ايام قليلة جدا ويطل علينا شهر الصيام والقيام والأوبة والتوبة لمن اراد الاوبة والعودة الى الله.. والحديث عن شهر الكريم معلوم كما قال احد الائمة للمصلين في صلاة الجمعة.. حيث نظر في وجوه المصلين فاحصا ومتبينا.. قائلا بصورة مباشرة الحلال بين والحرام بين وانتم تعرفون كل شئ قوموا لصلاتكم يرحمكم الله.. وهذا الامر اي رمضان والحمد لله معلوم للجميع.. رغم ان المستشفيات والعيادات لن تتوقف عن العمل بحثا للخروج من هذه (المعضلة) بعذر طبي ان امكن ذلك، رغم ان الصيام فيه العافية والصحة التي يبحث عنها الناس، عفوا لهذه «الدخلة» الطويلة التي دفعتني إليها هذه الحركة غير الطبيعة لوسائل اعلامنا وهي تعد العدة لهذا الشهر الكريم بصورة لافتة وغير معهودة. صحيح شهدت الفترة الاخيرة لشهر رمضان العديد من البرامج الخفيفة مثل اغاني واغاني الذي حاول ان يعيد ذاك الزمن الجميل عبر روائع (الحقيبة) وليست الحقيبة الى (عيال) اليوم الذين لا يقرأون في اغاني الحقيبة الا الطرب والتطريب.. حقيبة هي انعكاس لحياة مكتملة (الدسم) من بشر وسلوك وحياة اجتماعية زاخرة بالتوادد والتكاتف والتراحم، ويكفي ان الشفيع (غنى) للقرشي بالابيض لأن الجمال الشعري كان لا يعرف الحدود فأينما ولدت قصيدة صادقة ورائعة هاجر إليها الفنان والملحن ولذلك كانت تلك الثنائية الرائعة بين الشفيع والقرشي فصدحا (اليوم سعيد وكأنو عبد ... يلا يلا حدائق البان جديد) وغيرها من شهد العسل الذي تغنيا به.. عذرا لهذا (السرحة) ورمضان على الابواب... نعود لموضوعنا ورمضان على الابواب (وقنواتنا) التلفزيونية والاذاعية قد حشدت برامج لا حد لها وهذا ما تذخر به صفحات الجرائد والاعلانات المبثوثة عند هذه (الحفلات) التي تحتاج (لكبسيبة) لتوقيفها او برمجتها عبر خارطة تلفزيونية تشمل كل (الفضائيات) حتى يكون هناك تنسيق وترتيب لهذه الحفلات التي لن تترك الناس للتفرغ للعبادة (والصلاة) التي هي (أس) هذا الشهر الكريم ، فالتلفزيون القومي قد استعد بل حشد كل (عساكره) لهذه المناسبة الكريمة، والنيل الازرق ببناتها وشيابها تقف معلنة مواصلة الطرب... وكل القنوات في حالة استنفار بما ذلك القنوات الاذاعية والفضائية (الفكة) التي تعج بهم ساحة الاستماع والالتقاط التلفزيوني والاذاعة.. وحتى يكون رمضان هذا العام دنيا وآخرة.... ارحموا المشاهد من هذا (الدلاليك) التي يبدو انها قد (أحميت) وجاهزة لهذه الضجة فلا مانع ان تبث كل قناة سهرة غنائية وفنية واحدة.. فلا يعقل ان يكون رمضان صفقة ورقيص على قول شيخنا (الفاتح الامين)!! نريد ان يكون هناك تنوع وتنسيق.. حتى لا يهرب الصائمون من اماكن العبادة الى شاشات التلفزيون والتي لا شك ان مدرسة بابكر الفنية سيكون لها حضور عبر نجوم الغد والغد القادم وربنا يبارك ويزيد رغم ان المشاهد والمتابع للزخم الاعلاني لخارطة رمضان لن يجد من بين ما يعلن عن (الدراما) بشقيها الداخلي والخارجي، خاصة الداخلي الذي غاب لسنوات إلا ما نذر وما قدم كان عبارة عن (دراما) حقيقية لم تمس قضايانا الكبرى التي تحتاج لمثل هذه المعالجات.. نأمل ان نسمع ونشاهد ما هو هادف وجاد والله من وراء القصد ورمضان كريم.