يعيش بيننا فى هذه الحياة الدنيا ويمضى الكثير من الناس دون أن نشعر بهم أو يتركوا أثرا أو ذكرى طيبة يذكرهم بها الناس بعد رحيلهم إلى الدار الآخرة، ومنهم من أنعم الله عليه فى حياته بنعمة المال وزاده الله بسطة فى الرزق، ورغم ذلك وبعد فترة وجيزة يصبح فى طى النسيان ويضيع اسمه مع مرور الأزمان. وبالمقابل نجد أن هنالك أشخاصاً تظل سيرتهم عالقة بأذهان الناس، بل وتنتقل ذكراهم للأجيال اللاحقة، وذلك لما قدموه من أعمال جليلة ولبصمتهم الواضحة وإسهاماتهم المشهودة فى مجتمعهم، والمثال الحى لهؤلاء والذى كثيرا ما نضرب به المثل نحن هنا فى ولاية النيل الأبيض عامة ومدينة الدويم بصفة خاصة، الراحل دكتور خليل عثمان «رحمه الله رحمة واسعة»، هذا الرجل الذى لا نقول إنه خدم مدينته، بل نقول إنه أحدث نقلة اجتماعية وعلمية لمواطنى الدويم عامة والنساء خاصة. فالمدارس التي شيدها فى مطلع السبعينيات وعلى نفقته الخاصة كان لها دور كبير فى تغيير حياة الكثير من بنات المدينة خاصة مدرسة خليل الثانوية بنات «صفية حالياً»، فقبل تشييدها كانت أسر المدينة تعانى معاناة ما بعدها معاناة من أجل مواصلة بناتها تعليمهن، حيث كانت مضطرة لابتعاثهن إلى مدينة كوستى لمواصلة تعليمهن الثانوى، فلم تكن بالدويم مدرسة ثانوية حتى مطلع سبعينيات القرن الماضى. لقد أراحت هذه المدرسة بنات الدويم وأسرهن من تلك المعاناة، وأتاحت الفرصة للكثيرات لمزيد من التعلم، خاصة أن العديد منهن كان لا يمكن أن يجدن فرصة للتعليم إذا لم تكن هذه المدرسة موجودة، علماً بأن بعض أولياء الأمور كانوا يمنعون بناتهم من الذهاب خارج الدويم لتلقى التعليم، لتمثل مدرسة خليل الثانوية بنات طوق نجاة لهن، حيث منحتهن فرصة العمر، وكانت سبباً فى دخولهن الجامعات، ويتبوأن بعد ذلك المناصب الرفيعة، ويصبحن سيدات مجتمع محترمات. إن مساهمات الراحل خليل عثمان بالدويم لم تقف عند مدرسة خليل الثانوية بنات، بل أسس بجانبها مدرسة خليل المتوسطة «سابقا» التجارية حالياً، وكذلك مدرسة خليل للأساس، هذا غير أعماله الخيرية الأخرى التى لا يعرفها إلا قلة من مواطنى الدويم، ومن بينها تكفله بإعاشة عشرات الأسر، هذا العمل الإنسانى الكبير الذى استمر حتى بعد مماته، حيث واصل نجله محمد المشوار أسوة بوالده. والحديث عن الراحل دكتور خليل عثمان يطول ويطول، ومساهماته تحتاج إلى صفحات وصفحات للحديث عنها، وإحصائها، ولا نملك إلا أن ندعو الله بأن يغفر له بأكثر مما قدم، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يجعل البركة فى ذريته.