لم يسعدني الحظ لأن أشاهد لقاء استضافته إحدى القنوات الفضائية شارك فيه قياديان من الهلال والمريخ أحسب أنهما سكرتير المريخ ونائب سكرتير الهلال حسب ما نقله لي الراوي الذي حدثني عن هذا اللقاء. إن القياديان اللذان يمثلان أكبر ناديين فى الدرجة الممتازة طالبا في هذا اللقاء بإعادة هيكلة الاتحاد العام بما يتوافق والنظم الرياضية التي تقوم عليها أغلبية الاتحادات في العالم وهي أن يقوم هيكل الاتحاد العام على الأندية وليس ما يسمى بالكيانات الوسيطة التي تمثل الأندية الرياضية التي لا يمثل وجودها في الاتحاد العام أي أهمية تذكر غير مصادرتها لأصحاب الحق أن يكونوا هم أصحاب القرار. وكان بين ما أفادني به الراوي أن القياديان تعرضا لضرورة الفصل بين الأندية ذات النشاط المحلي الخاص بالولايات عن الأندية القومية ذات النشاط القومي المركزي. لعل هذه اللغة جديدة على أنديتنا التي كم أشرت إلى أنها غائبة عن الوعي وعاجزة عن أن يكون لها رأي في هيكل الاتحاد العام وهي صاحبة الحق والمعنية به بحكم أنها أندية تشارك في منافسات لا تخضع لأي ولاية وإنما تخضع للمركز لهذا فهي جديرة بأن تكون هي المكون الأساسي للجمعية العمومية للاتحاد العام لا أن تكون هي مغيبة وتكون الكلمة بيد من تقف أنشطتهم على المستوى المحلي بالولاية الأمر الذي ينزع الحق عن من هو أولى به ويمنحه لمن لا علاقة له به ولا يحق له. لقد ظللت لفترة طويلة ولما يقرب ربع قرن أضرب على هذا الوتر ولا حياة لمن تنادي لأن الأندية التي يفترض أن تكون هي صاحبة الكلمة العليا وإنهاهي التي تأتي بإدارة الاتحاد العام بالانتخاب إنما قبلت الدور المهمش الذي فرض عليها من مغتصبي حقوقها بصفتها الجهة المعنية. هذا الواقع كما أشرت في أكثر من مقالة هو نتاج النظام الرياضي العشوائي الذي أفرزته ظروف معينة يوم لم تكن هناك درجة قومية يمتد نشاطها خارج نطاق الإقليم أو الولاية وما كان هذا الواقع ليفرض وجوده حتى بعد أن زالت المبررات له واستجدت أوضاع متطورة يفترض أنها هي صاحبة الكلمة إلا أن ضعف وتهاون أندية الدرجة الممتازة وهي الأندية الوحيدة التي تشارك في نشاط قومي بعيداً عن العلاقة بأندية الولايات والتي استسلمت لهذا الواقع. وهنا لا أعفي الدولة ممثلة في الوزارة المختصة والتي تصدر القوانين المنظمة للرياضة والتي ظلت مغيبة كما هو حال الأندية نفسها لتسود الرياضة هذه العشوائية عديمة الجدوى والتي لا تواكب التطور الذي شهده العالم على كل المستويات. ولعل ما يزيد الموقف غرابة أن الدولة أصدرت دستوراً في عام 2005م فقصر لأول مرة في تاريخ التشريعات بين الأندية التي تمارس نشاطاً محلياً على مستوى الولاية والتي خولت أن تصدر القوانين المنظمة لأندية الولايات كل حسب رؤيتها كما أن نفس الدستور قصر مسئولية الهيئات المركزية سواء الوزارة الاتحادية والاتحاد العام قصر مسئوليتها على النشاط القومي الذي يرتبط بالانتماء للمنظمات الرياضية العالمية والإقليمية والتي تمثل السودان في المحافل الدولية. هذا الدستور الذي حسم الأمر وكتب نهاية النظام العشوائي وبكل أسف لم يلتفت إليه مسئول على مستوى الدولة أو على مستوى الأندية القومية المعنية به الأمر الذي أبقى على النظام العشوائي رغماً عن أنف الدستور الذي كان أسبق في وضع أسس التطور وفق المفاهيم الحديثة. وليت الأمر وقف عند هذا الحد فلقد أقدمت الفيفا على اتخاذ خطوة مهمة وكانها أدركت جوهر العلة في الدول المتخلفة كالسودان حيث أن الفيفا أصدرت لائحة جاءت داعمة للدستور بكل المقاييس عندما حظرت على الأندية أن تشارك خارجياً في المنافسات الإقليمية على مستوى الكاف أو الدولية مالم تكن حائزة على رخصة الأندية التي تؤهلها للمشاركة في أنشطتها الخارجية بهذا توافقت لائحة الفيفا مع الدستور وكتبا سوياً بالشراكة نهاية هذ الواقع العشوائي ومع هذا ظل هذا الواقع باقياً رغم أنف الجميع وهذا تقصير تستحق عليه أجهزة الدولة المحاسبة أما الأندية القومية والمعنية والمستفيد الأول من الدستور ومن لائحة الفيفا فلقد ظل موقف هذه الأندية سالباً لا تلمس فيه أي مطالبة بما كفله الدستور واللائحة الدولية لهم من حقوق. ولعل مشروع القانون الجديد المقترح للرياضة لسنة 2014 تضمن نصاً يضع نهاية لهذا التمثيل العشوائي القائم على أندية الولايات عبر اتحادات المدن والقرى المسمى بالمحلية و التي لا علاقة لها بالمركز والمشاركات الخارجية وإن كان مشروع القانون لم يقصر تكوين الاتحاد العام على الأندية القومية وحدها وإنما أضاف الخيار الثاني أن يكون من اتحادات الولايات وهو رغم سلبياته أفضل من الواقع الحالي الذي يجعل أندية القرى الحلال صاحبة كلمة أكبر من الأندية القومية عبر ما يسمى باتحادتها المحلية والتي لا يجوز أن يكون لها وجود في التنظيم القومى للرياضة. ويبقى السؤال: هل نتوقع خطوة جادة للأندية صاحبة الحق المنزوع زوراً في أن تسترد ما أخذ منها بالعشوائية أم أنها تواصل سلبيتها وهل الهلال والمريخ بعد هذا اللقاء التلفزيوني سوف يرفعون راية الكلمة العليا للأندية صاحبة الحق ليضعوا حداًَ لما يسمى بالاتحادات المحلية للمدن والقرى والحواري.