وضعت الخسارة الكبيرة المذلة التي تعرض لها المريخ مساء امس باستاده امام هلال الأبيض بخمسة اهداف دون رد كأكبر هزيمة يتلقاها الأحمر عبر مشواره الطويل في بطولة الدوري الممتاز نهاية سريعة للطاقم الوطني بقيادة برهان ومحسن بعد ان اختار مجلس الإدارة الحالي بقيادة الوالي الاَّ يخالف ما ذهب إليه المجلس السابق الذي اطاح بالبلجيكي لوك إيمال واستعان بالطاقم الوطني بقيادة برهان ومحسن، لأن نهاية مشوارهما الأول مع المريخ لم يكن مأساوياً على نسق ما حدث هذه المرة، بل ذهب برهان ومحسن المرة الأولى بعد ان تركا صورة جميلة لأن المريخ قدم الأفضل في عهدهما وحقق الفوز ببطولة سيكافا والحق هزيمة عريضة بالهلال في كأس السودان بلغت ثلاثة أهدف دون رد. نهاية مشوار ومحسن في تجربتهما السابقة مع المريخ كانت بسبب موازنة إدارية لا اكثر بعد ان وجد المجلس نفسه امام خيارين اما التمسك بغارزيتو وإما التضحية ببرهان ومحسن، وفي وقت كان فيه المريخ يسير بخطوات واثقة في المنافسات الأفريقية فضل المجلس الخبرة الوطنية على الثنائي الوطني، وبالتالي لم يكن هناك ما يمنع عودة برهان من جديدة رفقة محسن سيد، وفي البال الثنائية التي جمعت بينهما في التجربة الأولى، وحظيت عودة برهان بترحيب مريخي لافت لا يرجع لبصمة تدريبية لافتة أو لفكر تدريبي متقدم، بل كان كل الحديث عن حظ برهان الذي يقود فريقه للنصر حتى وإن كان فريقه في اسوأ حالاته وعن فهلوة محسن سيد التي تفيد في جوانب فنية وإدارية في وقت واحد. انتصارات لا تبعث على الاطمئنان دعم برهان صورته أكثر في مخيلة الجماهير الحمراء التي تعتقد فيه وفي قدرته على الخروج بالنقاط الثلاث حتى وإن كان الأحمر لا يستحق التعادل، ففي وقت غابت فيه غالبية عناصر التشكيلة الأساسية وعانى المريخ من ظروف صعبة للغاية كانت الانتصارات حاضرة لدرجة أن وصل الأحمر للرقم ثمانية من الانتصارات المتوالية لكن كانت المخاوف حاضرة لأن المريخ كان ينتصر دون ان يقنع وكان يخرج بالنقاط الثلاث دون نكهة اداء مميزة أو بصمة تدريب واضحة، فتعززت شخصية برهان المدرب الذي يقود للنصر في كل الظروف وبدون ان يقدم الفريق المستوى الفني المقنع، لكن من لديهم معرفة حقيقية بكرة القدم كانت مخاوفهم حاضرة، لأن المريخ انتصرفي أول ثماني مباريات بفضل هدية مميزة قدمتها له قرعة المنافسة التي جعلت يبدأ بفرق متواضعة المستوى الفني والبدني وليس لها ما تقدمه، وكانت المخاوف حاضرة من هزة عنيفة ستلحق بالأحمر إذا اصطدم بالكبار، لذلك تحرك بعض اعضاء المجلس من اجل إعادة بكري وسالمون ومحاولة وضع حد لعقوبات الإيقاف التي طالت ثلاثي الفريق علي جعفر وامير كمال وعلاء الدين يوسف بالإضافة إلى محاولة حل مشكلة المالي تراوري. ضربات سريعة ومتلاحقة رغم ان الأمل لم يكن ذلك الفهد المرعب الذي يمكن أن يشكل خطورة حقيقية على المريخ، لكن بذكريات مباريات الماضي اجبر الأحمر على قبول التعادل برغم ان المباراة كانت تمضي وحتى دقائقها الأخيرة نحو انتصار مريخي لولا أن ابراهيم محجوب الذي وضعت عبقرية برهان في المنطقة الخلفية أهدى الأمل هدف الأمل هدف التعادل، ولم يكن ذلك الخطأ الساذج بمثابة انتباهة لبرهان ليعي بأن إبراهيم محجوب لا تتوافر لديه الإمكانيات الفنية التي تؤهله للجلوس على مقاعد بدلاء المريخ ناهيك عن اخذ موقعاً له في الطرف الأيمن، بل مضى برهان قدماً في الاعتماد على ابراهيم محجوب في الطرف الأيمن، غير آبه بالأصوات التي تعالت محتجة على مشاركة لاعب لا يمتلك اي إمكانيات دفاعية تؤهله لتأمين الجهة اليمنى والتي كانت الثغرة الواضحة في لقاء الأمس والتي انهمر بسببها مطر الأهداف في الشباك الحمراء بعد ان حول ابراهومة كل مفاتيحة لعبه إلى الجهة اليمنى لأنه يعلم الإمكانيات الحقيقية لخليفته في الاسم لا المستوى الفني. اقالة بعد ثانية من صافرة النهاية لو لم يصدر مجلس الإدارة قراراً بأسرع اقالة لطاقم فني بعد نهاية مباراة للفرقة الحمراء لحزم برهان حقائب الرحيل من تلقاء نفسه، لأن من قاد المريخ لقبول اكبر خسارة في تاريخه الطويل في الممتاز الطبيعي ألا تقبل به الجماهير مرة اخرى، لذلك لم يمثل قرار مجلس الإدارة الذي صدر بعد ثانية واحدة من صافرة النهاية بالاطاحة ببرهان ومحسن وكل الطاقم الفني مصدر مفاجأة لأي مشجع مريخي، بل كانت المفاجأة الحقيقية لو مرت هذه العاصفة دون قرارات بحجم الضربة القوية التي تعرض لها المريخ. البناء.. تخدير لم يجد لفترة طويلة عندما كان المريخ ينتصر في جميع مبارياته في الممتاز كان الجهاز الفني يتحدث عن العودة من بعيد واستعادة الصدارة وتحقيق رقم قياسي بكسب نقاط جميع مباريات الفريق في الدورة الثانية، وعندما انتهى حلم العلامة الكاملة في الدورة الثانية بدأ الحديث عن ان المريخ في مرحلة بناء فريق جديد وأن هذه المرحلة صعبة وتتطلب الصبر وعدم الاهتمام كثيراً بالنتائج، وعندما ابتعد الأحمر كثيراً عن الهلال المتصدر، عاد الجهاز الفني وانكر أن يكون قد وعد الجماهير في حين نشوة بالانتصارات بالزحف من بعيد واستعادة الصدارة، والاحتفاظ بلقب الممتاز، لكن التخدير الذي مارسه الجهاز الفني كانت خواتيمه سيئة للغاية، لأن فاتورة البناء ليست مكلفة للحد الذي وصلت إليه في مباراة الأمس أمام هلال التبلدي، لأن الأخير نفسه بنى فريقه في فترة الانتقالات التكميلية، وبين غمضة عين وانتباهتها أصبح قوة ضاربة أسقطت الهلال في عقر داره بالأربعة، وعادت لتسقط المريخ بضربة أقوى واعنف حتى يفيق من حلم بناء فريق البطولات بعناصر غير قادرة على الصمود في المنافسات المحلية ناهيك عن المنافسات الأفريقية الشرسة التي تفرض عليك ان تجوب ادغالها الوعرة وان تسقط كبارها في عقر دارهم بدلاً عن السقوط الداوى محلياً في عقر دارك. صناعة البدائل.. مخدر آخر لم يصمد كثيراً تباهى الجهاز الفني بالمريخ كذلك بأنه كان منفتحاً على كل الخيارات مما جعله يقدم بدائل على مستوى نجوم التشكيل الأساسي، لكن هذا المخدر انتهت صلاحيته بسرعة ويكفي ان بديل جمال سالم في المرمى كانت كلمة السر في خماسية هلال التبلدي مثلما كان بديل ضفر في خط الدفاع معبراً سهلاً لهجمات الضيوف، بل فشلت كل محاولات تقديم بدائل في جميع الخطوط بما في ذلك المقدمة الهجومية التي توقف فيها رمضان عجب عن الإرسال منذ وقت مبكر فلم يجد الاحمر اهدافه في المباريات الكبيرة بعد ان حقق المتواليات الثماني. البحث عن بديل يبدو أن مجلس ادارة نادي المريخ كان قد تحرك منذ وقت مبكر في رحلة البحث عن بديل بعد ان اثبتت له مباراة الخرطوم الوطني أن المدرب الوطني الذي لا يكلف الخزانة عملة صعبة يكلفها مواقف أصعب وبالتالي كانت تحركات المريخ تمضي في سرية نحو المدرب الأجنبي، وبالتحديد المدرسة الألمانية لأن الإعلان عن بديل برهان تم بنفس السرعة القياسية التي صدر بها قرار اقالته بعد ان اعلن المجلس بعد لحظات من الإطاحة بالجهاز الفني عن الاستعانة بالكابتن فاروق جبرة كمدرب مؤقت مع التعاقد مع المدرب الألماني توني هيك ليشغل منصب المدير الفني في خطوات هدف منها المجلس لاتاحة الفرصة للمدرب الأجنبي القادم حتى يقف على الاحتياجات العاجلة لتلبيتها في فترة الانتقالات التكميلية والتي يبدو ان المريخ سيحتاج فيها لتسجيل فريق ببدائله، لأن العناصر التي اثبتت صلاحيتها للاستمرار في الكشف الأحمر لا تتعدى ثلاثة لاعبين في احسن الأحوال. تميز بدني مستمر.. لكن على الورق فقط تفوق هلال الأبيض على المريخ بدنيا لأن الجرعات التدريبية التي يمنحها عبد العظيم جابر المعد البدني للفرقة الحمراء للاعبين لا تتعدى صفحات الصحف التي يتحدث فيها يومياً عن الانجازات التي حققها بعد ان ورث فريقاً بلا اعداد فصعد به إلى قمة الجاهزية البدنية، لكن جاءت مباراة الأمس لتؤكد بأن جابر بالفعل ورث فريقاً بلا اعداد وسلم الأحمر فريقاً بلا اعداد ايضا تماماً مثلما استلمه حتى يتحمل المسئولية الصعبة القادم الجديد الذي لا يدري احد من هو.