قبل الدخول في موضوع هذه (اللدغة) لابد لي من وقفة مع ظاهرة غير مألوفة في وسطنا الرياضي الذي درج على التعامل بردود الأفعال الانفعالية، حيث لم يعرف مجتمعنا الرياضي قبول الرأي الآخر إذا لم يكن إشادةً وتطبيلاً، بل وتأييداً، إلا أنني وللأمانة والتاريخ عندما تلقيت دعوة للتكريم في حفل تنظمه مجموعة الخندقاوي ومنظمات أخرى متحالفة ضد مجموعة الكاردنال، كان هذا مصدر دهشة كبيرة لي أن أتلقى هذه الدعوة من المجموعة التي وجهت لها انتقاداً عنيفاً لموقفها والذي وجهته في ذات الوقت لمجموعة الكاردنال الانتخابية بل والمفارقة هنا أنني ميزت ترجيح كفة الكاردنال، ليس لأنه حقق الفوز في انتخابات الهلال بأصوات لا تشرف بل أحسبها هزيمة في حقيتها لكونها تقل عن سدس أعضاء الجمعية إلا أني ميزته على منافسيه لقبوله من جماهير الهلال لما قدمه لهم من إنجازغير مسبوق في بنيته التحتية، بل والمفارقة الأكبر أن هذا التكريم يحدث مساء نفس اليوم الذي وجهت فيه انتقاداً شخصياً لموقف الخندقاوي لرهانه على تحقيق الفوز في جمعية اليوم الثالث الذي تنعقد فيه الانتخابات بأي عدد مما يعني أنه واثق من فقده الأغلبية حتى في الجلسة الثانية الشرعية بثلث العضوية فقط، للتاريخ أقول: كم كان موقف مجموعة الخندقاوي مفاجئاً لي وهم يكرمون شخصي مع كوكبة من رموز ناديهم الذين كان على رأسهم المهندس عبدالله السماني أعرق من تولى منصب السكرتارية في الهلال ورحمة الله عليه علي الفكي أهم موثق لتاريخ الهلال مع كوكبة من شخصيات الهلال ولا أملك إلا أن أقول لهم شكراً لما قدموه من موقف غير مألوف في وسطنا الرياضي بل وفي السودان عامة وهم يكرمون من لم يكن مسانداً لهم أو لمن تفوق عليهم في الجمعية، وإن ميزه عليهم مساندة أغلبية جماهير الهلال له وهم أصحاب الكلمة الأعلى. ويبقى رأيي أن يكون لهم دوراً فاعلاً في تأسيس الشركة العامة التي تفرضها لوائح الفيفا لإدارة الأندية المنضوية في عضويتها لإنقاذ كرة القدم في الهلال من هذا النوع من الجمعيات. ودعوني أعود الآن لموضوع هذه اللدغة: لا أدري متى يتصحح الفهم الخاطئ الذي يسود ساحة الرياضة في أن الأندية التي تمارس الرياضة تحت المنظمات الدولية لا تخضع لحاكمية الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) لأن كرة القدم ليست إلا منشطاً واحد من المناشط التي لها اتحادات دولية مساوية لها في الحقوق والوجبات ولكل منها لوائحه وشروطه على قدم المساواة كما أن هذه الأندية لا يقتصر نشاطها على الممارسة الرياضية فقط حتى تخضع لحاكمية المنظمات الرياضية الدولية لأنها أندية جامعة حسب سجلها لأنشطة أخرى ثقافية وفنية واجتماعية. لهذا فإن النادي العضو في اتحاد دولي فإنه لا يمارس نشاطه الخاص بالمنشط المعني إلا تحت شروط هذا الاتحاد المعني بنشاطه وهذا هو شرط عضويته وممارسته لهذا النشاط تحت الاتحاد الدولي المعني دون أن تكون له أي حاكمية أخرى. ولكن المؤسف أن يسود هذه الأندية السودانية المنتمية للاتحادات الدولية والمتعددة الأنشطة غير الرياضية فإنها تخضع لهذا الفهم السائد المختل الذي يصر على إخضاعها لحاكمية الفيفا التي لا تمثل إلا منشطاً واحداً من القطاع الرياضي ولا سلطة لها على الأنشطة الأخرى من ثقافية واجتماعية لهذا فإنها تعاني من خضوع الأندية لهذا الفهم الخاطئ مع أن نشاط كرة القدم ليس إلا واحداً من عشرات الأنشطة التي تنتمي لها هذه الأندية من رياضية وثقافية واجتماعية. دفعني لتناول هذا الأمر ما نشهده اليوم في النزاع الذي شهده نادي الهلال، حيث يعمل البعض لرفع شأنه وما يشهده من صراع للفيفا مع أنها لا تمثل إلا منشطاً واحد لا يختلف قانوناً عن بقية الأنشطة هو كرة القدم حتى تكون له الحاكمية على الأندية التي لا يقتصر وجودها ونشاطها على كرة القدم وحدها، مع أن هذه الأندية بجانب ممارساتها للأنشطة الثقافية والاجتماعية والمسجلة بموجبها وتحمل مسمياتها نفسها شمولية أنشطتها الرياضية وغير الرياضية فإن ما يهم الفيفا ويعتبر ملزماً لها في ممارسة كرة القدم تحت عضوية الاتحاد الدولي أن يلتزم بشروط الفيفا في أن يكون الإشراف على نشاط كرة القدم في هذا النادي تحت إشراف شركة خاصة مسؤولة عن إدارة كرة القدم الاحترافية تحت إشراف رابطة دوري الأندية الاحترافية والتي تتوفر فيها الشروط الأخرى التي أقرتها الفيفا لمارسة كرة القدم تحت عضويتها وظلها. وبهذا فإن الفيفا وهو ما يسري على غيرها من الاتحادات الدولية فإنها لا دخل لها بالشأن الداخلي للأندية التي تحكمها قوانينها وأنظمتها الخاصة، حسب موقف الدول منها وإنما يستوجب عليها الالتزام بشروط الفيفا التي تخول لها ممارسة نشاط كرة القدم تحت حاكمية الفيفا وما تقتضيه من أندية احترافية تشرف عليها رابطة دوري المحترفين. لهذا فإن كان هناك ما يطعن فيها أمام الفيفا فإنه لا يتمثل في شرعية جمعيته العمومية وإنما في عدم التزام النادي بقرارات الفيفا التي تقوم على اعتماد الأندية الاحترافية وإشراف رابطة المحترفين على ممارستها للنشاط حتى يكون لها الحق للمشاركة في بطولاتها القارية والعالمية. لهذا من حق أي طرف الآن في الصراع ان كان دافعه كرة القدم تحديداً أن يطعن للفيفا في عدم التزام الأندية بتطبيق النظام الاحترافي ولا شيء غير ذلك.