لم يكن الإقبال علي عملية التسجيل في مراكز ولاية القضارف الخمسة علي قدر طموح الوحدة التي يسعي لها الشريكان حيث اختصرت عملية التسجيل في ولاية القضارف علي المواطنين الجنوبيين المقربين للسلاطين، ولم تتعد عملية التسجيل في المراكز الخمسة، ألف مواطن منذ انطلاقته حتي هذه اللحظة وتعود اسباب الاحجام الي بعد مسافات المراكز من الأحياء التي يقطنها المواطن الجنوبي بجانب شح الإمكانيات لعدم وجود وسائل الحركة والاتصال وغياب القوي السياسية. وقال أكوج اتون داك عضو اللجنة العليا للاستفتاء ان اختصار الولاية لخمسة مراكز للتسجيل في محلياتها العشر والبعد الجغرافي قد اضعف من عملية التدافع نحو التسجيل بجانب غياب القوي السياسية ودورها المناط بها تجاه عملية التسجيل والمواطن الجنوبي وحثه نحو الوحدة والاستفتاء بجانب الضعف الإعلامي والتوعوي لمنظمات المجتمع المدني حيث لم يدرك بعض الجنوبيين أهمية التسجيل ، فيما أكد السر محمد الحسن رئيس مركز بلدية القضارف بأن هذا المركز يفوق المراكز الأربعة الأخري ويستهدف تسجيل «2760» مواطنا جنوبيا، مشيراً إلي بداية ارتفاع نسب التسجيل بعد أن شهد اليوم الثالث للتسجيل «109» مواطنين واليوم الرابع «119» مواطنا، وأشار السر إلي غياب النساء في عملية التسجيل، مضيفاً بأن مراكز القلابات الفاو والحواته سوف تشهد ارتفاعا في نسب التسجيل بعد عودة الجنوبيين من عمليات الحصاد، وأشاد بالتعاون التام من قبل السلاطين ووكلاء الأحزاب والمراقبين الدوليين والوطنيين خاصة المركز السوداني للديمقراطية. فيما أكد المحلل السياسي والباحث الأكاديمي الدكتور محمد المعتصم أحمد موسي بأن الطلاق السياسي واقع لا محالة له وهو طلاق واقع بين الشريكين ماساً النظام السياسي وحده لن يتمدد اكثر لبقية انظمة الحياة التي جمعت شعوب السودان آلاف السنين بين الشمال والجنوب حتي إذا تقدمت أو تراجع ترسيم الحدود لا يفرق كثيراً وسيكون الانفصال هو تحصيل حاصل ، كل ما يمكن الحرص عليه ان يكون الفراق بمعروف لاستعادة الوحدة السياسية التي انفصلت عملياً ، ويضيف المعتصم ان وحدة المجتمع السوداني والاقتصاد السوداني والثقافة السودانية ستظل قائمة ولن تمس بالانفصال ، مشيراً إلي أن تدني عملية التسجيل في مراكز الشمال أمر طبيعي إذا قارنا تداعيات الأحداث والأداء السياسي للشريكين منذ العام 2005م علي الرغم من ان رؤيتنا تشير إلي بصيص ضوء قليل في اخر النفق يمكن أن يحقق الوحدة باختراق كبير يحتاج لقدر عالٍ من الإرادة السياسية بنفس ما حدث ليلة توقيع نيفاشا، وأضاف المعتصم بأن الجنوبيين في الشمال أصلاً حسب نتائج إحصاء 2005م لا يتجاوز عددهم نصف المليون مقابل 8 ملايين في الجنوب ومن يحق لهم المشاركة في الاستفتاء لا يتجاوزون ربع مليون في الشمال مقابل 4 ملايين في الجنوب معتقدا بان هذه النسبة إذا حدث التسجيل او غيره ليس لها أثر كبير في الاستفتاء، وأنتقد المعتصم ضعف القوي السياسية وغيابها التام بجانب الشريكين للترويج للوحدة جنوباً حسب أغلبية الناخبين هناك مما جعل هذا الأمر تحقيق الهدف الذهبي غير ممكن لتحقيق الوحدة السياسية ثم ماذا بعد الإجابة التي تحتاج لجهد وعصف ذهني يشاركه كل أهل السودان سياسيون وغير سياسيين في جدال مفتوح لقراءات أفضل لخيارات المستقبل. ويضيف المعتصم أن هنالك عدة تساؤلات تدور عن سيناريوهات التاسع من يناير وهذا أمر يصعب التنبوء به فما هو مرئي في اروقة السياسيين أكثر ما هو مرئي لمصلحة المواطن الشمالي والجنوبي. وأنتقد رؤية الشريكين التي تقتصر علي الإنجاز دون النظر علي التغيير ثم العجز النظري والعملي. من جهته أشار لويس كوال القيادي البارز بالحركة الشعبية إلي ضعف الوعي السياسي والخطاب الإعلامي واللجان المنبثقة لدعم الوحدة وضبابية الشريكين وعدم رؤيتهم للوحدة مما أثر علي عملية التسجيل وأدي إلي احجام الجنوبيين وانقسامهم إلي طرفين بسبب اصوات الانفصال والوحدة حيث بدأ عدد كبير منهم حزم أمتعتهم للرحيل والتسجيل في الجنوب ثم التصويت للانفصال بسبب انفاذ الشريكين للاتفاقيات الدولية لحقوق المواطن الجنوبي مما أدي إلي تعميق رؤية الانفصال ساعد علي ذلك رؤية الحزب الحاكم وتصريحات منسوبيه الأخيرة خاصة د. نافع علي نافع وكمال عبيد التي اعتقد بأنها لم تصب في تيار الوحدة. وأشار القيادي البارز بالحركة الشعبية لويس إلي ضعف أداء السلاطين الذين يعول عليهم المؤتمر الوطني في عملية التسجيل وهم أصبحوا ضعفاء سياسياً وفكرياً وغير مقبولين وسط المواطن الجنوبي لضعف أدوارهم التي تقتصر علي حل المشاكل القبلية . من جهته أكد علي محمداي الطاهر نائب رئيس المؤتمر الوطني بولاية القضارف إلي أن ضعف عملية التسجيل لتزامنها مع عطلة العيد وهو توقيت غير مناسب مع أعياد الحصاد بجانب نداءات الحركة المتكررة لمحاربة التسجيل في الشمال خوفاً من سيل الوحدة العارم القادم من الشمال والذي اعتقد بأنه عصف بأفكار وخطط الحركة الشعبية. وتوقع أحمداي نشاطا وتدافع في عملية التسجيل عقب عطلة العيد بعد الحملة الواسعة التي قادها الحزب بمحليات الولاية للجنوبيين وحثهم علي التسجيل عبر أمانة السلام والوحدة بالحزب وسلاطين الولايات الجنوبية، مضيفاً بان كل التوقعات تشير وتؤيد رؤيتنا نحو الوحدة بعد البرامج الطموحة . إذاً هي تداعيات سياسية فرضها الواقع المعاش هذه الأيام لعمليات التسجيل من أجل تقرير مصير الجنوبيين لجعل الوحدة خيارا جاذبا عبر مسيرة للتعايش السلمي والحضارات الثقافية الممتزجة والمتبعة بين المواطن الشمالي والجنوبي وتحقيق طموح وأمال الشعب السوداني .