على مدار العام، تحاول دولة الإمارات أن ترفد الأطفال بفعاليات يتمكنون من خلالها من قراءة وتصفح القصص والكتب الأدبية والعلمية والفكرية، وكل ما من شأنه تنمية حسّ الخيال والابتكار لديهم وتطوير مهاراتهم اللفظية والمعرفية الثقافية ذات الأبعاد المدروسة من قبل أخصائيين في مجال الطفل وسلوكه. إذ تسعى المؤسسات التعليمية والثقافية في الإمارات إلى خلق مناسبات ومهرجانات كثيرة ومتنوعة تخلق بدورها وسطاً معيشياً تفاعلياً للأطفال، لأنّ جيل اليوم بحاجة للقراءة والمطالعة بالنظر إلى كثرة الأغراض التكنولوجية المحيطة به، والتي تسهم في الحدّ من تفاعله مع الوسط الذي يعيش به وتجمّد قدراته الخيالية والإبداعية والجسمانية. تتوزّع هذه الفعاليات على معظم مناطق الإمارات، وتستحوذ إماراتا أبوظبي والشارقة على غالبية المهرجانات التي تعنى بثقافة الطفل ومعرفته. فمنذ أيام قليلة جداً انتهى معرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته الثالثة والعشرين والذي خصّص للأطفال قسماً كبيراً من مساحته، استغلتها دور النشر العربية والعالمية المتخصصة بعلوم الأطفال وأدبهم لعرض آخر مبتكراتها في التربية والتعليم. إلى جانب ركن الأطفال الذي قدّم فعاليات ترفيهية وجلسات قرائية وتعليمية استقطبت كل مدارس أبوظبي وكل العائلات التي زارت المعرض، حيث حققت دور نشر الأطفال أكبر نسبة مبيعات بمختلف أغراضها ومنشوراتها. كذلك فإنّ حملة "أبوظبي تقرأ" التي احتضنتها بعض المراكز التجارية في أبوظبي والعين، كان لها تأثيرها الواضح في جذب الأطفال وجعلهم يمارسون القراءة كفعل ثقافي محبب يشبه ما يقومون به من تسلية وألعاب. جيث سبق وأوضح لنا أحمد السويدي مدير قسم الاتصال الاستراتيجي في مجلس أبوظبي للتعليم، أنّ الحملة فاقت كل التوقعات في استقطاب الأطفال من عمر رياض الأطفال وعمر الصف الخامس الابتدائي. مؤكّداً أنّ بعض الأهل أصرّوا على تكرار زيارتهم لمقرّ الحملة وبعدها إلى جناحها في معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2013. حالياً يستقطب مهرجان الشارقة القرائي للأطفال المقام على أرض مركز المعارض والمؤتمرات أكسبو الشارقة، أبناء الجيل الجديد مخصصاً لهم جلسات قرائية وفعاليات ترفيهية تتضمن سبراً لمعلوماتهم وصقلاً لمعارفهم ومهاراتهم في جميع أقسام الفن والعلوم. وذلك من أجل الوصول إلى حياة مستقبلية سليمة خالية من تعقيدات الحاضر وأخطائه السلوكية. من المفاهيم التي يؤكّدها مهرجان الشارقة للأطفال، سلامة الصحة الجسمانية للطفل والتي تبدأ أولاً من نمط غذائي صحي يمنع المرض ويعزّز بدلاً منه النشاط والحيوية. وقد أخذ جناح هيئة البيئة والمحميات الطبيعية على عاتقه إيصال هذه الفكرة للأطفال، عبر العديد من الألعاب والتقنيات الهادفة المعدّة خصيصاً لمثل تلك الأفكار. منها عرض فيلم عن الحيوانات المنقرضة، ولعبة كيفية الحفاظ على البيئة، وكتاب بعنوان "وداعاً للمرض وأهلاً باليقطين" تضمن أفكار تعالج سلوكيات الصحة والمرض. للمسرح حضوره في المهرجان. فقد حضر الأطفال وطلاب المدارس مسرحيات تربوية ملتزمة قدّمها جناح الإدارة العامّة لمراكز الأطفال، حيث تمّ تجهيز منصة عروض قدّم عليها ما هو جذّاب وتعليمي في الوقت ذاته. فالطفل لا يمكنه الإنصات إلى فكرة ما، ما لم تكن مقدمة إليه بطريقة لطيفة ترفيهية تقدّم المواعظ والأفكار المهمة عبر اللعب والقصّ أو حتى عبر الرسم والرقص والغناء وما يشبهها من أفعال وسلوكيّات. جيل اليوم لا يمكن له أن يتخلى عن الكتاب المطبوع كوسيلة تعليمية وتثقيفية، هذا ما تريد أن تثبت دولة الإمارات عبر مهرجاناتها وجلساتها القرائية وهي من أكثر الدول العربية والعالمية تصنيعاً واستهلاكاً للتكنولوجيا والتطور. إلى جانب رغبتها في استعادة المكانة الحقيقية للغة العربية، اللغة الأم للدولة، في ظل ذلك الكم الهائل من استخدام اللغة الإنكليزية في معظم المجالات المهنية والتعليميّة.