شعار الحرب هو: فليبق الاقوياء وليمت الضعفاء اما شعار السلم فهو: فليساعد الاقوياء الضعفاء على البقاء (فرانكلين روزفلت 1936 مدخل (2) الانسانية جمعاء عائلة واحدة لا تنقسم وكل واحد منا مسؤول عن سيئات الآخرين (غاندي 1939) (3) للشعوب تجاربها، في الوصول إلى صيغة الاستقرار المقبولة، وهي تجارب مريرة، لا تخلو بحال في ذكريات قاسية، تجرح وجدان ووعي افراد وجماعات المجتمع، ولكنها ايضاً وفي كل الاحوال تشكل الدروس اللازمة للنضج السياسي والاجتماعي والاقتصادي وما بين ذلك من نظم فرعية. والسودان ليس استثناء من ذلك القانون بل انه وبطبيعة تركيبه يبدو الاكثر تعرضاً لقسوة تلك الدروس. ويبقى السؤال المباشر والواضح - هو - مدى القدرة على استيعاب متغيرات الواقع وتداعيات نتائجها؟! ٭ ماذا نملك تاريخياً من نفس الدولة بمعاييرها ومتطلباتها (الشعب/ الاقليم/ السلطة السياسية السيدة)؟ ٭ اذا كانت الاجابة نعم.. فهل اكتملت تلك المعايير وفق ضوابط الانسجام؟ ٭ كيف خرجت من رحم التاريخ والجغرافيا نتوءات الجهوية والإثنية.. لترفض المعادلة السائدة، باسم عدالة توزيع السلطة والثروة؟ ٭ كيف أتت قوة المركز - التقليدية - استكانت - دون نظر ثاقب إلى ما تراه من مشروعية الوعي وبالتالي مضت قناعاتها إلى المزيد من القبض على مفاصل (الحكومة) ولا أقول الدولة؟ ٭ ظلت القوى السياسية - تبيح لنفسها - وفي كل الاوقات - وقبل نيفاشا - الاحساس بدور مستقل عن التجمع الدولي.. كظاهرة واضحة، تملك من أسباب القوة المادية والوسائل الاعلامية ما يدشن تبريراً كل أنواع ودرجات التدخل. ٭ بين البروفسور بيتر وود ورد في كتابه السودان الدولة - المضطربة (والذي ترجمه الأستاذ محمد علي جادين - «ظلت الدولة في السودان تعاني ضعفاً نسبياً بحكم محدودية مواردها بحكم بلد واسع وفقير ولذلك ظلت واعية بوضعها القلق وغير المستقر، الناتج خارجياً من وضعها الاستعمار الملتبس كحكم ثنائي - وفي وقت لاحق بسبب البيئة الدولية المتغيرة - وداخلياً من مهددات محلية متعددة لما من الدولة واسترارها في فترة الحكم الثنائي وفترة ما بعد الاستقلال على السواء ونتيجة لذلك حافظت على وجودها بحالة متزايدة من القلق وعدم الاستقرار والأمان ولذلك فقد شهدت سنوات النصف الثاني من الثمانينات اتساع التساؤل حول امكانية استمرار السودان بحدوده الدولية القائمة وجذور هذا المأزق عقد إلى أعماق بعيدة» - ص11 (4) - يبدو - أن ميزان الحركة السياسية المعاصرة - وتحديداً منذ نشأة مؤتمر الخريجين كان قلقاً - لا تحكم مرجعية الفكرية الواضحة (تاكتيك واستراعجي)، ولقد لاذت كثير من تلك القوى - فيما بعد - إلى الذرائعية وسليلة للنتائج المرجوة. ٭ وعدد القوى السياسية شمالاً للنخب الجنوبية في مطلع الاستقلال (بالنظر في مطالب أهل الجنوب بتطبيق الفدرالية - وحين خرجت القوى السياسية آنذاك هاتفه بأنه NO SEPRATION IN ONE NATION - فانما كان ذلك جديداً لرأي عام مصنوع - كان نتيجة طبيعية ان يكتب مولانا ابيل الير فيما بعد كتابه عن نقض العهود. - هذا الأسلوب والديدن - ظل - على درجات وأنواع مختلفة - هو الذين يقود للنتائج المرصودة حزبياً، وما جاء في كتاب الاستاذ المحبوب عبد السلام - الحركة الاسلامية السودانية: تأملات في العشرية الأولى للانقاذ - عن التمويه الذي لازم انقلاب 30 يونيو 1989 - ص108 وما بعدها. ٭ سياسة الضرب تحت الحزام - المربوطة تماماً - بالذرائعية، والتي مارسها شريكي الحكم في فترة تطبيق الاتفاقية.. والتي مازالت تضع اللمسات الاخيرة على سيناريو الصراع - ولم يخرج منطق الصراع عن مثل السودان المعلوم «لا بريدك ولا بحمل براك». ٭ دارفور وأبيي وجنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان - وإلى حد ما - الشرق - ظلت بؤراً - تفوح - الشوى - وما كان للمركز غير المضي في تقليديته المركوزة على وقائع تجاوزتها الرؤى والأحداث تماماً. ولم يعد الصراع - أي صراع - بعيد عن القوى الاقليمية والقوى الدولية.. (3) ماذا تقول معادلة الحكم اللازمة - لحركة التطور السياسي - ان التغيير هو سنة الحياة الازلية - وهو القانون الذي يمنح الحياة حيويتها - بقوة الدفع - وأي خروج عن ذلك القانون يعني بالضرورة خسران المستقبل وهو المأزق الذي عاشته كثير من الأنظمة التي لم تتفاعل مع بديهة الاتجاه للمستقبل - وفي اطار نهج النظر المستقبلي - تطرح وقائع الحياة السياسية في بلادنا - بعض أهم - محطات الانطلاق. ٭ نظم التعدد الديمقراطي ٭ نظم الانقلاب العسكري ٭ النظم الديموعسكرية (وهي محاولات المزج على ارض الواقع لأسلوب الحكم) وهي نظم - كان مهما - من الانجازات والفشل - ما لا يمكن تجاوزه - وحرى بنا) الا نسجن في دائرة الاتهام - نظام دون آخر - فكل نظام ورث عن الآخر - قضايا الوطن المعقدة والتاريخ بعد تواصل - وليس - ولا يمكن أن يكون دائرة معزولة عن الدوائر الأخرى ولقد انطلقت هذه الدوائر - في الاغلب - من قاعدة المركز الفكرية والاجتماعية والاقتصادية وكان من الطبيعي، أن يزدهر في مثل ذلك المناخ - نواة الرفض - سواء بحكم التاريخ أو بحكم الجغرافيا أو بحكم العرق. واذا كان الصراع قد تجاوز الحوار الى القوة المسلحة، بدعم مادي ومعنوي، اقليمي ودولي، فان ذلك يثبت خطأ قراءة المركز لتطور الاحداث. بسبب غياب المرجعية المعيارية والتي تعنى في المقام الاول مجموعة القيم التي تهيمن سلوكيا واخلاقيا على نشاطات المجتمع المختلفة، وان غياب تلك النظم او مجرد العمل على انحرافها يعني وقوع افراد المجتمع في حالة الفوضى في مرحلة ثم الصراع المفتوح نوعاً ودرجة.. وهو ذات ما يحدث الآن في وطننا العزيز. ما هي الاهداف، التي سعت الانظمة ا لسياسية الى تحقيقها «لا يكفي مجرد المشروعات» هل تحقق الاهداف قسرا لغياب الارادة ام انها تحقق بوجود مسبق للارادة العقلية ان الفكر السياسي الحديث يتحدث عن ا لهدف الباعث لارتباط الارادة بالاهداف المطلوبة وهو المحور الاساسي الذي تنبثق عنه الاهداف الفرعية وفي ضوء هذا الافتراض يمكن طرح عدد من الاسئلة المشروعة: هل الديمقراطية هدف ام وسيلة وكذلك عن الحكم العسكري هل هو هدف ام وسيلة واذا كانت الاجابة ان الانظمة في كل احوالها انما تتشكل وسائل لغايات.. يلزم ان تكون اماني المجتمع فماذا فعلت كل الانظمة منذ عام 1956 وحتى الآن؟ هل تحققت في نظام الحكم الديمقراطي على مدى ازمانه غايات الحرية والعدالة والمساواة؟ هل تحقق في انظمة الحكم العسكري «غايات الحرية والعدالة والمساواة»؟ ان القول الفصل لا يبدو جازما بل ان كثيرا من تلك المبادئ ربما تكون قد غابت جزئيا او كليا خلال اي من تلك الانظمة ويبقى جرد الحساب الفكري ضرورة لكي يتحسس الوطن طريقه نحو الاستقرار الممكن. ان البداية المطلوبة لذلك الحساب هو وجود هوية مرجعية لذلك النظام والمقصود هو الاتفاق على سمات اساسية للنظام المطلوب وهي السمات التي يلزم ان تكون قواعد الاستقرار السياسية ويمكن الاشارة في هذا المقام اقتباسا من ورقة الاستاذ الدكتور عزمي طه في سلسلة الحوارات العربية «منتدى الفكر العربي عمان 2010 ص 104 وما بعده» المحور الاجتماعي «الرفاهية المعتدلة» محور عدالة الاحسان «ليس مجرد العدالة القانونية او العرقية او الشرعية». محور الحرية. محور المساواة. ولقد تتيح تلك المحاور عددا من التداعيات الفرعية تتعلق بمدى قدرة المؤسسات سواء من حيث الهيكل او من حيث الموارد البشرية على استيعاب المطلوب وانجازه باكبر قدر من الفاعلية والكفاءة والشفافية خصوصا اذا اخذنا في الاعتبار ان الانقلاب الفكري المطلوب يستدعي قدرات هائلة من الفكر الخلاق والابداع ولقد يهم قبل كل شيء ان نطرح بعض الاشكالات المحورية التي قد تتيح الاجابة الشفيفة عليها اركان الانطلاق. اشكالية تعدد الهوية «عربي غير عربي سودانوي اسلامي مسيحي شمالي جنوبي غرابي بجاوي نوباوي اصولي» اشكالية العلاقة بين المركز والهامش. اشكالية العلاقة بين القوات المسلحة.. والسياسة «تحديدا الحكم». «4» محاولة التنظير يقتضيها ظروف التحول المحوري المرتبط بانفصال الجنوب اذا اختار اهل الجنوب ذلك في الاستفتاء المزمع 9 يناير 2011 وهي محاولة للنظر مليا في دستور جديد، يحدد ملامح وسمات النظام السوداني القادم. مرجعية دقيقة، تتيح تصالح الهويات وليس تعارضها. النظر في طبيعة الصراعات الاهلية كمدخل لفدرالية حقيقية «درس الجنوب يكفي». النظر الجاد في عدالة السلطة والثروة لا بد من كسر احتكار الوظائف العامة ليس في الخدمة المدنية وحدها». مرجعية المحاسبة والمساءلة «فلا كبير على القانون». اصدار كتاب «ليس ابيض وليس اسود» انما ليوثق ويسجل لتجربة الحكم في السودان منذ عام 1956 ويا حبذا اذا اصدرت كل قوى سياسية كتابها. النظر في امكان التفريق بين دور الحزب اي حزب الوطن وعدم تجاوزه للنقاط الحرجة داخليا او خارجيا. وبعد.. فاننا ندعو الى المزيد من الحوار في اتجاه التقييم والتقويم السياسي.