الخرطوم : هويدا المكى هل جاء قول اهل السودان بمثابة الدعوة على النجار عندما اطلق عبارته المأثورة بيت النجار مخلع؟ لقد بات الامر واقعا تجسده حالة الضنك التي يعايشها غالبية النجارين هذه الايام ،ويرى الكثيرون بصحة المقولة التي باتت تنطبق على نجاري السودان الذين غابت شمس امبراطوريتهم بسبب تدفق شحنات الأثاث المستورد الذى غزا جميع الاسواق، لما يتمتع به من جمال الشكل اصاب المواطن بحالة من الانبهار برغم ان الكثيرين يجزمون على ضعف مدخل صناعته، خاصة ان غالبية المادة الخام التي يصنع منها هي نشارة الخشب التي يتم ضغطها في شكل الواح، تصنع منها الاثاثات المنزلية التي يتم توريدها في وقت يتميز فيه المنتج المحلى بالجودة والمتانة . الصحافة التقت بعدد من النجارين وسألتهم عن الاحوال في ظل الركود الذي بات سمة سوق النجارين الذي لمسته الصحيفة اثناء جولتها بسوق السجانه عندما وقفت على صمت المناشير والفارات وهي من ادوات النجارين الذين وجدناهم يجلسون وعشرهم على رؤسهم في محنة وشرود بعد غروب شمس مملكتهم وما اصابهم من ضياع وحالة من الفاقة بعد ان وكانت المحلات فى الماضى تعج باصوات ماكينات النجارة والارض مملوءة بنشارة الخشب مؤشرا على وجود حياة وقوة شرائية وصفوف من الزبائن . تحدث احمد الاحيمر بأسى بالغ لما اصاب مهنة النجارة من ركود قاتل قائلا بان سبب تجفيف عمل النجارين هو الاثاث المستورد من ماليزى وصينى الذى غزا الاسواق المحلية وما يدعيه البعض من انه جميل الشكل ما ادى الى انبهار الزبائن به دون النظر الى الجودة والمتانة التى يفتقدها ، علما ان عيوبه عديدة ويصيبه العطب حتى اذا تم ترحيله من مكان الى آخر اضافة الى انه غير قابل للصيانة مرة اخرى عكس المحلى الذى يمتاز بالجودة والمتانة ويمكن اعادة صيانته اكثر من مرة واثاث المستورد ارخص من المحلى واضاف الاحمير ان الخام الذى نستورده من الخارج لتتم صناعته داخل السودان مكلف للغاية بسبب ما عليه من ضرائب وزكاة ورسوم شحن علما ان السودان به (67) نوعا من الخشب القابل للاستغلال لكن لعدم الامكانيات لم يستخدم غير خمسة انواع فقط وحتى هذه الخمسة منها التك والمهوقنى الذى يعتبر من اجود انواع الخشب فى العالم اصبح يصدر من الجنوب الى الخارج، وهذا من الاسباب التى اثرت على مهنة النجارة اضافة الى العمالة الوافدة من الخارج ادت الى عطالة العامل السودانى الذى بات متفرجا ويجلس على الرصيف يندب حظه وهذا ليس قصرا على النجارة فقط بل طال جميع المهن الحرفية ومضى الاحمير قائلا فى الماضى كانت المصالح الحكومية تشترى اثاثها بمليارات الجنيهات من المخازن والمهمات لكن بعد المستورد لجأت اليه على الرغم من ان المؤسسات تقوم بتغييره سنويا لعدم متانته مطالبا الجهات المختصة ان تنظم صناعات المهن الصغيرة وتمويلها وتخفيض الجمارك والمعدات المستخدمة مع قرار ايقاف المستورد لتوفير فرص العمل للايدى السودانية فيما قال عبد الرحيم عبدالله صاحب معرض ان ارتفاع الدولار فى الايام الماضية ادى الى ارتفاع الاسعار فى جميع السلع التجارية ومهنة النجارة بدأت تتأرجح منذ دخول المستورد الى السوق. وعلى الرغم من انه غير متين الا ان الاقبال عليه اكثر من المحلى واشار عبد الرحيم الى جودة المحلى لكنه بات مكلفاً نسبة الى غلاء المواد الخام والايدى العاملة واضاف قائلا فى الماضى كان التجار يستخدمون الخشب المحلى خاصة (التك) الذى بات يصدر من الجنوب الى الخارج وهو غالى جدا ويباع بالسنتمتر مما جعل التجار يعتمدون على الاستيراد من الخارج مثل خشب( البلاسيد) لصناعته محليا على الرغم من عدم جودته اما النجارالعم عثمان آدم الذى يفتح دكانه بحى من احياء الحاج يوسف قال (حليل النجارة زمان وقت كنا بنعمل سهرات كى نقوم بتغطية طلبات الزبائن لكن الآن بعد العولمة التى اجتاحت البلاد حتى فى الاثاث اصبحنا عاطلين من غير عمل ) واكد العم أنه وخلال خمسة شهور لم يأتِ اليه زبون غير انه اعتمد على صيانة وتأهيل الاثاث القديم فقط .