ستوكهولم - كامي با-فولر - يتناقض السلوك المستقيم الذي يعتبر في دول اسكندينافيا مؤشرا الى الحس السليم لدى المسؤولين السياسيين، مع الجدال الذي يعصف بفرنسا حول فرض معايير اخلاقية على الحياة العامة. فبعد ثمانية ايام على اعترافات جيروم كاهوزاك، وزير الميزانية السابق الذي اعترف بامتلاك حساب سري في الخارج، طرحت الحكومة الفرنسية الاربعاء التدابير الاولى لفرض مدونة سلوك للحياة العامة واضفاء مزيد من الشفافية عليها. وفي السويد والنروج، تعتبر عائدات جميع المواطنين وثرواتهم جزءا من الحياة العامة، لذلك تعد الشفافية المدرجة في المبادىء الدستورية، فضيلة اساسية ضمنية للحياة العامة. وفي تصريح لوكالة فرانس برس، قالت لينا ميلين، رئيسة تحرير الشؤون السياسية في صحيفة افتونبلادت اليسارية، ان المسؤولين السياسيين السويديين "ليسوا مضطرين الى ان يكونوا معصومين عن الخطأ، لكن عليهم ان يعيشوا منسجمين مع مبادئهم والا يتحايلوا على مصلحة الضرائب". واضافت "اذا ما تم اكتشاف خطأ في تصريحهم الضريبي، فهو ليس متعمدا"، واذا ما توافر لديهم المال، فيجب ان يكونوا قد كسبوه او ورثوه". وتدقق وسائل الاعلام في تصرفات كبار المسؤولين. وبعدما اعترفت وزيرة الثقافة سيسيليا ستيغو شيلو في 2006 بأنها لم تدفع ضريبة التلفزيون طوال سنوات، اضطرت الى الاستقالة بعد عشرة ايام على تعيينها. وفي النروج، اضطر يوناس غار ستور الذي كان وزيرا للخارجية في 2010، الى ان يعيد الى وزارته سجادات اهديت له في افغانستان، وذلك للتقيد بقواعد مفروضة فقط على كبار الموظفين. ومنذ ذلك الوقت، تم تشديد القانون الذي دعا الوزراء الى ان يعيدوا الى الدولة جميع الهدايا التي يتلقونها خلال ممارسة وظيفتهم. وقال استاذ العلوم السياسية في جامعة ستوكهولم تومي مولر ان "الاخلاق باتت اكثر حضورا. والمنطق الاعلامي يميل الى التركيز على الانحرافات الاخلاقية". وقالت وزيرة التنمية السويدية غونيلا كارلسون "اذا ما لجأنا الى الكذب والخداع، فسنقع في شر اعمالنا". وتعرب كارلسون نائبة رئيس الحزب المحافظ، اكبر ائتلاف حكومي يتولى شؤون المملكة منذ 2006، عن افتخارها بالثقة التي يمنحها السويديون الى المسؤولين السياسيين. وتفيد الاحصاءات الرسمية ان 44% عبروا عن ثقتهم بالسياسيين في 1988، و61% في 2010. اما في فرنسا، فبينت دراسة لمركز البحوث السياسية للعلوم السياسية، ان الثقة تتراجع. ف 40% من الفرنسيين كانوا في كانون الاول/ديسمبر 2012 يثقون بنوابهم و36% بحكومتهم. وكانوا على التوالي 47% و32% في كانون الاول/ديسمبر 2009. واكدت الوزيرة "في السويد، لا نعتبر المسؤولين السياسيين نخبة المجتمع. ويريد ناخبي ان استقل الحافلة، ان اكون مثلهم، وهذا امر مفيد وجيد". وقالت كارلسون انه خلال الحملة الانتخابية الاخيرة، "تبعني فريق من التلفزيون الفرنسي، ولقد فوجئوا كثيرا لاني كنت آكل السندويشات عند الظهر وادفع بواسطة بطاقتي المصرفية الشخصية". وتنجم عن اي انحراف ايا كانت ضآلته ادانة تقضي على مرتكبه لدى الرأي العام. والموت السياسي لمنى ساهلين يؤكد هذا الرأي. ففيما كان اسمها مطروحا في 1995 لترؤس الحزب الاشتراكي الديموقراطي القوي الذي حكم السويد سبعة عقود في السنوات المئة الاخيرة، اضطرت الى الاستقالة. فقد كشفت الصحافة انها استخدمت بطاقة اعتماد الحكومة لشراء حاجيات خاصة. فمسألة شراء حفاظات ولوحي شوكولا من نوع توبليرون باتت مشكلة وما زالت تقلق المسؤولين السياسيين. وبعد مرحلة انكفاء طويلة، عادت منى ساهلين. وانتخبت رئيسة لحزبها في 2007 لكنها لم تصمد امام هزيمتها في الانتخابات التشريعية في 2010 واستقالت من منصبها في العام التالي. ويتسم النظام نفسه بالشفافية. فيحق للمواطن التقدم بطلب الى مصلحة الضرائب للاطلاع على التصريح الضريبي لجاره، ومن واجب هذه المصلحة تلبية هذا الطلب وهو امر طبيعي. وفي اعقاب تعيينهم، يقدم الوزراء الى مكتب الحكومة لائحة بممتلكاتهم وعائداتهم ومصالحهم الاقتصادية وحساباتهم المصرفية، على ان يتم تجديدها كل ستة اشهر. ويصرح النواب بعائداتهم ومصالحهم الاقتصادية لدى هيئة رسمية، على ان يتم ابلاغها بأي تغيير يطرأ. وهم ليسوا ممنوعين من ممارسة اي مهنة لانهم يمثلون تنوع المجتمع السويدي. وفي النروج المجاورة، يطلب من الوزراء الذين تعرف ثرواتهم بفضل تصريحاتهم الضريبية، الكشف عن كل انشطتهم في المجال الاقتصادي في سجل رسمي. هدهد