الاعتراف الذي أكده النائب الاول لرئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه خلال زيارته الي ولاية الجزيرة أمس الأول والتي دشن من خلالها عدد من المشروعات الخدمية اعترافه بوجود أخطاء صاحبت قانون مشروع الجزيرة لسنة 2005 ما يتطلب المراجعة والتصحيح بموضوعية وتحت الاضواء الكاشفة ومطالبته لأهل وأبناء الولاية والباحثين والزراعيين وغيرهم بإعداد المقترحات اللازمة لإصلاح حال المشروع ورفع الانتاج والانتاجية. ظهر هذا الاعتراف بالخطأ (غريب) من حيث التوقيت والمناسبة لجملة من الأسباب نستعرض في هذه المساحة بعض منها أولاً: إن الحكومة كانت تعلم تماماً ومنذ نحو تسعة أعوام تحديداً قبل إجازة القانون الكارثي بمشروع الجزيرة لسنة 2005 الذي قضي علي الأخضر واليابس بالجزيرة الخضراء والتي كان يغني لها أبناؤها (من قلب الجزيرة ومن أرض المحنة ) وكذلك (في الجزيرة نزرع نتيرب قطنا) ثم أغاني الراحل (عود الصندل)الفنان مصطفي سيد احمد (طوريتك مجدوعة ومرمية) كانت الحكومة تدرك بأن هذا القانون سيحطم شيخ المشاريع الزراعية الذي كان يمثل أحد أعمدة الاقتصاد القومي وهو من أكبر المشاريع المروية بالبلاد حيث تبلغ مساحته أكثر من اثنين مليون فدان. وبه حوالي 130 الف مزارع حيث كان المشروع العملاق يروي إنسيابياً من خزان سنار علي النيل الأزرق عبر ترعتين رئيستين تتفرع في شكل هندسي تغطي كافة أرجاء المشروع الذي ينقسم إلى 18 وحدة إدارية تسمي قسماً، منها عشرة أقسام بالجزيرة وثمانية بالمناقل ويتكون كل قسم من وحدات أصغر تسمي منطقة ري ويبلغ عددها 114 مشروع الجزيرة كانت به أيضاً بنيات تحتية ضخمة ويمتلك المشروع قبل أن يطاله (سيف الخصخصة) حوالي 14 محلج موزعة علي ثلاثة مواقع مارنجان الحصاحيصا الباقير بطاقة حليجية يومية تقدر ب750 طن إلى جانب امتلاكه لأسطول من الجرارات والآلات الزراعية الملحقة لإعداد الأرض والزراعة بالآلة وفتح القنوات وتطبيق العمليات الفلاحية المختلفة ( نثر السماد – تطبيق مبيد الحشائش – الطراد الأخضر) كما كان شيخ المشاريع الزراعية يمتلك عدد كبير من مستودعات التخزين برئاسة المشروع وعلي مستوي المناطق والأقسام ومناطق الري بسعة تخزينية قدرها 2.5 مليون طن.(كل ذلك كان في الزمن السمح )حيث كانت الجزيرة تشتعل(قطناً وقمحاً)وكانت وقتها الدورة الزراعية تمر بعدة تغيرت لتواكب متطلبات الاسواق وتستوعب المحاصيل الجديدة في التركيبة المحصولية حيث تم تطبيق الدورة الثلاثية والرباعية حتي جاءت (الإنقاذ)والتي طبقت الدورة الخماسية. ثم إجازة قانون 2005 الذي أحال الأراضي الزراعية بالمشروع إلى (كشكول)وقام بتغيير الخفراء أصحاب الشالات الخضراء براوبط مستخدمي المياه وغيرها ثم جاءت النفرة الخضراء التي وصفها المزارعون (بالنفخة) ومن ثم النهضة الزراعية والحال في حالوا. وقبيل إجازة القانون الكارثي نظمنا في صحيفتنا الأيام ندوة كانت بعنوان(قانون مشروع الجزيرة بين الرفض والقبول) دعينا لها كافة أهل المصلحة بالمشروع من مزارعين وملاك أراضي وخبراء زراعيين واتحاد المزارعين وغيرهم ونشرنا تلك الندوة في حوالي سبعة حلقات في (الأيام) لكن لا حياة لمن تنادي واليوم وبعد مرور كل هذه السنوات عادت الحكومة للاعتراف بما قالته (الأيام) وقتها لكن بعد (خراب الجزيرة) هذا الخراب النموذج الصارخ له نتابعه في الاتي: بيع وتشليع الهندسة الزراعية – السكك الحديدية – المحالج – المخازن – المنازل – مصنع الملكية وقوز كبرو – الدكاكين – المخازن وغيرها من أصول المشروع .التي شيدت من عرق ودماء وجهد المزارعين حتي أصاب المشروع الشلل التام، وخروج السودان والمشروع من سوق الأقطان العالمي وتقلص المساحات المزروعة بالمحصول سنوياً بشكل كبير حتي بلغت العام الحالي نحو 37 ألف فدان فقط. وفي القسم الشمالي بالمشروع الذي يعتبر من أكثر الأقسام إنتاجية للمحاصيل نجد أن المساحة المزروعة بمحصول القطن هذا العام حوالي (1350) فدان فقط. وقال تحالف مزارعي الجزيرة والمناقل في بيان له الشهر الماضي بعنوان(البقاء والفناء الراهن الان حتي 2013) أن الحصول علي المياه لري المحصولات الزراعية بالمشروع أصبح (حلماً) حيث تحول المشروع إلى الري بالطلمبات الأمر الذي أدي الي فقدان غالبية المزارعين إلى محاصيلهم في العروتين (الصيفية والشتوية). المزارع والقيادي بتحالف المزارعين إبراهيم محي الدين لفت الانتباه إلى إشارة مهمة في حديثه مع (الايام )حيث اعتبر إبراهيم حديث النائب الاول لرئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه في ولاية الجزيرة ومطالبته بمراجعة قانون 2005 بأنه حديث جاء متأخراً لاسيما عقب تدمير وتحطيم وبيع غالبية ممتلكات وأصول المشروع وقال إن تحالف المزارعين ظل رافضا للقانون وطالب بإلغائه منذ إجازته في العام 2005 وقال ابراهيم الاهتمام بالمشروع من قبل الحكومة في الوقت الحالي والحديث عن استجلاب خبراء أجانب يكشف عن (نية مبيتة )وخطوة اعتبرها بأنها (لا تبشر بالخير) لكن الحكومة عادت مرة أخري وأكدت جديتها القاطعة للنهوض بالمشروع حيث أعلن مساعد رئيس الجمهورية العقيد عبد الرحمن الصادق المهدي عزم الدولة وقيادتها علي الارتقاء بالمشروع وتطويره علي أحدث النظم لينطلق خلال المرحلة القادمة لتعود الجزيرة للصدارة في الزراعة والصناعة والثروة الحيوانية لدعم الاقتصاد الوطني والنهوض بإنسان الجزيرة وتأمين الغذاء لكل أهل السودان. وقال عبدالرحمن لدي مخاطبته بمنطقة الشكابة الخليفة شريف بمحلية جنوب الجزيرة بولاية الجزيرة علي شرف افتتاح المسلة التاريخية التي اقيمت تخليداً لشهداء معركة الجميزة الخليفة شريف التي استشهد فيها البشري والفاضل وذلك ضمن احتفالات البلاد والولاية بأعياد الاستقلال السابع والخمسين للاستقلال المجيد. وأعلن العقيد عبد الرحمن أن المرحلة القادمة ستشهد تعديل قانون مشروع الجزيرة لسنة 2005م ليستوعب تطلعات ورغبات أهل الجزيرة وتناول جهود كافة قطاعات الشعب السوداني في إعداد الدستور شامل متفق عليه. وفي المقابل يصف مراقبون للأوضاع بشيخ المشاريع الزراعية عودة الحكومة وإقرارها بفشل قانون 2005 ومطالبتها بمراجعته بعد كل هذه السنوات الطويلة التي قدم لها فيها الكثير من النصح لكنها لم تستبين ذلك إلا ضحى (اليوم ) بأنه أمر(غريب) لأن الحكومة وطوال السنوات الماضية لم تكن عاجزة عن إلغاء القانون (بجرة قلم) لأنها –أي -الحكومة يستحيل دمغها بالعجز حيال إصلاح مشروع الجزيرة خاصة وأن مكاتبها تحوي العديد من أوراق العمل والتقارير الخاصة بالأوضاع في مشروع الجزيرة التي كتبها ووضعها باحثون ومختصون ومفتشون زراعيون ومهندسون وغيرهم ونحن هنا لا نبالغ إن قلنا إن القضية في مجملها ليست سوى سياسة ممنهجة، وضعت بحسابات وتقديرات سياسية لدي الحكومة معلوم نهاياتها. والسؤال الذي يفرض نفسه بشدة يقول اذا كانت الحكومة فعلاً راغبة في إصلاح المشروع والنهوض بأهله الذين (فتكت) بهم البلهارسيا لما خصخصة ممتلكاته وأصوله وبيعت في المزاد بالجرس. لاسيما وأن أزمة مشروع الجزيرة حلها في غاية البساطة وهي إلغاء هذه القانون والاستعاضة عنه بقانون علاقات الإنتاج السابق وهو أمر لا يستغرق زمناً طويلاً وإنما هو (أسهل من أن يفتح المزارع المياه لري محصولاته من أبوعشرين الي أبو ستة) [email protected]