في الوقت الذي يؤكد فيها الأهلي المصري أنه سيد الأندية الأفريقية بلا منازع تواصل قمتنا السودانية هبوطها نحو القاع. شتان بين الكرة المصرية والكرة السودانية مع أن التاريخ يشهد أن أنديتنا كانت تشكل ثنائية تتنافس على سيادة الكرة الأفريقية التي لم تكن تعرف في مطلع الخمسينات غير القمتين المصرية والسودانية. حقاً الأهلي المصري والزمالك والقمة السودانية ممثلة في الهلال والمريخ كانا عنوان الكرة الأفريقية. كنا نشكل ثنائية مع مصر على كافة الأصعده قبل أن تعرف أفريقيا الكرة باستثناء إثيوبيا وجنوب أفريقيا وإن كانت الأخيرة جمدت بسبب التفرقة العنصرية وكانت قمة اللقاءات الأفريقية التي تجمع طرفي القمة السودانية ومع القمة المصرية كانت تشهد تنافساً حاراً وتحظى باهتمام عربي وأفريقي، ولكن أين هم الآن وأين نحن.. قمتنا الآن قابعة محلياً تصطرع في جنون وبكل الأساليب المشروعة وغير المشروةعة من أجل بطولة فاقدة القيمة تهدر فيها عشرات الملايين من الدولارات يستجلب من أجلها عشرات، بل مئات المحترفين الأجانب لتعيش صراعاً وهمياً لا قيمة أو وزن له. التهنئة للنادي الأهلي وهو ينعي قمتنا الكروية وهو يحقق البطولة الأولى أفريقياً ثماني مرات من عشرة مشاركات بلغ فيها النهائي لم يخسر فيها إلا مرتين فقط ليبقى في المركز الثاني يقابل ذلك أن قمتنا لا تعرف عن البطولة الأفريقية الكبرى إلا إنجاز الهلال المتواضع باحتلال المركز الثاني مرتين عبر تاريخ الكرة السودانية حيث بلغ النهائي مرتين وفشل في تحقيق البطولة.. أما نده المريخ فإنه لم يشرف المباراة النهائية للبطولة وإن نجح في تحقيق البطولة الثانية والثانوية مرة واحدة في تاريخه. أرجو ألا يخرج علينا من يحمل هذه النتائج المتواضعة والمذلة للرياضة الجماهيرية التي توقف فيها النشاط لفترة قصيرة محدودة فالأهلي الذي حقق لمصر هذا الإنجاز العظيم فإن الكرة المصرية سبقتنا في التوقف لفترة أطول من الجماهيرية بسبب الحرب حتى لا نتعلل بحجة واهية. ولعلها حقيقة لو تذوقناها بأمانة فهي أكثر مرارة لأن هذا الإنجاز المصري لم يقف على النادي الأهلي الذي توج أندية مصر على الكرة الأفريقية فإن أكثر من نادٍ مصري حقق البطولة الأولى لمصر ولأكثر من مرة، فالزمالك نفسه صاحب رصيد أفريقي متميز في تحقيق إنجازات معتبرة في البطولتين الأولى والثانية ولم تقف هذه الإنجازات على أندية القمة المصرية فقط، بل حتى ما نسميها بالأندية الثانوية أو أندية الكمبارس فإنها لم تتخلف عن رفع راية مصر في المحافل الأفريقية حيث أن أكثر من نادٍ منها حقق البطولة الأولى وسجل وجوداً معتبراً على المستوى الأفريقي، فالإسماعيلي والمحلة والمقاولون العرب كان لهم وجود على المستوى الأفريقي. أما الحديث عن المنتخبات الوطنية فهو حديث محبط لنا بكل المقاييس فمصر هي صاحبة المركز الأول في نهائي الأمم الأفريقية لدرجة احتفاظها بالكأس بجانب مشاركتها في نهائيات كأس العالم على المستويين العالمي والأندية. من يصدق إذن أن السودان كان الند لمصر أفريقياً وأنهما كانا يمثلان الكرة الأفريقية التي لم تكن تذكر إلا ويذكر السودان بجانب مصر. كل هذا التاريخ ذهب مع الريح ولم تتبقَّ لنا غير نغمة مللنا تكرارها ونحن نزايد بأننا مؤسسي الكرة الأفريقية وتنظيمها الرياضي الوحيد الذي ولد عندنا هنا في السودان لتبقى لنا ذكرى ذلك اليوم عيداً نحتفي ونكابر به ونغطي به على إخفاقنا وفشلنا في أن نطور أنفسنا لنحتفظ بالندية للكرة المصرية. ومع ذلك فالمفارقة الأكبر أننا أعلى ضجيجاً على المستويين الأفريقي والعربي من مصر لأننا نستحوذ على أكبر اهتمام في الصراعات الإدارية والإعلامية لهذا أصبحنا جديرين بأن نتوج ملوكاً للفشل على المستويين الإداري والإعلامي بعد أن خلت ملاعبنا مما اصطلح على تسميته بكرة القدم. فلنتحلى بالأمانة ونحول ملاعبنا لصيوانات لتلقي العزاء في الكرة السودانية بكل جوانبها ملعباً وإدارة واتحاداتٍ وإعلام وعلى رأسها الوزارة المسماة بوزارة الرياضة.