٭ تنبيه وتنويه من نائب الأمين العام للحركة الشعبية رئيس قطاع الشمال ياسر عرمان بعدم التعامل مع المواقع والحسابات المفتوحة باسمه على صفحات الفيس بوك التي نشطت خلال حملته الدعائية لانتخابات رئاسة الجمهورية أبريل الماضي.. وقال ياسر عرمان ان صفحات الفيس بوك التي تحمل اسمه ليس له أية علاقة بها .. محذرا من التعامل معها... وبالطبع فإن هذا التنبيه ربما يفتح صفحات اخرى تتعلق بكيفية تعاطي القادة السياسيين ورموز القوى والاحزاب السياسية وتعاملهم مع التقنية الحديثة ووسائل الاتصال المبتكرة .. مثل الانترنت واستخدام البريد الإلكتروني... «الإيميل» وحسابات الفيس بوك والمخاطبات التي تتم عبر ما يعرف بتقنية الڤيديو كونفرس او غرف «البالتوك» و «الشات» التي تعني الدردشة الالكترونية وفي الواقع فإن اللافت للانتباه ومنذ وقت مبكر قبل اتساع رقعة التكنولوجيا وخلال مرحلة اختفاء سكرتير عام الحزب الشيوعي السوداني محمد ابراهيم نقد تحت الارض، فإن ما تناقلته المجالس الخاصة في اوساط الشيوعيين ان الحوار الذي اجراه معه الصحفي السوداني المغترب عمر العمر لصالح صحيفة البيان الاماراتية تم عبر الانترنت ومن غير ان يلتقي الرجلان وجها لوجه، الامر الذي من شأنه ان يعطي انطباعا بأن زعيم الشيوعيين لديه القدرة على التخاطب والتحاور عن طريق الوسائل والاساليب الحديثة رغم وجوده «تحت الارض»..! بينما الطرف الآخر في مكان آخر فوق ظهر الارض الا ان ما ظهر لاحقا ان الشيوعيين استخدموا او قصدوا من خلال اطلاقهم لمعلومة ان اللقاء الصحفي وقتها تم عبر «الماسنجر» تضليل وتعمية الاجهزة الامنية وعيونها التي كانت تبحث عن مكان اختفاء ومخبأ نقد..! ربما .. لكن كل الاحتمالات واردة في السياسة .. فصاحب الشقة التي كان يستأجرها نقد خلال فترة الاختباء بحي الفردوس شمال وقريبا من شارع الستين ذكر ليّ ان نقد كان يمتلك جهاز كمبيوتر راقٍ وحديث لكنه لم يشاهد الرجل ولو مرة واحدة يستخدم الجهاز..حسنا.. دعونا ننتقل الآن من اقصى اليسار الى اقصى اليمين فعصام الدين الترابي نجل زعيم المؤتمر الشعبي الدكتور حسن الترابي يؤكد ليّ ان والده شديد الاهتمام بتطبيقات واستخدامات التقانة الحديثة ووسائل الاتصال المختلفة وله شغف كبير بقراءة «كتالوجات» الاجهزة الإلكترونية ويعمل على تركيبها بنفسه..! كما انه يمتلك جهاز حاسوب موصل بشبكة الانترنت في غرفته الخاصة ويتواصل إلكترونيا مع من هم خارج السودان او بعيدون عنه... حسب افادات نجله عصام.. كما انه اي الترابي يعمل على تزويد معلوماته عبر البحث الالكتروني للاستفادة منها وتوظيفها في انتاج وانجاز كتبه وبحوثه العلمية.. ٭ ومن جانب آخر فإن محدثي عصام الترابي يؤكد ان ابيه يهتم جدا بالمستجدات والتغيير في الاجهزة التكنولوجية ويحاول اقتناء آخر الصيحات ويضرب بذلك مثلا ان شيخ حسن يحرص على اقتناء احدث انواع وماركات «الرسيفرات» خاصة تلك التي لها تقنية عالية تمكنها من الحفظ والتسجيل ويهتم ايضا بلبس الساعات الإلكترونية المتطورة وبها مواقيت وتبيهات ناطقة تذكر بموعد أداء الصلوات والشعائر الدينية. ٭ وعلى مستوى حزب الامة فإن السيد الصادق المهدي زعيم الحزب وامام الانصار لا يقل اهتماما عن نديده وصهره الشيخ الترابي ... بالتكنولوجيا.. فسكرتيره الخاص وملازمه في الحل والترحال محمد زكي يقول ليّ ان المهدي لديه علاقة وثيقة بالوسائط الإلكترونية ولديه مواقع الكترونية خاصة بجانب امتلاكه لأكثر من بريد إلكتروني .. ويقرأ ويتابع ما يرد إليه في صندوق الرسائل او في الموقع الخاص به لكنه نادرا ما يتداخل مع المشاركين نسبة لمشغولياته وازدحام برنامجه اليومي حيث تتقاطع المشاغل مع وارد التكنولوجيا.. ويشير محمد زكي الى ان المهدي احيانا يتخاطب وعبر تقنية الصوت والصورة مع شخصيات سياسية داخل وخارج السودان.. بواسطة «اللاب توب».. الحديث الذي يمتلكه.. ويذكر محمد زكي ان من ضمن اهتمامات الرجل حرصه على معرفة آخر تقنيات اجهزة الموبايل ويعرف كيفية التعامل معها بدءاً من ارسال واستقبال الرسائل وحتى «البولوتوث»... ٭ حسنا... لكن على الرغم مما ذكر عن اهتمامات بعض الزعماء والقادة السياسيين بأجهزة التكنولوجيا والقدرة على توظيفها بما يخدم احزابهم الامر الذي ينفي عنه الامية التقنية الا ان الخبراء والمختصين في مجال تقانة الاتصالات ينظرون الى الامر من زاوية اخرى.. فالدكتور عبدالعزيز محمد عبدالله المختص في مجال الالياف الضوئية وتكنولوجيا الاتصالات يعقد مقارنة مبسطة بين القادة السياسيين في السودان والبلدان الاخرى خاصة المتقدمة ويقول ليّ ان المفارقة تبدو واضحة بين اهتمامات سياسيينا ورصفائهم في الدول الاخرى الذين قطعوا شوطا متقدما وبعيدا في هذا المجال.. ويقول ان هناك تقارير تخرج كل لحظة والاخرى من مراكز صناعة القرار والبحوث وتبث في الانترنت وفي القنوات الفضائية لا يعرف عنها سياسيونا شيئا وكأنما يعيشون خارج اطار العولمة...!! ويعيب الدكتور عبدالعزيز على قادة القوى السياسية استعانتهم الدائمة بفريق من سكرتاريا مكاتبهم للقيام بتلك ا لمهام بدلا من توليها بأنفسهم الامر الذي يحول بين القادة السياسيين وارتباطهم المباشر بوسائل التقنية الحديثة... ٭ وفي ذات السكة التي سار عليها الدكتور عبدالعزيز عبدالله يمضي المهندس عثمان ميرغني المحلل والكاتب الصحفي المعروف... ويعتبر ان التكنولوجيا الحديثة وسيلة وليست غاية في حد ذاتها ويقول ليّ ان القضية ليست في الإلمام بالتكنولوجيا انما باستخدامها وبعبارة اخرى... ليس بمعرفة شبكة الانترنت والبريد الالكتروني مثلا انما باستخدامهما بصورة مستمرة في العمل اليومي.. وفي تقدير عثمان ميرغني فإن غالبية القيادات السياسية السودانية ليست مهتمة باستخدام التكنولوجيا وذلك لاسباب بسيطة يحددها ميرغني في انشغالهم الشديد عنها وعدم وجود فرصة لإعادة النظر في طريقة العمل اليومية ربما لأن غالبية القيادات السياسية تعتمد على السكرتارية في ادارة العمل بما يجعلهم قليلي الاحتكاك بالوسائط الإلكترونية.. ويحكي عثمان ميرغني واقعة ذات صلة بقضيتنا هذه حينما يقول انه كان من ضمن حضور مؤتمر صحفي لوزير الخارجية الاسبق كولن باول وخلال المؤتمر الصحفي قالت له احدى الصحفيات انها ارسلت إليه بريدا إلكترونيا تستفسر عن كذا وكذا.. ويتخيّل عثمان ميرغني وقتها ان الوزير سيلتفت الى سكرتاريته ليسألهم عن البريد الإلكتروني المقصود لكنه يتفاجأ بالوزير يجيب بأنه استلم رسالة «الإيميل» ووّجه القيادة الامريكية الوسيطة بالرد عليه.. ! ٭ فالمسألة ليست هي مجرد معرفة التكنولوجيا فقط انما العبرة باستخدامها.!! والطريف في الموضوع ان تنظيما نصنّفه من وجهة نظرنا بأنه ارهابي ومتطرف دينياً هو تنظيم القاعدة الذي يتزعمه اسامة بن لادن يبرع ويتفوق في استخدام التقنية بصورة مدهشة فمن مغارات وكهوف التورا بورا بأفغانستان تصل اشرطة الفيديو و «السي دي».. جاهزة لتبث في قناة الجزيرة مثلا ومن ثم يشاهدها كل العالم بالصوت والصورة..! ورغم ان المخابرات الامريكية وبالتعاون مع جهاز المخابرات الاسرائيلي «الموساد» استطاعت اختراق برمجيات تقانة اجهزة حركة حماس وبالتالي اغتالت الزعيم الروحي لحماس الشيخ أحمد يس وخلفه عبدالعزيز الرنتيسي الا انها فشلت تماما في القضاء على اسامة بن لادن رغم تطور استراتيجية مكافحة الارهاب باستخدام اجهزة حساسة تستطيع رصد وتتبع الاتصالات عبر ترددات الرادار والاقمار الصناعية وهنا تكمن المفارقة...!! بل تذهب «القاعدة» الى ابعد من ذلك حينما يتحدث زعيمها اسامة بن لادن عبر غرفة (البالتوك) لمخاطبة المقاتلين والمجاهدين التابعين للتنظيم رغم ان «سيرفر»«البالتوك» مربوط بأجهزة المخابرات الامريكية «السي أي أي» وهنا تتجلى عبقرية القاعدة حينما تستخدم التكنولوجيا التي صنعتها امريكا لضرب امريكا نفسها وارباك حساباتها..!!