* عندما تعاقد المريخ مع النيجيري وارغو نصب إعلام الهلال خيمة عزاء على صفحات الصحف حزناً على ما أسموه إهدار المال على لاعب أجنبي ادعوا أنه لا يسحق المبلغ المدفوع فيه! * تحول بعضهم إلى مصلحين اجتماعيين وكتبوا عن عدم جواز إهدار الأموال على اللاعبين في ظل تفشي الفقر وأكل البوش وعدم جاهزية المدارس وانخفاض مستوى دخل الفرد وتفشي الملاريا والتايفويد والدوسنتاريا في السودان! * كتبوا عن كفاح الطبقة العاملة ونضال المسحوقين، وذرفوا الدموع مدراراً ولطموا الخدود وشقوا الجيوب بادعاء الحزن على ضياع أموال المريخ في اللاعب النيجيري. * تحولوا إلى مصلحين اجتماعيين وتحركت قلوبهم الرقيقة وتذكروا وقتها فقط أن السودان بلد فقير يعج بالجوعى والمساكين والمرضى والمعوزين، وزعموا أن هؤلاء أولى بأموال المريخ من اللاعبين المحترفين! * مضى بعضهم أبعد من ذلك وطالبوا أئمة المساجد بالحديث عن عدم جواز إنفاق المال على اللاعبين في ظل تفشي الفقر في السودان فاستجاب بعضهم وانتقدوا الصفقة بقسوة. * بعد ذلك تعاقد الهلال مع اللاعب الأنغولي ليلو إمبيلي مقابل مليون ونصف المليون دولار في ثلاث سنوات، ولم يتحرك أحد لاستنكار إنفاق أموال الهلال على اللاعبين، ولم يتذكر أحد عدم جاهزية المدارس وعدم قدرة التلاميذ على شراء أقلام الرصاص وانخفاض مستوى دخل الفرد وتفشي الملاريا والتايفويد والدوسنتاريا في السودان، ولم يطالبوا أئمة المساجد باستنكار الصفقة المليارية! * حدث ذلك عندما كان الدولار يساوي أقل من ثلاثة جنيهات! * خلال الأيام الماضية تناقلت الصحف أنباء مفاوضات مجلس الهلال مع المدرب الفرنسي غارزيتو، وأكدت أن قيمة العقد بلغت ستمائة ألف دولار أمريكي لعامٍ واحد! * هذا يعني أن غارزيتو سينال ما يفوق الأربعة مليارات جنيه من الهلال في عامٍ واحد! * ويعني أن مرتب الفرنسي يساوي ثلاثمائة وخمسين مليون في الشهر (بالقديم)! * ويعني أن يوم الفرنسي مع الهلال يساوي أكثر أحد عشر مليوناً وستمائة ألف جنيه (بالقديم)! * ما رأي الخبراء الاقتصاديين والمصلحين الاجتماعيين الذين صدعوا رؤوسنا بعشرات المقالات على أيام تسجيل وارغو في هذا الخبر الصاعق؟ * أين الإعلام المساند للفقراء والمساكين والمشفق على المعوزين والمتباكي على طلاب المدارس المساكين من هكذا بذخ؟ * أين اختفى أصحاب القلوب الرقيقة والضمائر المرهفة وأين ذهبت دموعهم السخينة وأفئدتهم الملتاعة عندما أنفق الهلال مئات الآلاف من الدولارات (في زمن الدولار أبو سبعة جنيهات) على الفرنسي المسن؟ * هل اختفت الملاريا وانتهت الدسنتاريا وتمت معالجة المصابين بالتايفويد في السودان وتوافرت الكتب والكراسات والمقاعد لتلاميذ المدارس لينفق الهلال ملياراته على مدرب أجنبي طاعن في السن ؟ * هل حلت مشاكل السودان الاقتصادية وتلاشت أزمته المالية وصارت دولاراته مبذولة للمدربين واللاعبين الأجانب دونما حسيب ولا رقيب؟ * هل أصبح (التشيز كيك) بديلاً للدوم في السودان؟ * وهل حلت الموزاريلا محل الطعمية وسلطة الروب عندنا؟ * وهل أطاح دجاج كييف بأم رقيقة من المائدة السودانية ليستحق غارزيتو كل هذه المليارات المتلتلة؟ * لماذا لا يوحد من انتقدوا صفقة النيجيري معاييرهم ويكتبون عن صفقة غارزيتو بنفس الطريقة التي تناولوا بها قضية وارغو؟ * وقتها زعم الحبيب ياسر عائس أن نادي برشلونة تخلص من البرازيلي رونالدينهو والبرتغالي ديكو بسبب ارتفاع الصرف واختلال ميزان المدفوعات عقب غياب البطولات. * وادعى أن الأهلي القاهري استدرج المريخ لزيادة السعر واستنزافه ليجد صفقات أخرى بدون مغالاة ومزايدات، وذرف الدمع على احتمال حدوث تمرد وسط لاعبي المريخ بسبب ارتفاع ثمن وارغو! * ترى ماذا يقول ابن عائس على صفقة المدرب الفرنسي؟ * ألا يحتمل أن يتسبب ارتفاع قيمتها في ارتفاع الصرف واختلال ميزان المدفوعات الأزرق وغياب البطولات؟ * هل انتهت مشاكل الفقراء في السودان ليخصص الهلال أكثر من أربعة ملايين دولار للتعاقد مع المدرب دون أن يحتج أحد؟ * هل حلت اللازانيا محل الكسرة في بيوت فقراء السودان ليصبح صرف أربعة ملايين دولار على التعاقد مع مدرب أجنبي أمراً هيناً لا يستحق الاهتمام؟ * مالهم كيف يحكمون؟ آخر الحقائق * انتهى الفقر وولى الفلس وتم إغلاق مستشفيات المناطق الحارة وتلاشت الحميات وانتهى عهد الملاريا والدوسنتاريا والتايفويد وانصلح حال التعليم وتوافرت الكتب والكراسات للتلاميذ في المدارس العامة والخاصة ولم يعد هناك ما يستوجب الاحتجاج عندما يصرف أحد أنديتنا المليارات على مدرب أجنبي واحد! * تلاشى الفلس وانتهت المعاناة وبدأ مواطنو السودان يشكون من السمنة وأمراض الرفاهية بعد أن ودعوا الشقاء والتعب والأكل الكعب وباتوا يعيشون في دعة ويُسر! * ملّ السودانيون ركوب الكامري واللاندكروزرات وتم تلجين الحافلات والهايسات والأمجاد وتخصيص الركشات لتفسيح القطط والكلاب المستأنسة وحق لمجلس الهلال أن يتعاقد مع غارزيتو بما قيمته خمسون ألف دولار في الشهر! * 50 ألف دولار في الشهر (على حد قول عادل أمام)!! * اشتغلت الهمر في نقل المواطنين من الدروشاب إلى غرب الحارات وصار التعاقد مع غارزيتو بعدة مليارات فرض عين على مجلس البرير! * صار تنظيم حفلات الميلاد للقطط أمراً شائعاً! * تم هدم بيوت الطين والعشش والقطاطي والكرانق! * تحول السودانيون المترفون في مطلع العام 2013 للسكن في المدن الجديدة مثل الياسمين ودريم لاند والراقي وأصبح من حق الهلال أن ينفق المليارات على مدربه الفرنسي! * من لم يجد له موطئ قدم في المدن الجديدة اضطر للسكن في المنشية وغاردن سيتي ونمرة 2! * حتى السموم اللافح لم يعد يؤثر على أهل السودان لأنهم باتوا يتجهون للتصييف على ضفاف نهر الراين وفي الريفيرا وعلى بلاج كوبا كابانا البرازيلي الشهير! * المعسرون اكتفوا بالاسكندرية وشرم الشيخ! * أربعة مليارات لمدرب الهلال في عام واحد ثمن بخس في سودان الرفاهية خبر لا يستحق أن يعلق عليه خطباء المساجد ولا أن تخصص له المقالات وتنصب له سرادق العزاء حزناً على التبذير كما حدث عندما أقدم المريخ على ضم وارغو في أيام الفقر والمعاناة والتعب فاستفز الكتاب والخطباء والمحللين الاقتصاديين والمصلحين الاجتماعيين وهلم جراً! * مسكين الكوكي لا ينال من المريخ إلا ثمانية آلاف دولار فقط مع أنه يدرب في زمن الرفاهية! * حكمة والله وحكاية! * أنشأت صحيفة المشاهد الرياضية وتوليت رئاسة تحريرها في العام 1997، فأين كان يعمل المخلوع وقتها؟ * درست الإعلام وتخصصت فيه ساهمت في إنشاء سبع صحف داخل السودان وخارجه، ولا أنتظر تقييماً ولا نصحاً من الفاقد التربوي. * مصيبة الإعلام في السودان أنه بات مرتعاً خصباً لأنصاف الجهلاء وأرباع المتعلمين. * ندعو بالشفاء لفنان الشباب محمود عبد العزيز وهو يرقد طريح الفراش في العاصمة الأردنية. * دعوات الملايين تكلأ الحوت وتحيط به وتبتهل إلى المولى عز وجل أن يعيده إلى أهله ومحبيه سليماً معافى. * (الحوت) ظاهرة فنية لن تتكرر. * صوت رخيم وحنجرة ندية ومدرسة لحنية متفردة. * جمهوره ينتظر عودته بفارغ الصبر. * حالته حرجة وجسده النحيل يعاني ويلات السقم لكن العشم في رحمة المولى عز وجل لا ينقطع. * اللهم يا شافي يا كافي أذهب البأس وألبس عبدك محمود ثوب العافية. * آخر خبر: (ما بطيق لي غير أسمع)!