خبر اعتقال الخلية الإرهابية في الإمارات والسعودية قد يصدم المتابع السياسي ولكنه لا يفاجئه. الخبر يصدمك لأن في بلد الأمان والرخاء يمكن أن نجد من يغويه شيطانه على تبني الفكر الإرهابي ويحاول أن يستخدم بيئة التسامح والرفاهية في عمل ينال من وطنه ومن دول الجوار. لكن الخبر لا يفاجئك إذا نظرت إلى العقلية التي تسير الإرهابيين والخلفيات الفكرية والعقائدية والسياسية التي تدفعهم إلى الضياع في متاهة الفكر الإرهابي. لا يستطيع المرء إلا أن يربط بين الأخوان والإرهاب على الرغم من مساعيهم المستميتة بالظهور بمظهر البريء المسالم. لا نريد هنا أن نسترجع التاريخ لنقول أن قادة القاعدة بالمطلق كانوا جميعا من الأخوان. هذه حقيقة يعرفها الجميع. لكن ما نريد أن نؤكد عليه هي تلك الرابطة بين الفكر الأخواني والعمل الإرهابي. الإرهابي التقليدي يلجأ إلى العنف والدم كتعبيرين عن حالة نفسية من الانفصام عن النظرة الإيجابية للمجتمع. الإرهابي الذي يفجر نفسه يكون قد وصل إلى مرحلة من الإعداد العقلي والنفسي يصبح بعدها أداة في يد القاعدة. ولكن كيف وصل إلى تلك الحالة النفسية؟ لا يوجد قفز بين حالة تنقل المواطن المسالم إلى أن يصبح إرهابيا قاتلا. ثمة فترة طويلة من الإعداد والتهيئة النفسية. وهذه الفترة، على الرغم من كل ما يروج في أنها تتم في المغارات والكهوف، إلا أنها في الحقيقة تتم في المدينة والقرية وربما أقرب إلينا مما نتصور. الواعظ الأخواني الذي يتخفى في ثياب الإصلاح هو المسؤول عن انحراف الإرهابيين في مراحل لاحقة. فتنظيم الأخوان هو أول من يزرع بذرة الفتنة والكراهية وانعدام التسامح في نفس الشاب الطرية. يغذيها حقدا وانسلاخا عن الواقع ورغبة في التجييش ضد المجتمع الذي ينتمي إليه. في مجتمع مثل الإمارات، لا يستطيع الحقد الأخواني أن يظهر للعيان بسهولة. لكننا رأينا منه ما يكفي في ساحات مصر وتونس، وقرأنا أيضا ما يجول في صدور الأخوان ضد مجتمعنا المسالم من خلال تغرديات على تويتر يطلقها أخوان في الإمارات أو الخليج أو ممن كلفهم التنظيم العالمي من أخوان مصريين وفلسطينيين أو أردنيين ليقوموا بزرع الفتنة. يستلم أصحاب الفكر الإرهابي العضو الأخواني شبه جاهز. مارس الأخوان عليه ما يستطيعون فعله من عمليات تغذية للأحقاد والفتنة وغسيل دماغ ضد المجتمع. يسلمون العضو وقد أدوا 80% أو أكثر من مهمة الإعداد للإرهابي القادم. ما يفعله تنظيم مثل القاعدة هو أن يوجه دفعة صغيرة إلى الأخواني السابق/الإرهابي القادم نحو تغيير آليات العمل من التحريض وتفكيك المجتمعات إلى التفجير والقتل بأية حجة وعذر. القاعدة هي الصف النهائي في جامعة التشدد والمغالاة التي أسسها الأخوان منذ سنوات طويلة ووضعوا عليها يافطات الإصلاح والعمل السياسي الكاذبة. أجهزة الأمن قامت مشكورة بدورها واستبقت فعل الخلية الإرهابية واعتقلت أعضاءها. لكن علينا جميعا مسؤولية اجتماعية كبرى في استباق الفعل الأخواني لدى الشعوب ومحاربة فكرهم الذي نعرف إلى أين يقودنا. نار الإرهاب تحرق الأخضر واليابس وسرعان ما تمتد إلى أبعد من المناطق التي اندلعت منها. ولهذا فأن الوعي بخطر الإرهاب القاعدي يجب أن يترافق مع الوعي بخطر التمهيد الأخواني. هذه الحقيقة، وهي تمسنا اليوم في الخليج ولا تتجول في كهوف تورا بورا أو في أسواق العراق أو بين صخور سيناء، يجب أن تكون حاضرة في الدول التي تروج للفكر الأخواني وتنفق عليه الأموال الطائلة وتوفر له المنابر الإعلامية، وهنا على بعد خطوات من موقع الخلية الإرهابية وليس بعيدا عن أرض الإمارات والسعودية. هذه دعوة للرد بالعقل والحكمة والحجة: فلنخرج أولادنا المغرر بهم من مدارس الفكر الأخواني "الابتدائية" قبل أن نجدهم خريجين من "جامعة" إرهاب القاعدة. حمد المزروعي ميدل ايست أونلاين