التحدي يطال كل شيء وهو سمة سائدة للمجتمعات وهو مؤشر واضح لقيمة الحراك الاجتماعي المنبعث من الهجرات والوسائط الاعلامية التي ما فتئت ترسل لنا في كل صباح جديد منتج أو وصفة لشكل وتفاصيل الحياة الاجتماعية الراقية. وعلى خلفية ما يحدث تتناثر في ذاكرتنا الاشكال التقليدية للبيوت والمقاهي والمطاعم وهي مسترخية في مهدها التقليدي، فلا زالت الصورة النمطية للمطاعم السودانية تتغلغل في براحات أيامنا بشكلها الموسوم بدءاً من عمالها وأطعمتها انتهاءً بأثاثاتها التقليدة، فمن بين كل هذه الحوائط الغارقة في القديم انبعثت أنوار كاشفة تضي لنا الطريق نحو آفق جديد بدأت تلوح بوداره في سباق محموم نحو اجتذاب الزبائن والعملاء. نسوح في هذه السموات لنقف على الابعاد التي تجسد فيها الشكل الحديث للمطاعم والاطعمة السودانية، وبمعيتنا الاستاذ محمد بابكر الحلو الذي يقول أعتقد ان المدخل لهذا التحديث الذي جرى لمحلات الاطعمة هو الفكر الاستثماري الواضح وهو أساس متين تقف عليه الصورة الجديدة لشكل ومحتوى المطاعم السودانية وهذا الامر يعود أولا وأخيرا للانفتاح بشقيه الاعلامي والاقتصادي فمن زاويته الاعلامية نقلت لنا الشاشات الملونة صورا جميلة لما يحدث في هذا المجال، واعتقد ان الصورة كانت مستفزة جدا لأصحاب المحلات التقليدية فدخل السراميك ودخلت الازياء الحديثة الموحدة وبالتالي انتقل الناس الى فرع آخر داخل هذه المطاعم وهو قائمة الطعام التي شهدت تحديثا واضحا الشيء. الثاني هو نوعية الزبون والتي تغيرت كثيرا فقد زاد عدد الافندية والمثقفين وهي طبقات لها متطلباتها ومقاييسها التي يجب ان تراعة وكان ذلك ما حدث بالضبط ايضا كان للانفتاح الاقتصادي وجريان السيولة في أيدي الناس دورا كبيرا في التغير الذي حدث. ويقول الاستاذ محمد بابكر ان أثر المال كان واضحا في دخول الفكر الاعلاني لهذه المطاعم من خلال اللافتات المضيئة وشكل الديكور وما يحويه من لوحات وأزياء العمال وهذه النقطة بالتحديد كانت نقلة كبيرة من شكل العامل التقليدي الى الصورة التي نراها الان وتتجلى الوضعية الجديدة في ازدياد روح التنافس بين هذه المطاعم أيضا حدث تعديل واضح على مستوى الاثاثات واختفت (كراسي وترابيز الحديد) وحلت محلها اخرى من بيوتات الاثاثات والديكور ايضا شكل التعامل القديم (الكاشير) مثلا حلت محله الفاتورة في بعض المحلات. ويضيف الاستاذ محمد بابكر الحلو قائلا كل هذا الامر تواكب معه تعديل على مستوى قائمة الطعام وانتقل المزيج القديم بين ( البلدي والحديث ) الى شكل آخر حيث تم الفصل بينهما نوعا ما أيضا دخلت مسميات وعلامات تجارية لمطاعم مستوردة مثل (جاد والعبد ورويال بروسن) وغيرها من العلامات العالمية أو الاقليمية وهذا الامر أيضا له مؤاشراته الايجابية والي تتمثل في تلبية رغبات الزبون الاجنبي وعلى كل فأنا اعتبرها ظاهرة ايجابية وهي دليل عافية اقتصادية واجتماعية. الاحداث