دكتوراة لمحمد ميرغني * عندما تمنح أحدى الجامعات السودانية واحدا من رموز بلادي درجة الدكتوراة الفخرية فإنها تكرم نفسها بذاك الاختيار وتزين اسمها بالشهادة وتضع على صدرها وساما وعلى جيدها قلادة ..! * إن كانت درجة الدكتوراة الفخرية تمثل سدرة منتهي التقييم من المؤسسات الأكاديمية وتمنح لأناس قدموا إسهامات بارزة في ميادين العطاء المختلفة ممن كان لهم عظيم الأثر الإيجابي وبالغ التأثير، فإننا لا نري من هو أحق من الفنان محمد ميرغني بنيل درجة الدكتوراة الفخرية فمنحها ل(اب نعوف) يمثل (شرفاً) للدرجة الرفيعة و (فخراًَ) للدكتوراة ، فمن هم بحجم إبداعه تتشرف الدرجات العلمية بالإقتران بهم قبل أن يتشرفون بها..!! * سعدت جدا وصديقنا محمد ميرغني يهاتفني قبل عدة أيام مقدما لي رقاع الدعوة لحضور حفل نيله الدكتوراة الفخرية التي قررت جامعة المشرق منحها له في الرابع من شهر نوفمبر المقبل، فما أجمل أن يتم انصاف مبدع يستحق بشهادة مقدرة كنوع من الإجلال والتقييم والعرفان في زمن تلوث بالجحود وإشهار سيوف التجاهل والنكران ..! * يظل الفنان المرهف محمد ميرغني يمثل واحداً من أعذب النغمات الندية التي صافحت الأذن السودانية، ويبقى تاريخ الفن ببلادي واحداً منقوصاً لا يكتمل إلا بذكر مشواره الغنائي الحافل بمجموعة من الروائع الفنية والتحف الابداعية التي أثرت المكتبة الغنائية .. شق طريقه بعزيمة فولاذية، وإصرار لا يعرف الإستكانة في زمن كان من الصعب فيه أن تٌصنف ضمن قائمة (المستمعين المرهفين) ناهيك عن النجاح في حجز مقعد وثير في الصف الأول لنوابغ الفنانين ..!! * لا يمكن لأحد أن يتساءل عن إبداع ( ابنعوف) الذي تمت اجازة صوته قبل ثلاثة وخمسين عاما؛ وقد لا تصدق أن أول عمل سجله للإذاعة السودانية في سنة 1965 كان رائعة السر دوليب (انا والأشواق) التي تمثل حتى الآن عملا جديدا ومدهشا ومترعا بالمعاني والامتاع والأبعاد والدلالات والإبداع ..! * من يستهل رحلته بأغنية مثل (انا والأشواق) لو اعتزل بعدها فإن رسالته قد وصلت ..! * طبيعي أن يكون (أب نعوف) صاحب (بصمة)، وأغنياته راسخة بالأذهان ومتحكرة بالوجدان، لأنه صاحب ذائقة سليمة تربت على أنغام كرومة وصالح الضي وأحمد المصطفى بحي مكي بأم درمان، ومن يعرف محمد ميرغني الفنان بكل ما اؤتى من تميز ويظن أنه يعرف هذا الرجل جيّداً، فهو بإعتقاده الخاطئ هذا يظلم نفسه قبل أن يظلم (اب نعوف)، فإن كان ابداعه يشار اليه ببنان الاحترام، فأن طيبته وحسن معشره وكريم خصاله و(بياض قلبه وصفاء نيته) أكثر ما يميز محمد ميرغني الإنسان ..! * نعم، هو (حقاني) وقد ينفعل أحياناً، وبامكانه أن يقول (للأعور أعور في الجرايد)، ولكنه لا يُضمر حقداً لأحد ولا يعرف الحسد طريقاً الى قلبه، وصراحته (المزعجة) قد تتسبب في فقدانه لبعض الذين لا يعرفونه عن كثب، اما اولئك الذين أٌتيحت لهم فرصة مجالسته والتسامر معه، فأنهم يحرصون على توطيد علائقهم به حتى ولو قال فيهم حديثاً يُصعب (هضمه)!! * النائب البرلماني محمد ميرغني يتحدث في السياسة لأنه يفهم فيها جيداً أكثر من الذين يمارسونها بصفة الإحتراف فهو «اتحادي ليهو ضل»، كما أن علاقته الوطيدة بكرة القدم والرياضة ممارسة وإدارة ومتابعة يعرفها الجميع، أما الفن فهو ملعبه الذي لا يجاريه فيه أحد ..! * ما أجمل تصريحات أبنعوف التي أفتقدها بشدة كلما صام عن الحديث للصحف، فالرجل عودنا أن يقول كلمة الحق ولو علي نفسه دون وجل أو خوف، و(متعك الله بالصحة والعافية ولا أسكت لك حساً يا دكتور أبنعوف)..!! * شكراً نبيلًا لجامعة المشرق وهي تكرمنا جميعا بمنحها الدكتوراة الفخرية لمحمد ميرغني، فالرجل يستحق أكبر الشهادات وأرفع الأوسمة والنياشين ..! نفس أخير * ما أجمل التقدير لفنان جدير بالتبجيل ..!