اتخذت الحركة الشعبية لتحرير السودان موقفا حازما من اعضائها الذين ترشحوا للانتخابات بصفة مستقلين وقرر المكتب السياسي تجريد من وصفهم بالذين اختاروا طواعية الخروج من الحزب بترشيحهم كمستقلين من كل الامتيازات والحقوق الممنوحة لمرشحيه خلال الانتخابات القادمة وحظر عليهم استخدام شعارات الحركة الشعبية خلال حملتهم . ونأت الحركة بنفسها عن القرار الذي نعتته بغير الموفق لأعضائها المرشحين كمستقلين والذين يبلغ عددهم حسبما جاء في عدد من صحف الخرطوم (347) وأعلنت تبرئها منهم خاصة أن بعضهم قدم استقالته بينما أصر البعض الآخر على موقفهم على الرغم من توجيهات المكتب السياسي وتوقيعهم في وقت سابق إعلانا للالتزام بقرار الحركة فيما يتعلق بالعملية الانتخابية والقرار النهائي لقيادة الحركة حول اختيار مرشحيها للانتخابات العامة وفقاً لموجهاتها. وعبر المكتب السياسي عن أسفه لقرار الرفاق الذين قرروا خوض الانتخابات كمستقلين الأمر الذي تعتبره الحركة تخليا طوعيا عن الحزب، بالمقابل أشادت بالذين استجابوا لدعوة الحركة بالتخلي عن مصالحهم الذاتية وسحب ترشيحهم وتغليب مصالح الحزب ووحدته. ويبدو أن هذه القضية تثير قلق الحركة التي وجهت قبل أن تتخذ قرارها الاخير أكثر من نداء إلى اولئك الذين تخطاهم الاختيار لخوض السباق الانتخابي فطرحوا أنفسهم كمرشحين مستقلين للعدول عن موقفهم أكدت مصادر محلية أن رئيس حكومة الجنوب نفسه قاد اتصالات مع عدد من المستقلين و بعض الشخصيات التاريخية الجنوبية البارزة للتدخل واقناعهم بسحب ترشيحهم، وقالت ذات المصادر إن محاولات الحركة الرامية للحفاظ على تماسك الحزب في هذه المرحلة الخطيرة أسفرت عن تراجع عدد قليل منهم رغم الضغوط الكبيرة التي مورست عليهم. وقال مصدر جنوبي قريب من دوائر الحركة ل (الصحافة) أمس إن عددا مقدرا من المرشحين المستقلين شخصيات وقيادات بارزة في الحركة تبدو حظوظهم في الفوز وافرة و أبرزهم وزيرة الدولة للطاقة أنجلينا تينج وزيرة الدولة بوزارة الطاقة وزوجة نائب رئيس حكومة الجنوب ونائب رئيس الحركة الشعبية رياك مشار المرشحة في ولاية الوحدة وتنافس القيادي الآخر تابان دينق وتبدو أنجلينا متمسكة بحقها في الترشح وتقول المصادر إنها دخلت في نقاش حاد مع الامين العام للحركة باقان أموم حول ذات القضية وقالت أنجلينا في تصريحات صحفية إن قرار الترشح جاء للحفاظ على منصب حاكم الولاية في الإنتخابات القادمة للحركة الشعبية، وأوضحت أن تعبان دينق كان خياراً غير موفق من المكتب السياسي ولم تختره قواعد وقيادات الولاية ولا يحظى بإي سند جماهيري، وأبانت الوزيرة تينج أن قرارها جاء بعد إجتماعات ونقاشات مطولة مع قيادة الحركة الشعبية بالولاية بزعامة رئيس الحركة جوزيف ماتويل. وسبق أن تعرضت السيدة انجلينا نفسها لمحاولة اغتيال عندما ذهبت في زيارة للولاية ظلت مسرحا للتوترات منذ الانتخابات القاعدية التي سبقت المؤتمر العام الاخير للحركة الشعبية بسبب تنافس أجنحة داخل الحركة للسيطرة عليها ولا زالت تأثيرات صراعات تعبان دينق المسنود من قيادات بارزة مثل فاقان أموم مع المجموعة ورياك مشار تلقي بظلالها على الولاية ويبدو أنها في طريقها للتجدد هذه المرة عبر الانتخابات الامر الذي يزيد من مخاوف المراقبين لمآلات تنافس اعضاء الحزب على القواعد. وفي واراب تقدم وزير المالية السابق كول اتيان للمنافسة كمرشح مستقل بعد أن تجاوزته ترشيحات الحركة لينافس عددا من المرشحين الآخرين من ضمنهم المرشح الذي دفع به الحزب. وفي الاستوائية سار عضو الحركة ومستشار حكومة الجنوب السابق الفريق الفريد لادو في ذات الاتجاه وقرر خوض المنافسة مستقلا للفوز بمنصب الوالي عكس رغبة حزبه الذي اختار مرشحا آخر. يحذر مراقب محلي من مآلات هذه الازمة التي وصفها بالخطيرة وقد تواجه الحركة الشعبية انقساماً جديداً بسبب المشكلة التي أرجعها للمعايير التي وضعتها لجنة الانتخابات بالحركة لاختيار المرشحين والتي اشترطت أن يكون المرشح لمنصب رئيس حكومة الجنوب عضوا في الحركة لمدة (10) سنوات متواصلة دون أن يخرج عنها وحدد بالمقابل (8) سنوات لمقاعد البرلمان القومي و(5) سنوات للترشيح في منصب حاكم الولاية و(3) سنوات لمقاعد المجلس التشريعي الولائي. ويقول ذات المصدر إن الذين انشقوا في وقت سابق من الحركة الشعبية ثم عادوا إلى حظيرتها مجددا والذين التحقوا بها مؤخرا شعروا بنوع من الاستهداف و اعتبروا هذه الاشتراطات مفصلة لابعادهم من المنافسة في الانتخابات وبالتالي عن السلطة الامر الذي دفع هؤلاء للاقدام على خطوة الترشح كمستقلين وقال إن فرص فوز بعضهم وافرة لأن الانتخابات في الجنوب تعتمد السند والدعم القبلي عوضا عن البرامج و الاحزاب و قال إن المستقل نفسه ما كان سيقدم على هذه التجربة التي ستفقده عضوية الحزب أو على الاقل تجلب له غضبه الا اذا تأكد من توفر فرص الفوز وأضاف أن كل المرشحين المستقلين يستندون على قواعد قبلية كبيرة ليست فقط مناصرة بل هي في غالب الاحوال التي دفعت بهم للترشح. ورسم سيناريوهات لما يمكن أن يترتب على هذه القضية مشيرا إلى أن اقلها تأثيرا هو الحاجز الذي سيخلقه خروج المرشحين على مؤسسات الحركة اذا ما فازوا بأي من المناصب المطروحة للتنافس وبما أن التوقعات تشير إلى أن الحركة هي التي ستهيمن على حكومة الجنوب فانها ستواجه حرجا في التعامل مع الولاة الذين نصفهم الآن بالمرشحين المستقلين ولا يستبعد مصدرنا أن تؤدي القضية لانقسام جديد في جسم الحركة خاصة وأنها خلقت مشكلة وسط قيادات الحركة التي تباينت مواقفها حيالها فبينما تدعوا مجموعة أبرزها الامين العام فاقان أموم إلى التعامل بحسم مع المرشحين المستقلين فصلهم من عضوية الحزب اذا دعا الامر تقف مجموعة أخرى أبرزها نائب رئيس الحركة الدكتور رياك مشار موقفاً آخر متسامحاً معهم وترى أن ما فعلوه لا يستدعي عقوبة الفصل وتوقع مصدر جنوبي آخر أن يتكتل المرشحون المستقلون ويشرعوا في تكوين جسم سياسي بديل حال نفذت الحركة تهديداتها وقامت بطردهم من الحزب أو أن ينضموا للحركة الشعبية للتغيير الديمقراطي الذي يقوده القيادي السابق بالحركة الدكتور لام أكول وحذر من أن المشكلة يمكن أن تتطور إلى أبعد من ذلك و تشعل اضطرابات أمنية في ظل توفر العناصر المساعدة المتمثلة في الهشاشة التي تتسم بها الاوضاع في الاقليم الذي تتحول فيه الخلافات السياسية إلى خلافات عسكرية في ظل عدم تنظيم الجيش الشعبي الذي لازال محتفظا بوضعه القديم الذي جاء به من الاحراش حيث لم يتم توحيد عقيدتها القتالية أومركزة قراراتها التي لازالت بأيدي القيادات ،الامر الذي جعل القوات العسكرية والمليشيات القبلية تتحرك على ايقاع خلافات القيادات السياسية ووصف المشكلة بأنها تبدو بسيطة للوهلة الاولى لكن أبعادها لا تقف عند مجرد غضب دفع مجموعة تجاوزها الحزب في الترشيح لكنها أكبر من ذلك بكثير وهي كما يبدو واضحا يعيد احياء خلافات قديمة تجلت في المؤتمر العام الاخير للحزب واعتقد الجميع أنها انتهت وحذر من أن مآلات القضية سقفها مفتوح ما لم تتعامل معها الحركة بروية وحكمة.