في القولد التقيت بالصديق وانعم به من فاضل صديق ! هكذا كان يشدو طلاب المدارس الاولية وهم يتلمسون جغرافية السودان وتركيبته الديمغرافية. الصحافة قامت بزيارة للقولد، قولد الالفية الثالثة التي اختفت فيها الكابيدة وجئنا لتلمس هموم الناس. تأسست محلية القولد في العام 2007 وتحتل موقعا متميزا بالولاية الشمالية حيث تحدها شمالا دنقلا وجنوبا الدبة وشرقا مروي وغربا ولاية شمال دارفور، ويقطنها ثمانون ألف نسمة وتضم القري الواقعة علي ضفتي النيل في مساحة تمتد 65 كيلو متر من الجنوب الي الشمال ،وتعتبر حاضرتها القولد، دنقلا العجوز الواقعة في الضفة الشرقية للنيل من أكبر مدن المحلية التي تضم أكثر من أربعين قرية ،ورغم ماتتميز به من موقع جغرافي وإمكانيات زراعية وأرث تاريخي يمتد إلي عهد عبد الله بن أبي السرح الذي لايزال مسجده موجودا بدنقلا العجوز ، رغم كل ذلك تبدو مدينة القولد تحديدا بعيدة كل البعد عن المدن المعاصرة والمتطورة ،ويتبدي ذلك جليا في شبكة الطرق الداخلية التي لم يعرف الأسفلت إليها سبيلا منذ إنشاء المدينة وحتي الردمية الخرسانية التي تم تشيدها تشكل تهديدا وخطورة على العربات حسب أفادة أحد سائقي عربات الأجرة المحلية، الذي قال إنهم يفضلون استعمال الطرق الترابية في الحركة وذلك لان الردمية تتسبب في إلحاق الأعطال بالعربات التي تستعملها، وبخلاف الطرق التي يشتكي منها المواطنون مثلها والرسوم والضرائب الكثيرة المفروضة من قبل السلطات ،لايختلف حال المستشفى كثيرا عن المشهد العام بالمدينة ،والمستشفى الذي تم افتتاحه في نهاية العقد الماضي يرتاده أكثر من ثلاث آلاف مريض في الشهر، وقبل التعرف على أوجه النقص التي يعاني منها نشير إلى أن الأمانة الصحفية تقتضي الإشادة بمستوى النظافة والنظام اللذين يميزان المستشفى إلتي تم تشيده علي طراز حديث ويتكون من عنابر للنساء الرجال والأطفال ،وعن النقص الذي يعاني منه المستشفى يقول مديرها الطبي الدكتور سليمان عبد العزيز الشفيع إن هناك نقصا كبيرا يعاني منه المستشفى علي صعيد الاجهزه الطبية والكادر التقني والعمالة وأوضح قائلا :يوجد بالمستشفى جهاز رسم قلب وموجات صوتية غير أن الاشعة الموجودة صغيرة الحجم ولا تؤدي بالكفاءة المطلوبة ،كما أن هناك نقصا في بعض معدات العملية تتمثل في طاولة العمليات التي يتم وضع المريض عليها لأجراء العملية ، ولا يوجد جهاز تقييم المريض وجهاز لحم الشرايين ،وعلاوة علي كل ذلك لاتوجد أقسام للعيون والأسنان والباطنية التي تحتاج لأختصاصي ،علما بأن هناك اختصاصيين للنساء والتوليد والأطفال ،ويضيف :من أكبر المشاكل التي يعاني منها المستشفي النقص الحاد في الكوادر والعمالة حيث يوجد أختصاصيان و13 ممرضا وعاملان اثنان فقط وطبيبان عموميان ومساعد طبي، وهذا العدد مقارنة بحجم العمل يعتبر قليلا ويضاعف من حجم المسؤولية على عاتق الكادر الطبي الموجود ألذي لايمكن أن يدير العمل في العناية المكثفة التي تبرع بها بعض الأخيار وفي المستشفى ،وعبركم أناشد الجهات المسؤولة بأن يتم تعيين كوادر طبية وسسترات. بخلاف القضايا آنفة الذكر توجد بالمحلية قرى لم تصلها خدمة الكهرباء بالرغم من وقوعها علي مقربة من سد مروي بالإضافة إلي معاناة مواطني بعض القرى خاصة التي تقع شرق النيل في توفير مياه الشرب ، ومن ابرز الصور السالبة بمحلية القولد معاناة التلاميذ في توفير الكتاب المدرسي والإجلاس بالإضافة الى ازدياد حالات الفقر وعدم كهربة المشاريع الزراعية التي تعتبر مصدر الدخل الرئيس لمعظم السكان الذين يمتهنون الزراعة والتجارة ،وأيضا ومن خلال تجوالنا في القولد لفت نظرنا الهدوء الكبير الذي يميز معظم الأحياء وعلمنا ان عددا كبيرا من المنازل غير مأهولة بالسكان بداعي الهجرة الي العاصمة بحثا عن أسباب الحياة الكريمة . حملنا أوراقنا وتوجهنا صوب معتمد المحلية سيد عوض السيد الذي طالبنا قبل لقائه بالطواف علي المدينة للتعرف علي الصورة العامه والسلبيات وأوجه القصور ،و وأكبرنا فيه هذا الفهم المتقدم للرسالة الإعلامية ،وأشار في بداية حديثه الي أن المحلية تعتبر محدودة الموارد التي وصفها بالتقليدية وقال إن هذا الأمر يؤثر سلبا علي تنفيذ العديد من برامج التنمية، وذلك لان المحلية تقع علي عاتقها العديد من المسؤوليات المتعلقة بالتعليم والصحة والخدمات الأخرى ،وأضاف :في محور الصحة توجد بالمحلية مستشفيات ومراكز صحية بيد أنها تفتقر الي الكوادر الطبية وتعاني نقصا واضحا، ونحن نعترف بهذه الحقيقة ونسعي لمعالجة هذه المعضلة بشتي السبل وعشمنا كبير في أبناء المحلية الأطباء العموميين في مناطق السودان الاخري والسسترات بالاستجابة لنداء المنطقة وقبول العمل بمستشفيات المحلية المختلفة التي قفل أحدها لعدم وجود الكوادر . وعلى صعيد العقبات التي تعتري الزراعة أشار المعتمد الى ان جل تركيزهم منصب ناحية الزراعة وذلك لأنها تعتبر المهنه الأولى للسكان وقال : يبلغ عدد المشاريع الزراعية بالمحلية خمسا وعشرين مشروعا، تعمل بنظام طلمبات الجازولين وسوف تتم كهربتها في الفترة المقبلة حسب تأكيدات الإخوة في إدارة السدود الذين شرعوا في الطواف علي المشاريع لتحديد المطلوبات وعمل الدراسة الكاملة وذلك توطئة لبداية العمل قريبا ،أما فيما يختص بالموسم الشتوي القادم فقد زارنا الأخ وزير الزراعة الولائي الذي طاف علي المشاريع وتعرف علي المعوقات وأكد توفير للتمويل والتقاوي والمبيدات وذلك من اجل ضمان نجاح الموسم الشتوي الذي سيعتمد علي زراعة القمح . وفيما يختص بالفقر قال إن هناك إدارة شؤون اجتماعية تهتم بالشرائح الفقيرة ودعمها بالتعاون مع الخيرين وأبرزهم أبن المنطقة البار حسن عثمان الذي ظل يمد أياديه بالدعم المقدر والاهتمام المتواصل بهموم المنطقة و كذلك ظلت المنظمات تلعب ادوارا مقدرة في كفالة الأيتام مثل منظمة سند الخيرية ونوافل والشهيد الزبير الخيرية و إدارة السدود، وتهدف المحلية بالتعاون مع عدد من الجهات الي إدخال ست آلاف أسرة تحت مظلة التأمين الصحي ونناشد أبناء المنطقة بالمساهمة في هذا المشروع الخيري الكبير . وفي جانب أخر، أشار المعتمد الي سعيهم لتطوير مدينة دنقلا عبر تنفيذ الدراسة التي تم وضعها من جامعة أم درمان الإسلامية وكذلك لاهتمام بالسياحة الدينية بدنقلا العجوز ،وكشف عن سفلتة 14 كيلو مترا داخل المحلية ومدينة القولد اعتبارا من شهر نوفمبر القادم وقال ان القري التي لم تصلها خدمة الكهرباء ستنعم بها قريبا وكذلك المياه، وأكد اقتراب نهاية مشكلتي المياه والكهرباء بكل قري المحلية، وناشد معتمد القولد وزارة الثقافة والإعلام بضرورة إيصال البث التلفزيوني والاذاعي الى المحلية التي تعتبر خارج نطاق التغطية ،ووعد معتمد القولد سيد عوض السيد، في ختام حديثه بتنمية شاملة ستنتظم المحلية في الفترة القادمة.