الرياض حاضرة المملكة العربية السعودية إحدى أعظم مدن العالم. وضمت بين أحضانها الدافئة نخبة مميزة من أبناء الجالية السودانية، وهي نجوم سطعت من خلال حراك منظمات المجتمع المدني التى تزخر بها الجالية السودانية. ولا يكاد يمر أسبوع الا وتشهد الرياض عدة فعاليات لابناء الجالية. وحسب علمى فقد تجاوز عدد منظمات المجتمع المدنى السودانية أكثر من ثلاثمائة منظمة. ويتبادر الى الذهن سؤال كبير عن الناتج الفعلى لهذا الكم الهائل من المنظمات. والملاحظ هو الجنوح الغالب للمظاهر الاحتفالية والاحتفائية ما بين استقبال ووداع ومناسبات دينية ووطنية مختلفة. ومن خلال هذه المنظمات العديدة برزت نجوم لامعة فى سماء الرياض من بين أبناء الجالية السودانية قدمت عطاءً بلا حدود وامتد عطاؤها لداخل الوطن بعد أن وجدت من التفت الى قدراتها وكفاءتها. ومن بين تلك النجوم الشيخ عبد الباسط عبد الماجد الخبير التربوى والثقافى الضليع الذى عرفته منتديات الرياض الثقافية، وبعد عودته لأحضان الوطن تولى وزارة الثقافة، وكانت له بصماته الرائعة فى هذا المضمار. كذلك قدمت الرياض العالم الموسوعة بروف حسن أبو عائشة الذى أسس بالرياض الهيئة الطوعية القومية لدعم التعليم العالى، تلك الهيئة العملاقة التى دعمت مسيرة الثورة التعليمية بالسودان ماديا ومعنويا، ورفدتها بالمحاضرين والمراجع العلمية الثمينة ومعدات المختبرات، خاصة فى بداياتها عندما تناهشتها الألسن حينذاك، وقد ضمن ذلك فى كتاب توثيقى مهم. وقد انبثقت من تلك الهيئة دورة الثقافة والتنمية التى كانت تقدم محاضرات أسبوعية بالسفارة السودانية ذات قيمة نوعية رفيعة، قبل أن يتم وأدها شأنها شأن كل الأعمال الرائعة. وبعد عودة البروف لأرض الوطن عمل مديرا لجامعة الرباط ثم وزير دولة بوزارة الصحة الاتحادية، وفى المجالين أبلى بلاء حسنا، ويشغل الآن منصب رئيس المجلس الأعلى للأدوية والسموم. ومن المفارقات أن الذى خلف بروف أبو عائشة وزير دولة بوزارة الصحة الاتحادية هو دكتور حسب الرسول بابكر العالم المتواضع، وكانت له صولات وجولات فى فعاليات الرياض المختلفة. ومن بين تلك القمم السامقة بروف عبد الله الصادق على خبير المساحة الذى قدم محاضرات رائعة فى هندسة الفضاء من خلال دورة الثقافة والتنمية، والذى يمسك الآن بأخطر الملفات، فهو رئيس لجنة ترسيم الحدود السودانية التى يتوقف على عملها إجراء الاستفتاء لجنوب السودان ومنطقة أبيى. عقد نضيد وفريد من تلك الوجوه المشرقة من بينهم د. ابراهيم القرشى الذى أثرى دورة الثقافة والتنمية بمحاضرات غاية فى الروعة فى الأدب العربى والشعر السودانى، ويتولى الآن حقيبة الثقافة بولاية الجزيرة. ويقف الآن على رئاسة جهاز السودانيين العاملين بالخارج د. كرار التهامى الذى كان القاسم المشترك فى فعاليات الرياض الثقافية والاجتماعية والرياضية، وعرف بنشاطه الكثيف فى غالب منتدياتها. هذا غيض من فيض، ولا أستطيع أن أعدد كل تلك الأسماء الرائعة. وليعذرنى د. بابكر على الأمين ود. كرم الله على عبد الرحمن ود. حسين حمدى ود. أحمد ميرغنى وآخرون و آخرون أذكرهم فردا فردا لكن لا يتسع المجال لذكرهم، فقد عرفوا بالتواضع الجم والنظرة الثاقبة والعلم الغزير، فازدانت بهم المناصب التى لم يتكالبوا عليها، ولربما أعود اليهم فى مقالات لاحقة، ولكنى أرجو مخلصا أن يمتد عطاء أبناء الجالية السودانية بالرياض، وأن يرتقوا لمصاف تلك القمم فى العلم والخلق والتواضع والعطاء، ونسأل الله سبحانه وتعالى ألا نستبدل الذى هو خير بالأدنى، وألا يخلف أولئك الرجال خلف يضيعوا الصلوات ويتبعوا الشهوات، تسمع ضجيجهم ولا ترى طحينهم.