تصاعدت موجة الجدل المحلي منذ أن رفع مجلس الشورى توصيته للعاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، لتغيير الإجازة الأسبوعية إلى السبت والجمعة بدلاً من الخميس والجمعة، بهدف تصدير قرار رسمي من مجلس الوزراء الذي يترأسه الملك. ومن خلال "النقاشات الساخنة" التي شهدتها الساحة المحلية، وبخاصة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" الذي يمثل رئة السعوديين الإلكترونية، يمكن تقسيم مربعي الجدل بين فريقي المعارضين والمؤيدين في خانتي "التشبه باليهود" و"تحسين الأداء الاقتصاد"، تماشياً مع الأسواق العالمية في التوقيت. وبرزت حالة من التجاذب عاشها -ولا يزال- الإعلام الداخلي بشقيه التقليدي والحديث، فالصحافة المحلية تدفع بشكل كبير نحو تأييد قرار التغيير، وذلك من خلال التقارير ومقالات الرأي التي تستند على إيجابية الأبعاد الاقتصادية، وكان من ضمنها أن تغيير الإجازة الأسبوعية سيرفع عافية الاقتصاد المحلي إلى 25%، مع تجاهل "شبه تام" لجميع الآراء الشرعية المناهضة للقرار. وفي الضفة المقابلة تلعب المواقع الإخبارية الإلكترونية القريبة من المدرسة السلفية دوراً مهماً في تصعيد الأمر، مستنده على ما يقوله الشرعيون من حيث "التشبه باليهود"، كموقع برق الذي اجتهد في إنتاج تقارير صحفية تناهض قرار التغيير، من خلال الاستناد على الفتاوى، معتبرة أن ما يحصل خلف الكواليس جزء من عملية "تغريب" المجتمع السعودي المحافظ. ربما الجديد الذي طفا على "سطح النقاش"، هو دخول أحد أبرز أعضاء المؤسسة الدينية الرسمية المعروفة (هيئة كبار العلماء) على "الخط الجدلي"، وهو الشيخ صالح بن فوزان الفوزان الذي اعتبر في تصريحات تداولتها المواقع والمنتديات الإلكترونية وعدد من المواقع الإخبارية العالمية، قوله إن تغيير الإجازة بالكيفية التي طرحها الشورى، من باب مشابهة اليهود والنصارى، مستنداً على أحاديث كثيرة قال إنها تنهى عن التشبه بغير جماعة المسلمين، ومن ذلك تعطيل اليهود يوم السبت والنصارى يوم الأحد. تحريم الإجازة ويستند غالبية المعارضين من الشرعيين المحافظين على فتوى سابقة أصدرتها إحدى الهيئات الشرعية التابعة للمؤسسة الدينية، هي اللجنة الدائمة للإفتاء، حملت رقم (3326)، بالإضافة إلى فتوى أصدرها العالم السلفي الشهير الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك، في يوليو/تموز 2007، يحرمون فيهما تغيير الإجازة الأسبوعية. لكن هناك قراءات في الوسط المحلي تعطي تصريحات الشيخ الفوزان بعداً سياسياً مهماً، يتعلق بمحاولات هيئة كبار العلماء بشكل غير مباشر "رفع الحرج" الشعبي عنها، جراء اتخاذ هذا القرار الذي سبق أن أفتت بعدم جوازه إبان رئاسة المفتي العام الراحل الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز. الباحث الفقهي السعودي وصاحب كتاب "ثقافة التحريم.. قراءة في فتاوى وآراء التحريم" عبد الله بن سليمان العتيق، يعطي رأياً شرعياً مخالفاً للطروحات الشرعية المناهضة للتغيير، فيقول إن العلة في تحريم تغييرها أن فيها مشابهة للكفار، والتشبه بهم في عاداتهم لا مانع منه، حيث لا محذور يخاف منه كما لو كان تشبهاً بهم في عباداتهم، وهذه العادة لم تبق لهم من خصائصهم، بل أصبحت شائعة في العالم وبين دول الإسلام، ولم يستنكرها أهل العقلاء الذين أدركوا حقيقة التشبه المنهي عنه. ويضيف العتيق للجزيرة نت، فإذا لم يعد بالضرر فلا يكون داخلاً في عموم النهي، لأن الأمم تتبادل حضاراتها، والأمة التي تستنكف عن حضارات غيرها وتكتفي بحضارتها تطمس تاريخها بيدها، ولا يدر لمَ المانعون ينظرون من الناحية العقدية للمسألة، ولا ينظرون للجانب الدنيوي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي. ووافق مجلس الشورى السعودي في جلسة 22 أبريل/نيسان الجاري بأغلبية 83 عضواً على توصية للقيام بدراسة علمية تبحث تغيير عطلة نهاية الأسبوع في القطاعات الحكومية إلى يومي الجمعة والسبت بدلا من الخميس والجمعة، وعارض الفكرة التي تقدم بها العضو الدكتور أحمد آل مفرح 41 عضواً. المصدر:الجزيرة