بروفيسر / نبيل حامد حسن بشير وصلتني معلومة مؤكدة من مدينة كوستى بأن جميع التجار الذين يتاجرون في السمك المجفف المعروف باسم الكجيك بتلك المنطقة والولايات الجنوبية، خاصة المجاورة لها يستخدمون مبيد السيفين ، وعلى وجه الخصوص الصيني منه، في معاملة الكجيك لمكافحة الآفات التي تهاجمه أثناء التخزين، وعلى ما أعتقد أنهم يقصدون مكافحة دودة الجلود المعروفة علميا باسم (لاسيوديرما) التابعة لرتبة غمديه الأجنحة التي تضم الخنافس و الجعارين والسوس. الكجيك ينتج ويتوفر بالنيل الأبيض وكل ولايات الجنوب حيث لا توجد طريقة لتسويق السمك طازجا لضعف التسويق فيقوم الصائدون بتجفيفه في الهواء الطلق ثم يخزن ويباع ويستهلكون منهم ما يكفى حاجاتهم. الكمية المنتجة من الكجيك تقدر بآلاف الأطنان، ويستخدم كما هو في شكل قطع صغيرة أو بعد تحويله إلى مسحوق يضاف للطبخة كبديل للحم غالى الثمن على الفقراء وكمصدر بروتيني غني بالأحماض الأمينية الرئيسية والضرورية لتغذية الإنسان. كما انتشر استخدامه داخل العاصمة القومية فى الأحياء الفقيرة والطرفية بديلا للحم ولشوربة الماجى التى ارتفع ثمنها كثيرا. كما أن هنالك بعض من مزارع الدواجن تستخدمه في العلائق كمصدر متكامل للبروتينات بعد تعقيمه من البكتريا. السيفين اسم تجارى لمركب كيماوي يعرف بالاسم العام (كارباريل) وهو مسجل في السودان لمكافحة آفات المحاصيل الحقلية وبعض الخضروات. في الدول الأخرى يستخدم لمكافحة آفات حظائر الدواجن والحلم ( هيم الجداد). هذا المركب حاليا لا يستخدم في الدول المتقدمة إلا بعد الحصول على روشتة من الطبيب نظرا لخطورته على المديين القصير والطويل. مركبات الكاربامات هذه من المركبات التى صممت لتهاجم الجهاز العصبي ، خاصة إنزيم الأسيتايل كولين استريز، كما يهاجم جميع أنواع الاستريزات التى توجد بالجهاز العصبي والدم و السيروم. يقع فى هذه المجموعة أخطر السموم مثل التيميك (الديكارب) واللانيت (ميثوميل) التى تقتل بجرعات أقل من 1 مجم من المبيد لكل كجم من وزن الجسم. الشئ الغائب عن أذهان المستخدمين لمركبات مجموعة الكاربامات بصفة عامة أن هذه المركبات العديد منها يسبب أمراض بالعيون، وبعضها يتسبب في تثبيط جهاز المناعة . كما وجد أن هنالك تثبيط لبعض الإنزيمات الهامة وزيادة في المادة الوراثية المعروفة ب (دى ان أيه (DNA و(أر ان ايه (RNA ، وهى ظاهرة من الخطورة بمكان، وزيادة كريات الدم وهورمون السيروتونين (اضطرابات هورمونية). بعض مركبات المجموعة يشتبه بأنه مسبب للسرطانات، خاصة وأن العديد منها يحتوى على فينولات ونافثولات. كما علمت بأنه بإحدى قرى النيل الأبيض بجوار الطويلة قد ظهرت ثلاث حالات من السرطانات خلال الأسابيع الماضية. قمت بإبلاغ مكتب تسجيل المبيدات بوقاية النباتات المركزية لعرض الأمر على الاجتماع القادم للمجلس القومي للمبيدات ومنتجات مكافحة الآفات حتى يكون ضمن أجندتهم حتى يتدارسوا الأمر ويوقفوا تلك الممارسات. سبق هؤلاء أيضا تجار ومزارعي الشمالية في معاملة التمور المختلفة والفول المصري بمبيد اللندين المعروف للعامة باسم الجاماكسين لمكافحة آفات الحبوب المخزونة. هذه المركبات شديدة الثبات ولا تذوب في الماء (أي أن الغسيل لا يجدي) وشديدة الذوبان في الدهون (أي أنها تخزن في أجسامنا في الدهون). كما أنها سموم تهاجم الجهاز العصبي. الغريب في الأمر أن هذا المبيد غير متوفر في السودان منذ فترة طويلة. يبدو أن التهريب يلعب دورا أساسيا في دخوله إلى البلاد يا ناس الجمارك. كما نما إلى علمي أيضا أن بعض الذين يدعون المعرفة بالمبيدات هم من قام بالتوصية لهؤلاء المزارعين والتجار وتجار الكجيك باستخدام هذه المبيدات. هنا مكمن الخطورة. عندما أسسنا لقسم (المبيدات والسميات) بجامعة الجزيرة كأول قسم من نوعه في الجامعات السودانية (1997) قصدنا أن نسميه المبيدات والسميات حيث أن معرفة السودانيين بالسموم ضعيفة جدا. كما لا توجد كليات بأفريقيا والشرق الأوسط تمنح درجة البكالوريوس في علوم السموم. لذا وجدنا أنه من الضرورة أن نتميز ونوفر لهذا البلد المعطاء نوعية متفردة من الخريجين في هذا المجال متدرجين من درجة بكالوريوس الشرف والدبلوم فوق الجامعي والماجستير والدكتوراه. نحمد الله أننا نجحنا في ذلك ووفرنا منهم عشر دفعات للعمل بالجامعات والهيئات البحثية و المواصفات والبحث الجنائي والجودة والبيئة وغيرها. هدفنا الأساسي هو حماية المواطن من السموم و تبصرته بها ومنع (الفتوى) دون وجود خلفية علمية كافية لذلك. لكن لازال يوجد من يقدم فتوى في أشياء خطرة جدا إن لم تقتل فهي تسبب سرطانات أو حالات إجهاض أو فشل كلوى ، اضطرابات هورمونية أو الموت!!!! هل يرضيكم ذلك يا مجلس المبيدات ومنتجات مكافحة الآفات؟ نتمنى أن يصدر منكم بيان بهذا الشأن بعد أن تعقدوا اجتماعكم القادم والا سنتابع الكتابة فى هذا الأمر حتى نحد من مثل هذه الممارسات التى هى من صميم عملكم. قسم المبيدات والسميات جامعة الجزيرة
