أكثر من 21 وزيرا للشؤون الاجتماعية بولايات السودان الشمالية والجنوبية ناقشوا خلال اجتماعات مجلس تنمية المجتمع لوزراء الشئون الاجتماعية الذى انعقد بولاية اعالى النيل « ملكال» وعلى مدى ثلاثة ايام كيفية تعزيز دور المرأة فى التنمية الريفية والتمويل الاصغر كوسيلة لمحاربة الفقر، وتم التداول حول الورشة من واقع قضايا الفقر وطرق معالجته والتصدى له وكيفية رفع القدرات الانتاجية للمرأة الريفية وادخالها فى الدورة الانتاجية وتنمية قدراتها بحضور نائب حاكم ولاية اعالى النيل ووزيرة الرعاية والضمان الاجتماعى الاستاذة اميرة الفاضل ووزير العمل الاتحادى ووزيرة الشئون الاجتماعية بولاية اعالى النيل ومتشار وزارة الجندر بحكومة الجنوب. وتطرق الدكتور كمال على مدنى المدير العام للصندوق القومى للمعاشات الى نشأة نظام الحماية الاجتماعية والتعديلات التى ادخلت لتحسين المعاشات فى العام 2004م ،مشيرا الى ملف المعاشات بالجنوب والخطوات التى تمت فيه من واقع الاتفاقية التى ابرمت مع حكومة الجنوب وقال مدير التأمين الصحى الدكتور عبدالحليم حسن ان النظام مشروع تكافلى وآلية فاعلة لمكافحة الفقر. ويرى ابراهيم احمد ابراهيم مدير تنسيق دراسات الفقر بوزارة الرعاية والضمان الاجتماعى ان التمويل الاصغر يعتبر احد وسائل التصدى للفقر علما بان نجاح التمويل الاصغر لايكتمل الا بنجاح المنشأة الصغيرة «جانبى العرض والطلب» مبينا ان الفقر ظاهرة قديمة تتصل ببيئة المجتمع وثقافته، مشيرا الى وجود اربع قنوات تؤثر على الفقر سلبا وايجابا وهى قناة النمو والعمالة وقناة الانفاق العام والتضخم وقناة سعر الصرف. وقال ان التصدى للفقر يتم عبر وسائل منها النمو المستدام عريض القاعدة والموازنة المناصرة للفقراء وشبكات الامان ذات التغطية والشمول والخدمات الاجتماعية ، وقال ان الاهتمام بالتمويل الاصغر لايغنى عن دور السياسة العامة فى محاربة الفقر وخاصة السياسات الاقتصادية الملائمة وسياسات العمالة الناشطة فضلا عن سياسات التصنيع والسياسات الزراعية والصحية والتعليمية ،مبينا ان هنالك دراسات اثبتت ان الفقراء تحت خط الفقر لايستفيدون من التمويل الاصغر اما الدراسات التجريبية الحديثة لم تثبت اى تأثير للتمويل الاصغر على الحد من الفقر قياسا بمعايير الفقر المعروفة او بمعيار تمكين المرأة . ويقول مدير مركز تنسيق دراسات الفقر ان المشروع الاجتماعى مثل المشروع الاستثمارى لكنه يكتفى باستعادة التكلفة دون السعى لربح ،مؤكدا ان التمويل الاصغر لايمثل عصا سحرية ولايغنى عن السياسات العامة والبرامج العامة لمحاربة الفقر ، واشار الى اجتماعات سابقة مع البنك المركزى حول شعار التمويل حق للجميع حيث اعتبر البعض انه حق دستوري وآخرون حق قانوني تنظم اللوائح طريق منحه للعملاء العاديين او عملاء التمويل الاصغر، مبينا ان المركزى ظل يراجع استراتيجيته سنويا فى اطار مراجعة السياسة النقدية والائتمانية على ان قضايا الشفافية فى تحديد التكلفة مازالت محدودة المصارف لتحديد تكلفتها مؤكدا ان لجنة بنك السودان اوصت برفع هامش المرابحة من 10-15 كمؤشر معتبرا ان هذه نقطة ضمن الجدل العالمى حول اخلاقيات سعر الفائدة والتى تشكل معيارا للاداء الاجتماعى للتمويل الاصغر والمسؤولية الاجتماعية للمصارف فى احتواء التكلفة وتخفيضها باستمرار وليس العكس فهامش مرابحة 10 % كبير فالتكلفة الادارية للوسائط المالية تراجعت عالميا بصورة كبيرة ومن الناحية الثانية المقترض الذى يحقق عائداً 15 % او اكثر يكون فى وضع اطيب ام الذى يحقق اقل من ذلك فان مصيره سيكون من محبوسى الحق المدنى. وقال من هنا ينشأ الشك فى دور التمويل الاصغر فى الحد من الفقر واضاف يمثل هذا جانبا من جوانب الاداء الاجتماعى للتمويل الاصغر فحينما نقارن الانحراف عن متوسط هوامش الربح فى السودان وانحرافها مع تكلفة التمويل العالمية نستطيع تقييم الاداء الاجتماعى للتمويل الاصغر سلبا او ايجابا على الفقراء لجهة خروجهم من الفقر . واشار الى سعى المركزى وبعض المؤسسات الاجتماعية للتحول من مؤسسات تمويل صغير لاتقبل الودائع فحين تتحول مؤسسة غير ربحية الى مؤسسة ربحية فان الامر يأخذ بعدا اخلاقيا واجتماعيا ويحتاج لوقفة . وقال ان المؤسسات الاجتماعية التى كانت غير ربحية تطالب بهوامش مرابحة اكبر من المصارف تصل المطالبة الى 28 % وليس هنالك اى مشكلة ان تطالب المصارف بهوامش ربح فهذه مؤسسات مهمتها تحقيق الارباح ولكن ان تطالب مؤسسات التنمية الاجتماعية غير الربحية والتى كانت تقدم الاسناد الاجتماعى الى مؤسسات تسعى لتحقيق الارباح فهذا يعنى ان الاستراتيجية التى بدأت عرجاء ستسهم فى تشوهات اجتماعية عديدة .وقال ان نجاح التمويل الاصغر فى التصدى للفقر يقاس بمدى اسهامه فى هذه الجوانب وليس العكس اى تسخير كل ما يمكن التمويل الاجتماعى لنجاح التمويل الاصغر وقال تبقى القضية المركزية صياغة استراتيجية لخفض الفقر يكون التمويل بما فى ذلك التمويل الاصغر احد مكوناتها ويضاف اليها مكون المعلومات والاستراتيجيات المحددة لتنمية الريف والتنمية الحضرية ودور القطاع الخاص والآليات للرصد والمتابعة والتقييم على المستوى الاتحادى وعلى مستوى الولايات . والى ذلك قالت مواهب محمد احمد مديرة الادارة العامة للمرأة والاسرة انه وفقا لاحصاء العام 2007م كانت نسبة سكان الريف 61.73 % فى وقت بلغت فيه نسبتهم خلال الاعوام 2005-2006م 62-63 % مما يعكس استمرار الهجرة الريفية - الحضرية الامر الذى يعيق جهود التنمية فى كل المناطق الريفية «فقدان الايدى العاملة» والمناطق الحضرية « الضغط على الخدمات الاجتماعية وتفشى البطالة « وتمثل النساء 50.9 % من سكان الريف و87.8 % من العمالة فى القطاع الزراعى مما يدل على الدور الهام الذى يلعبنه فى الاقتصاد والحياة فى الريف. وقالت لاجل تشجيع الاستقرار فى الريف وتحفيز الهجرة العائدة وتركيزا على دور المرأة حيث خصصت السياسة التمويلية لبنك السودان نسبة 70 % من التمويل للريف و12 % من سقوفات البنوك للتمويل الاصغر منها 30 % للنساء كحد ادنى مبينة انتهاج بنك السودان سياسة تمويلية داعمة للفقراء والنساء تسمح باستخدام أية آلية مناسبة تمكن هذه الشرائح من الحصول على التمويل. وخرج المؤتمرون بتكوين جمعيات نسوية وانتمائية لتسهيل عملية التمويل الاصغر وانشاء مؤسسات للتنمية الاجتماعية بولايات السودان المختلفة والاستفادة من تجربة ولاية الخرطوم ، مؤكدين على ضرورة الاستفادة من التجارب الناجحة فى الولايات والاستفادة من تجربة بنك الاسرة وربط التمويل الاصغر بالانضمام لمظلة التأمين الصحى، واشاروا الى اشراك الولايات فى انفاذ السياسة القومية والاهتمام بالتدريب وبناء القدرات واحكام عمليات التنسيق مع الولايات .