يلاحظ المراقبون لملف شرق السودان بروز خلافات جوهرية وسط ابناء الشرق وقواه الحية حول مؤتمر المانحين المزمع عقده اوائل الشهر القادم بدولة الكويت الشقيقة ، ومن الواضح ان مطامع مادية بحتة تقود بعض الجهات الضالعة في تحريك ملف شرق السودان وقد كتبنا من قبل عن سماسرة الشرق ولكن في الواقع لم ينتبه احد ليكتشف الجميع انه وبعد مرور سنوات على اتفاقية اسمرا للسلام ماتزال المناطق المتأثرة بالحرب في شرق السودان تشكو البلاء والدمار وان صندوق التنمية والإعمار الناشط اليوم في سبيل تنفيذ مؤتمر المانحين لم يضفِ لمساته على تلك المناطق ولم تزر شركاته تلك البقاع بدليل ان نائب الرئيس علي عثمان محمد طه وجه قبل ايام خلال اجتماعه باللجنة العليا لمؤتمر المانحين بضرورة تنمية القرى المتأثرة بالحرب في شرق السودان وحينما يوجه نائب الرئيس بهكذا توجيه فهذا يعني ان لديه المعلومات الكافية عن الاوضاع المزرية التي يعيشها انسان تلك المناطق وان الخلافات حول مؤتمر المانحين اذا لم تتم لملمتها فسوف تسفر عن تطورات جديدة مجهولة العواقب . ان المناطق التي لم يغطها صندوق الاعمار هي المناطق التي تضررت من الحرب وكان ينبغي ان تجني ثمرات السلام ولكن وبسبب سوء التخطيط والتدبير صرفت الاموال في مواقع اخرى واصبحنا اليوم نهرول بحثاً عن مانحين يمدون يد العون والمساعدة لانسان الشرق وبدلاً من ادارة حوار جامع مع ابناء الشرق واصحاب الوجعة يتم حشد المنظمات سيئة السمعة ليقال ان اموال المانحين ستكون في ايدي امينة وان تلك المنظمات ستعمل على تنفيذ مشروعات تنموية في شرق السودان ، ان التنمية التي عجزت الحكومة عن انفاذها لن تنفذها المنظمات المنعدمة الشفافية وبالتالي فإن التعويل على سوء التخطيط والتدبير مجدداً ستكون نتائجه معروفة سلفاً ، هذه هي الحقيقة ونشير لمن اراد الاستزادة في مؤامرة تهميش منظمات شرق السودان وقواه الحية الى المعلومات التي بحوزة شبكة المنظمات القاعدية بولاية كسلا والتي يتزعمها الرجل الطوعي النبيل علي محمد دين ، ان المنظمات التي تم حشدها باسم اهل الشرق لا تعرف اي معلومات عن القرى التي دمرتها الحرب في محلية همشكوريب وما جاورها من المناطق ولا توجد لديها ادنى احصاءات عن القتلى الذين سقطوا في المواجهات التي كانت تدور سابقاً بين الحكومة وقوى المعارضة ولا الخسائر في المواشي والممتلكات عوضاً عن بقاء تلك المناطق وغيرها تحت دائرة التهميش الى اليوم حيث لا مدارس ولا شفخانات ولا طرق معبدة ولا يحزنون ، ان الاوضاع المأساوية التي يعيشها السكان في مناطق طوكر وقرى حلفاالجديدة ومعسكر شقراب وغرب كسلا وما يعانيه سكان المناطق الحدودية بين ولاية كسلا واريتريا اضافة الى القرى المتناثرة على امتداد محليات ولايات الشرق الثلاث وانعدام كثير من الخدمات الضرورية يحكي عمق الجرح النازف في شرق السودان وصبر الناس هناك على اوجاع البلاد التي لا تنتهي ، ان انسان الشرق من النبل بمكان بحيث لا يريد تأزيم ازمات السودان الحالية ولذلك هو يصبر ويتصبر ولكن ان تصل الامور الى درجة تهميشه حتى في طرائق معالجة قضاياه فهذا ما لا يرضاه احد . ان أسوأ ما يمكن ان يحدث لانسان الشرق وهو يغالب المعاناة والالم والجوع والفقر والمرض والتهميش ان تنبري بعض المنظمات وبعض الاشخاص ممن لا علاقة لهم بمعاناة الناس هناك الى الاستجداء باسمهم وهم يبيتون النوايا لامر آخر ، لقد جرب الناس هذه الاكاذيب مرات عدة وهم غير راضين عن عمل الصندوق والمنظمات التي تبيع الوهم عبر مشروعات معدة لاجل تكويش المال ولكنها لا تخدم غرضاً تنموياً او تخاطب حوائج السكان ، ان تقليعة حشد المشروعات بتكاليفها دون مشاورة اصحاب الوجعة او اشراك ابناء الشرق في تلك المشروعات يكشف مدى البون الشاسع بين اهل الشرق والمنبرين للتحدث والاستجداء باسم الشرق ، ويكشف ايضاً تنامي الطرائق الفاسدة التي ظلت تطبقها بعض الجهات الاجنبية حينما تأتي بمنظمات بعينها لتوكل اليها مهمات تنفيذ مشروعات وتكون المحصلة النهائية عدم وصول المعونات الى مستحقيها او وصولها مبتورة - هذا الملف سنفتحه بعد حين - ولعل هذا ما اثار حنق غالبية ابناء الشرق الناغمين على الطريقة التي يدار بها ما يسمى بمؤتمر المانحين .