اذا سلمنا جدلا بأن قوانين ولوائح «الفيفا» تحتم على الدول المنضوية تحت لوائه الحفاظ على اهلية وديمقراطية النشاط الرياضي، ويحذر الحكومات من مغبة الدخول في كل ما من شأنه تقويض هذه الاهلية الشرعية المكتسبة.. حسنا. في الجانب المقابل الا توجد لهذا السيد «الفيفا» معايير وآليات موازية ايضا تحكم اداء ومتابعة خطط وبرامج من وضعتهم تحت وصايتها ورعايتها وتبحث معهم بذات المعايير فيما لديهم من مخزون فكري واخلاقي وابداعي يؤهلهم في الاستمرار او «الكنكشة» في هذه المواقع حتى يسهموا «اجرائيا» ولو الى حين في الرقي بمستوى «اللعبة» في بلادهم؟ او «بالكاد» تضعهم تحت المراقبة والمساءلة «اللائحية الفيفية» التي ينص نظامها الاساسي على الرقي باللعبة اذا دعت الضرورة لذلك. ولكن ان يرهن اولو الامر منا وخبراؤنا الرياضيون وجمهورنا الرياضي «الطيب الوفي» في بلد كبير وعظيم مثل السودان مصيرنا ويضعه تحت رحمة وتسلط هؤلاء «الفيفيون» المنتشرين في كل الاتحادات والاوساط الرياضية ويظلون قابعين بها الى ما شاء الله «قعاد ساكت» فهذا لعمري امر «جلل» يستدعي التدخل السريع من الدولة لاعادة الامور الى نصابها واجبارهم على اقل تقدير على «التنحي» حتى لا يكونوا مصدر «عكننة» لانسجامها وتناغم مؤسساتها الرسمية في تطبيق مجمل سياساتها وخططتها «الاستراتيجية» للنهوض بمستوى اللعبة. فالفوز بالتزكية في مثل هذه المواقع لا يعني بأية حال من الاحوال الاجماع المطلق على اهلية من تصدوا لقيادة العمل الرياضي كما يتوهم «البسطاء» وانما يعني في مدلوله الفلسفي العميق «نظرية المؤامرة لحما ودما» وعزوفا وزهدا من الراغبين المؤهلين عن الولوج الى هذا المجال لان الموضوع اصلا معد له مسبقا ليصل الى هذه النهاية الحتمية «الدراماتيكية» الحزينة! ان الاشراقات التي يقدمها فريقا «الهلال والمريخ» على صعيد الاندية في ظل وجود الكم الهائل من المحترفين الافارقة وبالحلول الفردية من «الوالي والارباب» اللذين سخرا المال الوفير لتحقيق بعض الانتصارات المحدودة قصيرة الاجل تعكس بجلاء ان سودان جكسا منزول برعي عوض كوكا كمال بوكو فوزي الاسد كسلا سانتو اخوان بشرى وبشارة وغيرهم من النجوم «السواطع» اضحى بلدا معطل المواهب.. من الذي يصدق ان ارض المليون ميل مربع عجزت عن ايجاد حارس مرمى في قامات سبت دودو عبد العزيز عبد الله زغبير الطيب سند احمد عافية الاسطورة حامد بريمة وغيرهم للحد الذي جعلنا نلهث لنستجلبهم من خارج الحدود حتى ولو من ارض «فلسطين» الصامدة العزيزة.. السودان منذ العام 0791 العام الذي احرزنا فيه بطولة الامم الافريقية بقيادة مدربه الراحل ابن البراري الهمام المقدم «عبد الفتاح حمد» لم يذق «طعم العافية» حتى يومنا هذا ولم تفلح كل الاتحادات المتعاقبة في ايجاد وصفة علاجية شافية لامراض وعلل الكرة السودانية او استجلاب مدرب وطني مقنع او اجنبي له اسم وصيت يقود الكرة الى مصاف الابطال او يحافظ على اقل تقدير على الارث العظيم الذي خلفه ذلك الجيل الرائد! «وصل قطار الكرة السودانية الى محطة التنصل والهروب من تبعات الهزائم والمسؤولية كما حدث في فضيحة مباراة تونس 0102م وسلسلة الهزائم والمردود الضعيف الذي قدمه فريقنا القومي.. فشلنا حتى في اختيار التوليفة المثالية التي تلعب باسم الوطن فماذا بقي اذا؟ يا احبتي، لو ان المناصب تأتي على استحياء ومصحوبة بالانجاز والعمل لجاز لنا اختيار «امير الشباب ابو هريرة حسين» فقد قدم هذا الفتى الطموح من الانجاز العملي الملموس على ارض الواقع ما عجز عنه اجداده واسلافه القدماء «المكنكشين» والقابعون في مناصب الخلود طوال العقود الماضية.. خلال اربعة اعوام فقط استطاع «ابو الهر» -حفظه الله -ان يكتب مجدا لنفسه ووطنه الغالي فبنى قاعدة صلبة لنشاط البراعم والناشئين تصحبها خطط وبرامج وافكار سيكون بها الفتح الرياضي العظيم لبلادنا ان شاء الله في المستقبل القريب.. «عفارم عليك ابو هرية ثمانية استادات حتة واحدة» بينما ظل «استاد الخرطوم» الاستاد «اليتيم» الذي تمارس عليه اندية الخرطوم جميعا نشاطها الرياضي لاكثر من نصف قرنق. وبدلا ان تُنشأ مثله العشرات من الاستادات او تنقل الى اطراف العاصمة بالكيفية التي تستوعب الانشطة الدولية المختلفة اصبحت تمارس عليه عمليات الترقيع والتجميل فاقدة «الذوق والحس الهندسي» واخيرا الاستثمار احاطوه بالبقالات والاكشاك ودورات المياه من كل جانب ودعك من الزحام والاختناق وخلوه من المخارج والمداخل في مشاهد تعكس فعلا المستوى الفكري «الضحل» الذي بلغه «المتشبثون» بإدارة الكرة في بلادنا من «بني سود» عفا الله عنهم وارضاهم! فإلى متى يظل «سيد فيفا» واجهزته سيفا مسلطا على رؤوسنا وغطاء يحمي الفاشلين و«المكنكشين» في هذه المواقع دون انجازات او عطاء يحتم هذه «الكنكشة» الى متى.. الى متى.. الى متى؟! ولكن ماذا نقول في ارادة الله ومشيئته التي جعلت «الكرة السودانية» وتطورها ورقيها مرهونة بالارزاق والشهرة ودر الاموال، ماذا نفعل امام القوانين واللوائح «العرجاء» التي قيدت خطواتنا نحو الانطلاق ولم تضع شرطا واحدا في ان يكون المتقدمون لهذه المواقع من لهم تاريخ رياضي او مؤهل علمي يشفع لهم تبوؤ هذه المناصب كما يفعل غيرنا من دول العالم المتقدم في هذا المجال.. اما يكفينا تجربة «مصر الشقيقة» التي شاركناها تأسيس الاتحاد الافريقي لكرة القدم ذلك الانجاز الضخم الذي يعكس للعالم اجمع رسوخنا وعراقتنا في هذا المجال.. كل الذين يتصدرون للعمل الرياضي بها من اللاعبين الدوليين المشهود لهم بالعلم والكفاءة والتجربة والفكر.. يقودون انديتها واتحاداتها بصورة متناوبة ولفترات متعددة اما التجار والسماسرة والباحثون عن الشهرة والمجد والثراء لا مجال لهم في التسلل لهذه المواقع. دعونا نحلم باتحاد عام للكرة السودانية يقوده الدكتور الكابتن الرمح الملتهب السفير علي قاقرين صاحب التجربة الدولية الثرة في هذا المجال وفي معيته د. محمد حسين كسلا «درة الملاعب السودانية» وصاحب الممارسة العملية المشهودة في دول الخليج رشيد المهدية صاحب الفكر الكروي الثاقب، فوزي التعايشة د. حسن المصري موسوعة علوم التربية الرياضية د. نور الدين عمر وغيرهم من الكفاءات المشهود لها بالفكر والتجربة والاخلاق والقدرة على المبادرة، واكسبتهم الاسفار خبرات تراكمية يمكن ان تنقل الى السودان فالكرة اليوم اضحت علما يدرس في المعاهد والجامعات.. اعطوهم الفرصة لتشريح الازمة ومراجعة كل مخلفات الماضي من اللوائح والقوانين التي تحكم اللعبة ويمارس من خلالها النشاط الرياضي فقد آن الاوان لاعادة هيكلة النشاط بالخرطوم التي يمارس فيها اكثر من 99% من نشاط كرة القدم ونعيد النظر في طريقة المنافسة الحالية المسماة بالدوري العام التي وصفوها بالمنافسة القومية الكبرى ولاعبوها واعداد انديتها ومدربوها جلهم من الخرطوم «هلال كادقلي اتخذ من العيلفون مقرا دائما له يسهل عليه مرونة الحركة وقلة النفقات» فكيف تكون المنافسة قومية وهي تفتقد اهم مقومات النجاح في بلد مترامي الاطراف ومثخن بالجراح واندية تابعة له قليلة الحيلة والاستعداد؟. انه التقليد «الاعمى» المنقول من تجارب دول اخرى نقلا «ميكانيكيا» عميان البصيرة! آن الاوان لاعادة النظر في ما يسمى «بالقواعد العامة» و«النظام الاساسي» التي وضعها اناس في زمان غير هذا الزمان وباتت تحكم نشاطنا الرياضي حينا من الدهر او اعادة النظر في بنودها لتستوعب التغيير القادم وتسمح بدخول مؤسسات اقتصادية ضخمة الى حظيرة الدوري السوداني تكسر به احتكار «القوتين العظميين» الهلال والمريخ الهيمنة والسيطرة على جميع المنافسات.. الجيش البوليس سوداتل دال اسمنت ربك او عطبرة كنانة البترول، حتى «شامبيون» مشروب الشعير الغازي يمكن ان يشارك ويقدم عطاء افضل بكثير مما تقدمه فرق الممتاز الحالية الفقيرة «المفلسة» والتي لا يملك بعضها ثمن احذية اللاعبين واستحقاقات المدربين.. دخول مثل هذه المؤسسات اسوة بما يحدث في كل العالم سيعيد للمنافسة قوتها وحيويتها ويقود الى التطور المنشود. آن الاوان لاجتثاث اتحادات «البرمجة والخرمجة» والاحلام البلهاء والطموحات الذاتية الصغيرة واحالتها الى «مذبلة التاريخ» لتحل محلها اتحادات البرامج والاستراتيجيات قصيرة وطويلة المدى. «اسأل قادة الاتحاد العام ماذا يقدمونه من دعم لانديتهم يعادل مع ما يبذلونه من جهد غير ورقة البرمجة وفتات دخل المباريات هل لديهم خطة علمية او غاية «عظمى» يسعون لتحقيقها في كل موسم وهذا «اس» الحراك الرياضي كله ام الموضوع كله دوريات «مشاترة» وموسم «مقلوب» مخالف لكل دوريات العالم،ثم مكاتب وامتيازات و«طق حنك» واسفار وترحال واختلاق ازمات! وهذا يا سادتي حصادنا المر طوال العقود الماضية «فليه بنهرب من مصيرنا!» فما اكثر الكلمات البراقة المعسولة التي تتبارى بها كثير من اعمدة الكتاب في الصحف المختلفة حول مواضيع «هائفة» تمس الافراد وتصفي الحسابات او تتجادل بالافكار فاقدة الحس والصدق فقط لمجرد «عقد» الاستعلاء والتظاهر لاثبات الذات دون الافعال الوطنية المخلصة ونقض العهود دون الثبات على المبادئ والجمود دون التقدم المتوازن الحكيم، ثم جدل حول القوانين وتفسيرها وهل حذق القوانين وحدها يصنع لنا فرقا ننافس بها في المحافل الدولية؟ يا استاذنا الجليل «ابو القوانين» عفوا «ابو المخارج»! بعد كل هذا الضجيج اين موقعنا في خارطة الكرة العربية والافريقية والعالمية فماذا يفيدنا تغير الادوات واستبدال «احمد بحاج احمد» طال «ما نحن يا نا نحن ولا غيرتنا ظروف ولا هزتنا محنة»! وهل هناك محنة اكثر من الذي نحن فيه؟ فيا ترى ماذا يحمل «فلان» في جعبته للنهوض بمستوى الكرة في كافة القطر بعد ان آثر الرحيل مترقيا لاتحادها العام وبعد ان مشاها خطى لاكثر من عشرين عاما في اتحاد الخرطوم المحلي وشارك رفقاء دربه الطويل في ملحمة تدمير «الكرة الخرطومية» تدميرا شاملا بالمدفعية الثقيلة واحال انديتها ومنافساتها الى مسخ مشوه «طارد» للجماهير وحجب عن الاضواء اندية عريقة كانت ملء السمع والبصر: الزهرة التحرير النيل اسد البراري شمباتو«توتي يا درة حفها النيل واحتواها البر تلعب وين؟ تلعب في الكبري فتأمل»! اعطوا الشباب الطامح الوثاب الفرصة يرحمكم الله وادعموه بخبرة العقلاء واصحاب الفكر والمبادرات الوطنية البناءة الجريئة.. اعطوهم الفرصة ليشخصوا ويخططوا ويرسموا «خارطة طريق» جديد للكرة السودانية، ولا اظننا سنندم على هذه الخطوة فالكرة السودانية الآن في «غرفة الانعاش» ماذا يضيرها لو هددنا السيد «الفيفا» بقوانينه ولوائحه، فالضرب على الميت حرام كما يقولون فلنبتعد عن المنافسات الدولية والقارية اذا اراد «الفيفيون» ذلك في سبيل البقاء على المناصب وحتما سنعود بعدها معافين اصحاء ونطالب بحقنا القانوني في الانضمام للمنظومة الدولية من جديد وفق خارطة ومفاهيم رياضية جديدة تعيد السودان عملاق الكرة الافريقية وأحد مؤسسيها العظام الى سابق عهده، ولتبقى الكلمة الاخيرة والجمعية العمومية للاتحاد العام تستعد للانعقاد في الايام المقبلة.. نريد ان نغسل نفوسنا من امراض اليأس والسلبية وتتطلع اعيننا الى كل حقيقة بناءة مهما كانت صغيرة، وان تلعب الدولة واجهزتها المعنية بالرياضة دورا فاعلا في احداث التغيير بدلا من بقائها في مقاعد المتفرجين والتسليم «بفزورة» اهلية وديمقراطية النشاط الرياضي.. اللهم اهدي نفوسنا تقواها، وذكها انت خير من ذكاها، وهيئ لنا اسباب النجاح وتفجير طاقاتنا وآمالنا غير المحدودة.. اللهم ارحمنا من المثبطين اللهم آمين. [email protected]