ظواهر متعددة سالبة تشوه برامج بعض قنواتنا الفضائية ومن يمعن ويدقق النظر فيها نجد معظمها مأخوذ بتفاصيله الدقيقة من بعض القنوات العربية الفاشلة رغم صيتها الواسع ولا أدري إذا ضعفت قدرات المشرفين على قنواتنا الفضائية من ابتكار إبداعات تحسب لهم كإضافة على ساحة الإعلام المرئي فلماذا لا نحسن التقليد ونأتي بالأفضل مما نشهده في القنوات الفضائية العالمية بدلاً من الانسياق خلف القنوات العربية المفرغة من أي محتوى ولماذا نتخذ من أفشلها قدوة لنا ونسير على نهج الفاشلين منهم الذين يبحثون عن الأضواء لأنفسهم أكثر من أن يقدموا خدمة إعلامية معتبرة وناجحة. ولعل القاسمي الذي نجح في أن يكون أكثر مقدمي برامج قناة الجزيرة بل والقنوات العربية شهرة واسما لامعاً مع أنه يقدم أفشل برامج الحوار وإن كانت الأكثر إثارة ليس لأنها تقدم خدمة إعلامية مميزة تثري المتلقي بمعلومات أو ثقافة جديدة ولكن لأنه يعتمد على استضافة العاجزين عن طرح رؤاهم وأفكارهم بهدوء حتى يكون حواراً مثمراً لا يقاطع فيه المتحاورون المتحدث حتى يفيد المتلقي إلا أن ضيوفه في أكثر الحالات يكشفون عن خوائهم الفكري لهذا ينجح فى إثارة الفتنة بينهم فيحققون له بالانفعالات والخروج عن أدب الحوار والتهيج وارتفاع الأصوات الذي يبلغ درجة الشجار والاحتكاك بالأيدي لأنهم لا يحترمون أدب الحوار ولكن ما يهمه هو أن يروج لبرنامجه حتى أن القاسمي نفسه إذا لم يحققوا له رغبته في إشعال الحرب فيما بينهم حتى يحققوا له ما يصبوا إليه من إثارة فتراه يعمل كما نقول فى المثل العام بأسلوب (المديدة حرقتني) حتى تشتعل الحرب في الأستديو بين الطرفين المتحاورين وهو يواصل استفزاز كلا الطرفين حتى يبلغ الحوار المزعوم بينهم أقصى درجات الإثارة حيث يعتبر هذا نجاحاً غير مسبوق له وفي كثير من الأحيان يبلغ الأمر بين ضيوفه أقصى درجات الانفلات وتراه سعيداً لأنه حقق ما أراده بفتنة من استضافهم حتى لو أن الشجار بين ضيوفه أفقده القدرةعلى السيطرة على ضيوفه وكم من مرة يجبر لقطع الحوار بقطع الإرسال ويعتبر هذا نجاحاً له لما يحظى به الشجار بين ضيوفه من اهتمام لغرابته. ولقد شهدت في الأسبوع الفائت مشهد فيديو للقاسمى في حوار استضاف فيه ضيفين من الطرفين المتحاربين في سوريا والذين يقتتلون بقوة السلاح وسط أشلاء الآلاف من ضحايا الشعب السوري حيث اسضاف واحداً من جيش سوريا الحر في مواجهة واحد من أنصار الأسد والغريب أن الضيفين اللذان اختارهما لبرنامجه لا يعرفان غير لغة السلاح والموت وليس لهما من لغة غير السلاح وهذا بالطبع كان معلوماً للقاسمي من البداية والحمد لله أن كليهما لم يدخل الأستديو وهو يحمل بندقية ومع ذلك كان اللقاء مؤسفاً ومسيئاً بكل ما تملك الكلمة. حيث أن الحراك والعراك غير الموضوعي انتقل من تبادل السباب والشتائم على الهواء مباشرة للاشتباك فى معركة بالكلمات الجارحة منقولة على الهواء مباشرة والقاسمي يبدو سعيداً بينهم حتى بلغ الأمر مدى لم يعد السكوت عليه ممكناً عندما قذف ممثل الجيش الحر غريمه من أنصار الأسد بالماء على وجهه مع سيل من الشتائم مما دفع بغريمه أن يندفع صارخاً نحو غريمه وهو يقذفه بكل ما لمسته يداه ويتلفظ بشتائم على الهواء يعف القلم عن الإشارة إليها لما فيها من قباحة اللفظ الذي لا يليق برجال فى هذه السن وعلى الهواء مباشرة مما أجبر القاسمي ليصرخ معلناً إنهاءاللقاء ولكن كاميرا القناة لم تنجح فى قطع الإرسال بالسرعة المطلوبة لتحمى مسامع المتلقي من أن يسمع هذه الألفاظ وحتى لا يشهد المعركة التي دارت بين الضيفين إلا بعد الاشتباك بالأيدي حيث تم قطع الإرسال ولا أعلم كيف إنتهت المعركة عندئذٍ وهل نجح القاسمي بعد أن أصبح (حجاز) وليس مقدم برامج أم أنه نفسه أصابته لكمة من المتحاورين عفواً لن أسمى برامج أوقنوات معينة انتقلت إليها عقلية القاسمي وسار على دربه بعض مقدمي الحوارات من الذين اختاروا نهج القاسمى وفي الطريق لأن يصلوا لنفس النتائج وقد بدأت أسماؤهم كمقدمي حوارات تلمع بنفس السرعة وعلى نفس الطريق بسبب الإثارة والحوار الأجوف الخالي من المضمون وإن حالت طبيعة السودانيين دون أن تصل الحوارات لنفس النهايات المأساوية. أمر ثانٍ تعمل قنواتنا على تقديم نشرة الأخبارعلى النهج التقليدي للقنوات الفضائية العربية أو بعضها حيث أن مذيعي النشرة من الجنسين بعد أن أصبحت هذه بدعة عامة لتقديم النشرة بل وحتى البرامج العادية فتجد مقدمي النشرة يظهرون على الشاشة أكثر من المعنيين بالأخبار لأنهم يظهرون على الشاشة بين كل خبر وخبر حتى تصبح مساحة ظهورهم هي التي تطغى على الشاشة مع أن هناك قنوات فضائية لا تلمح فيها مقدم النشرة إلا مرتين فقط عندما يفتتح النشرة وعند الختام ويبقى صوته وحده الذي يتابع كل خبر دون أن يظهر على الشاشة ليكون المعنيون بالخبر هم الذين يظهرون على شاشة التلفزيون للمتلقي وشتان بين المشهدين. كذلك تصر قنواتنا على أن يشارك ثنائي من الجنسين في استضافة ضيوف البرامج ليبدو مظهرهم وتقديمهم لهم صورة مكررة ومعادة مع تغيير الألفاظ مع ضيف لأن كل منهم يرحب بالضيف وكل منهم يودعه بنفس الكلمات عند افتتاح اللقاء أو إعلان نهايته كما أن الكاميرات تسلط الضوء أكثر على مقدمي البرامج أكثر من الضيف أو الضيوف لأن الكاميرات توجه دائماً للمتحدث ومقدمي البرامج أكثر حديثاً من الضيوف. أعتقد أن هناك الكثير الذي يستوجب المراجعة ولتكن القنوات الأوربية مدرسة ينهلون منها العلم وإدارة البرامج.