أظنك تتذكر يوم أن وقفت في الطابور الصباحي صبيحة إحتفاللات الكلية الحربية بتخريجكم كضابط حربي أقسم ان يفدي خريطة السودان ويدافع عنها بروحه و دمه برا وبحرا و جوا!! والخريطة يا سعادة الملازم تمتد من نمولي جنوبا و حتي حلفا شمالا و من بورتسودان شرقا و حتي الجنينة غربا ومساحتها الكلية مليون ميل مربع و يلعب في بواديها منقو زمبيري في آنزارا و صديق عبدالرحيم في القولد و محمد الفضل في بابنوسة وتطرزها أغنيات و دالقرشي وحنجرة عثمان الشفيع مغردة بأن يا الفي الجنوب حي الشمال و يا الفي الغروب هات لحن قال قال!! ويتوسطها عبدالمنعم عبدالحي الشلكاوي وهو يلهث ويغني أنا ام درمان و علي إبن الجنوب ضميت ضلوعي!!! حيكومات تجي و حيكوات تمر!! فجئت إنت و أصبحت مشيرا يا سعادة الملازم!! فأغمض عينيك و عاين ببصيرتك لهه الخريطة!! فهل هي ذات الخريطة التي أقسمت ان تحميها برا و بحرا و جوا?? لا تشيح و جهك عنها و أنظر إليها و تساءل في ندم لماذا صارت أشبه بشرموط مشرور علي حبل عاشميق بائس ?? أين عمقها الإفريقي والذي كان مفخرة لآباء الإستقلال وشعراء الغابة و الصحراء?? أنظر إليها جيدا وتساءل لماذا تنزف دما زعافا و تتقيح صديدا من جميع أطرافها بل ومن سويداء فؤادها?? ألم تستلمها من الأجداد كما صحن الصيني الأبيض لا به طق و لا شق?? سعادة الملازم! إن! إنت ! إنتحر !