تعتبر ولاية جنوب دارفور من أهم ولايات السودان الداعمة للناتج القومي فهي الاولى من ناحية الثروة الحيوانية بجانب انها الثانية في مجمل الانشطة الاقتصادية لموقعها الجغرافى الذي يميزها عن بقية الولايات بعد الخرطوم ، ومن ناحية المراعى الطبيعية تمتلك الولاية الاراضى الواسعة ذات الخضرة الدائمة غير ان موقعها الحدودى مع بعض الدول المجاورة (تشاد ، افريقيا الوسطى ) القى بتبعات كثيرة انعكست سلبا على تربية الماشية فضلا عن المعاناة فى مجال توفير خدمات صحة الحيوان ومكافحة الاوبئة وخدمات الرحل والرعاة ، ما ادى الى تدهور وافساد بيئة الانتاج وعدم الاستفادة منها استثماريا . وفى ذات الاتجاه يرى المراقبون ان ما شهدته دارفور من حروب وصراعات كانت له انعكاساته السالبة على حركة الماشية، بجانب ان المظهر العام لتربية الحيوان ظل يأخذ طابع المباهاة والتفاخر بحجم وعدد القطعان التى يمتلكها الفرد دون استثمارها بصورة تسهم فى تغيير واقع المواطن . إن مالكى الماشية من عامة الناس لا يملكون اسباب تطويرها ، كما ان نمو عدد القطعان يجعلها عرضة للسرقة والنهب ، وتشير التقارير الى ان السرقات التى يقوم بها بعض المتفلتين تأتي بنتائج وخيمة تتمثل في حدوث الصراعات والحروب القبلية بين المجموعات السكانية ، وتعتبر تربية الحيوان السبب الرئيس فى النزاعات المسلحة بين المجموعات السكانية وخاصة بين الرعاة الباحثين عن المراعى و موارد المياه وبين المزارعين . في الآونة الاخيرة واجهت تربية الحيوان بدارفور اشكالات تمثلت فى عدم استقرار الرحل وذلك يعني عدم حصولهم على الخدمات من تعليم وتوعية وارشادات فى مجال تربية الحيوان فضلاعن عدم استطاعة الجهات ذات الاختصاص من مطاردة الرحل فى جميع انحاء الولاية وسيما ان الولاية حدودها مفتوحة مع دولتين وهذا مما يؤدى الى حركة عكسية للرحل فى اوقات الصيف ، وفى ذات الاتجاه يقول وزير الثروة الحيوانية بالولاية ايدام عبد الرحمن ايدام ان هنالك جملة من الاشكالات تواجه تربية الحيوان بالولاية منها عدم توفر المراعى الطبيعية الذي كان محل قلق للوزارة لان عدم توفر المراعي يعني ان يكون الرعاة والمزارعون فى حالة احتكاكات وصراعات مسلحة ، وكشف ايدام ان زرايب الهوى وزراعة الشرك هى واحدة من اكبر المهددات الامنية ولها الاثر الاكبر فى تدهور العلاقة بين الراعى والمزارع ويشير ايدام الى ان زراعة الشرك هى مساحات زراعية صغيرة يزرعها بعض الافراد بقرض الايقاع بين الرعاة والمزارعين واما زرايب الهوى فهى مساحات واسعة من الاراضى التى تتواجد بها الاعلاف والحشائش يقوم بعض الافراد بزربها بالشوك بقرض الاحتفاظ بعلف لماشيتهم فى اوقات الضيق او بيعها للاستفادة ماديا و غالبا ما يقوم بعض الراعاة بادخال ماشيتهم فيها ما يؤدى الى احداث حالة من الاحتقان بين الطرفين ، ومضى الوزير للقول ان البحث عن المراعى هو الشغل الشاغل للرعاة فيتجاهلون الاهتمام بالجانب الصحى لماشيتهم ما يؤدى الى فقدان اعداد كبيرة منها بسبب الامراض التى تفتك بالحيوان . ويشير وزير الزراعة بجنوب دارفور الى ان عدم الالتزام بقوانين المسارات والمراحيل يؤدى الى حدوث احتكاكات بينهم لهذا اصدرت الوزارة قرارا قبل بدء الموسم قضى بتنظيم المراحيل و المسارات الرعوية بهدف تقليل الاحتكاكات السالبة بين الطرفين و طالب القرار معتمدى المحليات وزعماء القبائل بالاسراع فى اصدار التوجيهات اللازمة لفتح المراحيل والمسارات الرعوية التقليدية المتعارف عليها منذ فترة طويلة واى مراحيل اخرى مستحدثة يتوافق عليها المزارعون والرعاة وسلطاتهم المحلية والادارة الاهلية لمرور البادية ، بجانب مد الوزارة بوصف تفصيلى للمسارات والمراحيل بغرض المراجعه والتوثيق ، حتى تتمكن الولاية من تحقيق التوسع الرأسى فى الزراعة والحفاظ على الثروة الحيوانية ، واشار القرار الى فتح المسارات الرعوية منذ 1988م مرورا بقرارات مؤتمر الصلح بين قبائل الفور وبعض القبائل العربية فى عام 1989م ، ومؤتمر الامن الشامل لولايات دارفور فى عام 1998م ودعا القرار منع قفل المراحيل والمسارات وموارد المياه ، ومنع الزراعة فى صوانى نزل البادية ، وشدد على عدم جواز التوسع فى الزراعة فى مناطق مخارف ومصايف البادية الا بعد اخطار السلطات المحلية والحصول على تصديق بذلك ، اضافة الى منع مايعرف بزرائب الهوى وزراعة (الشرك) وعدم مشروعية زرب موارد المياه الطبعية ، وطالب القرار الرعاة بعدم النزول فى حرم الزراعة والحلال ، وفى حال قفل المراحيل والمسارات بواسطة مشروع حكومى على الجهات المسؤولة من ذلك المشروع فتح مسارات جديدة حتى لايؤدى القفل الى خلل فى التوازن الاجتماعى . وبرغم اهمية القرارات في ازالة اسباب الاحتقان فيرى البعض انها لم تجد الالتزام من الاطراف المعنية بالامر وخاصة ما حدث من صراعات قبلية بسبب الماشية والمراعى ، وفى ذات السياق عادت الصحافة واستنطقت وزير الثورة الحيوانية ايدم عبد الرحمن مرة اخرى بعد ان قطع فى وقت سابق ان هذه القرارات ستجد الاهتمام الا انه كشف مرة اخرى للصحافة بان هنالك جملة من الصعوبات التى تواجه وزارته ، فضلاعن المشاكل التى تواجه شريحة الرحل والرعاة فى الشهور التى تسبق موسم الامطار (ابريل ،مايو ، يوليو ) مما يولد بعض الاحتكاكات بين الرعاة والمزارعين ، في وقت تواجه فيه الوزارة نقصاً حاداً فى الخدمات المقدمة للرحل ،اضافة الى النقص الحاد فى الكوادر الطبية من الاختصاصين البيطريين والاطباء الفنيين والعمال ، وقال ايدام فى ان من اكبر المهددات التى تواجه وزارته صعف ارتباط الرعاة مع الدولة الشئ الذى جعل البادية مصدر قلق امنى ، معتبرا ان ظاهرة الصراعات القبلية هى وليدة الاضطرابات الامنية التى ادخلتها الحركات المسلحة مما ادى الى فقدان اصحاب المواشى اغلب مواشيهم ،لافتا الى ان الوزارة وضعت خطة لمعالجتها عبر الشورى والمناصحة بالاعراف والتقاليد السائدة بدارفور ، مشيرا الى ان هنالك خطة لربط الرحل بالدولة للاخذ بيدهم نحو التنمية والاعمار مشيرا الى ان القانون يلزم الفئات غير الرعوية بعدم قفل المراحيل ومشارب المياه وزراعة (الشرك) الذى يقوم بزراعتها بعض الافراد مؤكدا ان عدم توفير المراعى الطبيعية فى مواسم الجفاف واحده من اكبر الاشكالات التى تواجههم، وقال ايدام ان الوزارة قطعت شوطا فى تطعيم اكثر من اربعة مليون رأس من الماشية للحفاظ على صحة الحيوان وتغذيته ، بجانب توزيع اعداد كبيرة من الادوية بالمستشفيات والشفخانات البيطرية بالمحليات واماكن تمركز الرحل بجانب السعى الجاد لتوفير المراعى الطبيعية الآمنة ، فكل هذه الاسباب يرى الكثيرون انها كانت وراء تدهور العلاقة بين الراعى والمزارع ، ولهذا نظمت حكومة الولاية عبر وزارة الحكم المحلى والخدمة المدنية بمدينة نيالا مؤتمرا لاعادة العلاقة الاذلية بين الراعى والمزارع ووضع حدا نهائيا للصراع . فتناول المؤتمرالعديد من الاوراق العلمية التى شملت (تجربة ترسيم مراحيل ولاية جنوب دارفور مابين 2005م الى 2007م ،قانون الادارة الاهلية ماله وما عليه ، المهددات الاقتصادية والاجتماعية للمجتمعات الرعوية والزراعية ، اعمار العلاقة بين الراعى والمزارع من نظورالموارد المشتركة ، دور وزارة الحكم المحلى فى الاشراف والرقابة على تنظيم العلاقة بين الراعى والمزارع وورقة دورالادارة الاهلية فى اعمار العلاقة من واقع الاعراف والقانون ) واجمع المشاركون فى هذه الورشة بان اس المشكلة وطبيعة الصراع دائما تتعلق بالخلاف حول موارد المياه والكلأ وفى ذات الاتجاه اشارت ورقة ترسيم المراحيل الى ان مؤتمر الفاشر الذى عقد عام 1989م للصلح القبلى ، شخص النزاع حول الموارد خاصة الزراعة والرعى بانه احدى اقوى اسباب النزاع فى دارفور وقتئذٍ واضافت الورقة بان النزاع حول الموارد تفاقم مع بروز مشكلة دارفور الحالية ونبهت الورقة بان اهم اسباب مشاكل المسارات تتعلق بتخلى الرعاة عن مسار محدد لعدة سنوات لاسباب امنية او اجتماعية او بيئية ومع زوال الاسباب تعود البوادى لتجد ان المرحال قد اصبح اراضى زراعية فيما اشارت ورقة المهددات الامنية والاقتصادية الى ان الصراعات القبلية اثرت كثيرا على مجمل العلاقات الاجتماعية والاقتصادية كما ان نزوح اعداد مقدرة من المواطنين وبقاءهم فى المعسكرات افقد الولاية قطاعا هاما من المزارعين والرعاة الذين تحولوا من منتجين لمتلقى اعانات . ان الاوضاع الامنية اثرت على الرعى والرعاة وحرمتهم من كثير من مساراتهم ومراعيهم التقليدية واثرت بصورة واضحة على اسواق الماشية وتجارتها وخلصت الورقة بان اهم المهددات التى تواجه الولاية تتمثل فى الصراع الدائر فى دارفور ومايفرزه من انعدام الامن ،التغيرات المناخية والجفاف والتصحر بفعل الانسان والطبيعة . لقد ادى ضعف الانتاج الزراعى والحيوانى لعدم ادخال تقنيات حديثة فى القطاعين مع ضعف الاسواق المحلية وانعدام الاستثمار وضعف فرصه للظروف الامنية مع النمو السكانى المتزايد ونمو اعداد الثروة الحيوانية ، وقرر المؤتمر فى ختام اعماله التى شهد عليها والى الولاية د.عبدالحميد كاشا ووفد من المركز بقيادة وزير الدولة بالثروة الحيوانية د.انجلو اتاك بضرورة عقد مؤتمر سنوى للحكم المحلى بالولاية تشارك فيه كافة محليات الولاية فى هذا الاطار ومن ابرز توصياته التى تلاها وزير الحكم المحلى المشرف على المؤتمر د.عبدالرحمن الزين اهمية عقد مؤتمر للسلام الاجتماعى عاجلاً ووضع ميثاق تتعاهد عليه كافة قبائل الولاية ، تعديل قانون الادارة الاهلية بما يمكنها من اداء دورها وتحديد علاقتها التنسيقية مع الاجهزة الرسمية الاخرى والعمل على رفع الوعى بين الرعاة والمزارعين ومراجعة المسارات عبر الوزارات المختصة وفتح المسارات وعدم قفلها كما اوصى على اهمية نزع السلاح من الرعاة والمزارعين وكتابة وثيقة مشتركة بين الطرفين لاعادة العلاقات واتباع النظام العرفى والثقافى لحل النزاعات بينهما ، تسجيل الاراضى الزراعية واعادة المشروعات السابقة التى تم القاؤها مثل السافنا والنعام وجبل مرة مع تفعيل مسلخ نيالا حتى يساهم فى ارتفاع اسعار الماشية وتسويقها بالداخل مع تطوير الاسواق الحالية وفتح اسواق جديدة داخل وخارج الولاية من دول الجوار بغرض تسويق المنتجات الزراعية والحيوانية بجانب تحديث الخريطة الاستثمارية للولاية بما يضمن تطوير وفتح آفاق جديدة فى مشاريع الزراعة والرعى ، ترسيم المراحيل بتنصيب اعمدة خرسانية مستديمة مع توفير مياه الشرب على امتداد المراحيل ومناطق المصايف والمخارف على وجه الخصوص مع المراجعة السنوية للمسارات وهى احد اهم الادوات النافذة حاليا لسلامة سير البوادى ،كما اوصى بأهمية تعبيد الطرق الداخلية التى تربط الولاية بالمحليات لتسهيل نقل منتجات الرعاة والمزارعين الى الاسواق ومناطق الاستهلاك . والى جنوب دارفور عبدالحميد موسى كاشا اقرلدى مخاطبته ختام اعمال المؤتمر بعجز حكومته فى توفير الامن لكافة سكان الولاية وقال ان الامن يأتى اولا بقناعة المواطنين انفسهم والقيادات الاهلية ودعاهم لعدم رمى اللوم على الحكومة بالاخفاق فى حفظ الامن وتابع (لو قلنا اننا نستطيع حفظ امن عدد 4.500.00 شخص اكثر من اربعة مليون نسمة فى مساحة قدرها (139) الف كيلو متر نكون قد خدعناكم فالامن يأتى بقناعة المواطن وبتقوى الله فى حرمة دماء المسلمين ) واكد ان حكومته مهما حشدت من قوات ووضع ترتيباتها الامنية فان المواطن هو الذى يساعد فى استتباب الامن مناشدا الجميع بالصبر وتحمل البعض واعادة العلاقات القديمة من اجل الانطلاق نحو التنمية. وقال كاشا ان ولايته استقبلت وفدا من دولة هولندا للاستثمارفى مجال اللحوم والاعانة فى التلقيح الاصطناعى لتطوير الثروة الحيوانية مشيرا الى دعم وزارة الثروة الحيوانية الاتحادية الولاية بمصنع نايتروجين للتلقيح الصناعى لتحسين نسل الماشية وبشر كاشا مواطنى الولاية بوصول وفد الشركة الصينية المنفذة لطريق الانقاذ الغربى لمحلية الضعين فى اطار المسح الميدانى لانفاذ محور النهود الضعين نيالا بتوجيه من رئيس الجمهورية معلنا عن استئناف العمل فى مشروع مياه نيالا من حوض البقارة فى الاول من اكتوبر. وقال ان نائب رئيس الجمهورية على عثمان امن على ميزانيته البالغة (11مليون و700 الف دولار ببنك السودان المركزى ) واضاف ان الاموال التى رصدت للولاية فى اطار استراتيجية سلام دارفور سيتم تخصيص الجزء الاكبر منها لانشاء العديد من الطرق الداخلية ، وفى ختام المؤتمر طالب المؤتمرون حكومة الولاية بانزال التوصيات لارض الواقع حتى تكون مفتاحا للعلاج الجذرى للمشكلات القبلية التى تعيشها الولاية واكد مراقبون ان معالجة النزاع بين الرعاة والمزارعين يكمن فى تنفيذ التوصيات وتوفير الخدمات التى تمنع الاحتكاك بسبب الماء والكلأ .وهنايقول وزير الثروة الحيوانية بالولاية ايدام عبد الرحمن ان وزارته وضعت جملة من التدابير اللازمة لمعالجة كافة الاشكالات التى تواجه قطاع الثروة الحيوانية والسعى الى ايجاد مواعين لتطويرها وتشجيع الاستثمار فى قطاع الثروة الحيوانية بالولاية وذلك من خلال تنمية المجتمعات الرعوية والارتقاء بمستوياتهم المعيشية ونشرالوعى وادخال الحيوان فى الدورة الانتاجية والاقتصادية ومساعدة كل المجتمعات للعودة لتربية الماشية لزيادة الدخل القومى واللجوء الى استخدام الحزم التقنية فى تصنيع منتجات الحيوان وزيادة الرعاية والاشراف والعمل على استقرار الرحل وتنميتهم.