حلقة مفرغة تدور فيها الرياضة السودانية منذ اكثر من نصف قرن منذ عرفت اتحاد الخرطوم سنة 51 حيث ولدت بلا أب أو أم وإنما عشوائيا كأى نبات (بروس) غير مثمر كما أسماه رحمة الله عليه أبو العائلة وطوال هذه المدة ظل النبات العشوائي يزداد انتتشاراً ولأن النبات العشوائى كلما ازداد كان أكثر ضرراً فلقد ظلت إخفاقاته تتصاعد وسوف تظل تتصاعد طالما أن هذا النبات العشوائى ولا أقول الشيطاني لم يجتث عن الأرض حتى يحل مكانه بعد تنقية الأرض من آثاره زرعاً مثمراً مخططاً له علمياً ووفق دراسة تستهدف استراتيجية تحقق مطامع البلد فى أن تحقق الرياضة الأهداف التربوية لشبابها بالممارسة الجماهيرية العريضة بعيداً عن الممارسة النوعية التي تؤهل لتحقيق والمكانة العالمية لتحقيق الدبلوماسية الشعبية والاقتصادية الاستثمارية. نعم لقد انتشرت هذه الحشائش بصورة عشوائية بسبب غفلة الدولة عن دورها فى بناء أنظمة رياضية مؤهلة لتحقيق الأهداف الاستراتيجية واستسلمت الدولة لهذا النظام العشوائى الذى جمع الضدين مما أفشل تحقيق أهدافه التربوية والدبلوماسية الشعبية حيث قام النبات العشوائي بفرع واحدٍ فى الخرطوم ثم أربعة فخمسة بعد أن انضمت له مدني وعطبرة والأبيض وبورتسودان متصاعداً من عشرة لعشرين إلى أن بلغ أكثر من خمسين اتحاداً محلياً وفى الطريق لأن يبلغ العدد المئات بقدر مدن السودان وقراه وبدأ كذلك من عدد أندية لا تتعدى العشرين ثم تضاعف حتى شارف الخمسة ألف ناد منضوية تحت هذا الاتحاد العام فى الطريق للتصاعد للضعف بل أضعاف ثم امتد الأمر من 125 لاعباً إلى أكثر ما يزيد عن خمسين ألف لاعب كلها منضوية تحت الاتحاد العام وفى الطريق ليصل العدد للضعف كلما نشأ اتحاد جديد أو اتحاد فرعى بغرض دافع الأصوات الانتخابية ومن حاجة البلد لعشرين حكماً مؤهلاً لحاجتنا لثلاثة ألف حكم قابلة للزيادة و لما لا يقل عن خمسة ألاف مدرب والحساب ماشي. أما على صعيد الإداريين فتبلغ المأساة ذروتها حيث لا يقل عددهم المطلوب عن مائة ألف للأندية وأكثر من ألف للاتحادات المحلية وضعفهم من المنافسين والمتصارعين على الإدارة أما العدد المطلوب للجان الفرعية خلوه محلك سر. كل هذا تحت منظومة ما يسمى بالاتحاد السودانى لكرة القدم والمنضوى بنص القانون للفيفا ويمثل فى كمه العددي أكثر من دول الخليج مجتمعة بل والدول العربية مجتمعة فكم يا ترى مقارنة المتاح من المال فى الخليج للعدد الأقل مقارنة بالمتاح من المال لهذا الكم الهائل من (الزحمة) وهل يمكن لهذا الكم من تشتت المواهب والإمكانات المحدودة أن يثمر عن أندية ذات مستوى عال وأن يكون هناك دوري عالي المستوى ومتكافئ؟ وكم يا ترى لو حسبنا متوسط ما يصرف على الفرد فى السودان مقارنة مع متوسط دول الخليج بإمكانتها الأكبر والتى تضم الأندية واللاعبين والمدربين وهل يعقل أن يكون لاتحادنا عدد أندية يفوق مائة ضعف أندية مصر المنضوية تحت الاتحاد وسكان مصر اكبر من ثلاثة أضعاف السودان. أردت بهذه المقدمة أن أؤكد على أن التعامل الانفعالي مع الاخفاقات والذي يقوم على ردود الفعل الانفعالية والمتشنجة مع كل إخفاق أوهزيمة بل فضائح والتي لم تخرج عبر تاريخ الرياضة عن المناداة بتغيير الأشخاص مع أن الثابت أنهم رغم تغيرهم عبر التاريخ بقى الحال على ماهو عليه اخفاقات تتضاعف من عام لاخر رغم بعض الاستراحات الزائفة التى تاتى بها الصدف والتى ظلت الرياضة عامة وكرة القدم خاصة اسيرة لها لستين عاما هو حرث فى البحر ونحن بحاجة لحرث فى الارض حتى تثمر زرعا ناضجا اما ان ننفعل ونثور ونتشنج ونهرج مع كل اخفاق ثم ينتهى الامر بالانتقال من اخفاق لاخفاق عبرالانتقال من شخص لاخر يتبادلون المراكز ذهابا وعودة ويبقى الحال على ما هو عليه ومن فضيحة لاخرى فهذا عبث لا طائل منه مع ان القضية ليست قصور اشخاص فحسب بل قبل ذلك هو قصور نظام قبل ان يكون قصور اشخاص بالرغم من مسئوليتهم التى يستحقون عليها المحاسبة فالعطارلايصلح ما يفسد الدهر ليست القضية فى ان يذهب فلان او يعود اخر او تذهب مجموعة وتعود مجموعة فكم من هؤلاء ذهبوا وعادوا والنتائج فى نهاية الامر نفسها لا تتغير فمن هو الذى تولى مرفقا رياضيا لم نطالب برحيله وكم منهم رحل وطالبنا بعودته ومتى عاد عدنا للمطالبة برحيله. وهكذا ندور فى حلقة مفرغة والساقية تظل مدورة والنتيجة فى نهاية المطاف هى نفسها.فالاتحاد الذى نطالب برحيله اليس هو نفسه الاتحاد السابق لم يتغير فيه الا رئيسه واليس هو نفسه الاتحاد الاسبق فالتكوين هو نفسه التكوين ومجلس الادارة هونفسه المجلس السابق والقابض على الاتحاد اربعة دورات متتالية والمحصلة هى نفسها المحصلة. يؤكد ذلك حصادنا عبر هذه الستين عاما على صعيد الواقع والاحصاءات وحدها تتحدث: 1- بطولة الامم الافريقية مرة واحدة لا غير سنة 1970 2- غياب من المشاركة فى نهائيات الامم الافريقية منذ منتصف السبعينات ولم نعرف العودة اليها الا عندما عدلت الكاف عدد الدول المشاركة فى النهائيات حيث ارتفعت من ثمانية لستة عشر دولة عندها فقط ارتفع علم السودان فى غانا ولو كان العدد ثمانية لما رفعناه فى غانا وذلك بعد ما يزيد عن ربع قرن ولم ينجح منتخبنا بين افضل ثمانية حتى يكون جديرا بالتاهل بل طيش الستة عشر بلا نقطة او هدف ثم كانت عودتنا الثانية ونجاحنا بين افضل ثمانية لاول مرة بعد ما يقرب ثلاثين عاما وفشلنا فى ان نتخطى دور الثمانية حيث تربعناعلى المركز الاخير بجدارة واخرها ما سمى بقضية مساوي واثيوبيا والصومال وقبلها علاء الدين والجزائر ولم يبقى لنا الا ان نزايد باننا اسسنا الكرة الافريقية والعربية. ولم يحدث ان قارنا انفسنا بمن اسسوها معنا مصر وجنوب افريقيا وارقام انجازات هذه الدول تفضحنا (وخلوها مستورة) واخيرا تلقينا القاضية من اثيوبيا التى غابت لاسباب سياسية. 3- على المستوى العربى فالوضع أسوأ من حالنا الافريقى بالرغم من اننا نفاخر باننا ادخلنا الكرة عربيا وهى حقيقة ولكن تلاميذنا عبروا واصبحوا ارقاما اقليمية وقارية وعالمية وما حققناه نحن المؤسسون افريقيا وعربيا صفر كبير على الشمال 4- على المستوى العالمي تأهلنا لأولمبياد ميونخ مرة واحدة 1972 وكأس العالم للشباب مرة واحدة 1991 ايطاليا اما نهائيات كاس العالم لا نعرف مكانه ولا نعرف حضوراً فيه الا كمتفرجين جيث لم نتشرف به حتى الان حتى بزيارة عابرة له تسجل اسمنا بين الزوار العابرين مع ان كثير من الدول الافريقية والعربية عرفت طريقها اليه. 5- وهو مؤسف جدا أن نكون ارقاما على المستوى الادارى فى الكاف وعلى مستوى الفيفا واللجنة الأولمبية الدولية بلا نتائج تبرر هذا الوجود الادارى. وكان من الطبيعى أن يضعف هذا الوجود وينتهى لعضوية لجان هامشية. 6- على مستوى الأندية لم تحقق القمة غير كاس واحدة فى البطولة الاضعف عندما حقق المريخ كاس مانديلا بينما لم يحقق الهلال اى بطولة وبقى اسمه خاليا من سجل البطولات اذن نحن امام ازمة حقيقية وامام علة لابد ان نعترف بانها كبيرة ولكن من لا يملك المعرفة بالعلة ومكمن الداء فانه لن ينجح فى معالجة العلة والتى بلا شك لاتحل برحيل زيد وعبيد فمثل هذه الحلول تحقق العقوبة الشخصية ولكنها لن تحل ازمة الكرة لان القضية اكبر ولا بد من التنقيب عن العلة حنى يتسنى علاجها وبدون ذلك تتواصل اخفاقاتنا من اسوء الى اسوأ فاين العلة هذا هو السؤال ولى عودة فى الحلقة القادمة للمساهمة فى الإجابة عليه.