغيفة وزن الريشة ب 30 قرش ( تتلحس ) في دقيقة ونص . والزيت قدر ظروفك ( الجغمة ) الواحدة منه بي واحد جنيه . والبصلتين بي واحد جنيه ، وكيس الفحم عبوة خمسة فحمات بي جنيه ونص . والمواصلات غالية ، والعلاج بي قروش والكلام دخل الحوش . وتمن وجبة واحدة في اليوم – يعني صحن واحد - لأي أسرة من دون أي سلطة تكلف 30 جنيه قابلة للزيادة ، ومعناها 900 جنيه في الشهر . ويصرف العامل 270 جنيه في الشهر لأن الحكومة ما عايزة تزيد المواهي ، وهي ثمن 9 وجبات من 30 وجبة . ويشتغل ( اوفر تايم ) لما تجيهو سوء تغذية ما يلقي 100 جنيه زيادة . ويسوق رقشة جارو ( شدة ) بعد عشرة بالليل ، عشان حق فطور العيال ومواصلات المدرسة . وفي ناحية أخري من المدينة ، يصرف سادن من شباك الصراف 40 ألف جنيه في الشهر ، ومخصصات مجلس إدارة 8 ألف جنيه ، وبدل سكن ورفاهية ونثرية 10 ألف في الشهر طبعا والجملة 58 ألف جنيه بواقع 1933 جنيه في اليوم . ولا يشتغل التنابلة الأوفر تايم ولا يسوقون الرقشة ولا يحزنون ، لكنهم لا يوقعون علي أي ورقة إلا بعد استلام الرشوة ، ويسترزقون من العطاءات ولجان المشتروات . ومن خلف كرسي المكتب يعلقون الآيات القرآنية ، ولا يتورعون عن إمامة المصلين عند كل صلاة . ثم يجتمعون وينفضون ، ويملأون الدنيا ضجيجاً عن التقشف ونقص الأموال العامة ، والاستهداف الخارجي والتحديات الأمنية . وفي الأمسيات يتحلقون حول موائد الطعام الفارهة ويحكون عن مغامراتهم مع الجنس الآخر . هؤلاء هم أصحاب المشروع الحضاري ، في المدن والبراري . اكنسوهم وامسحوهم ولا تنسوا أن تشوتوا ( ضفاري ) ولا ترهبكم السواري ولا قانون الطواري . الميدان