في العهد المايوى الذي استمر من عام 69 م إلى أبريل 1985م أصبحت منطقة النيل الأبيض محافظة مستقلة وكانت من قبل تتبع أو أنها كانت جزءاً من محافظة النيل الأزرق وكان اسمها مديرية النيل الأزرق وكانت عاصمتها ودمدني وكان القرار معقولاً ويرى البعض أن ما لم يكن معقولاً هو العاصمة التى اختيرت لتلك المحافظة الجديدة، فبينما كانت كل التوقعات تشير إلى أن العاصمة سوف تكون مدينة كوستي وقع الاختيار على مدينة الدويم. والدويم مدينة عريقة وهي أقدم من كوستي وكان لها دور مشهود في مجال التربية والتعليم على مستوى القطر وربما القارة لكن كوستي كانت تتفوق عليها سبعينات القرن الماضي عندما أصبحت منطقة النيل الأبيض محافظة بعمرانها وموقعها وبثقلها الاقتصادي، وكان يحكم البلد وقتها المشير جعفر محمد نميري وكان رجلاً قومياً في مجمل توجهاته وكان القرار معظم فترة حكمه هو قراره وكانت علاقته بكوستي أقوى من علاقته بالدويم ففيها بعض أهله وكان يزورهم منذ أيامه طالباً في مدرسة حنتوب الثانوية ثم حينما أحيل إلى الاستيداع بعد اتهامه بالاشتراك في محاولة كبيدة الانقلابية عام 1957م فإنه أمضى بعض الوقت ضيفاً على عمه وخاله وصاحبه الخير حسن النور وكان من أصدقائه الأعزاء في تلك الفترة زميله في حنتوب الأستاذ الخير ساتي وهو وأسرته من صميم كوستي. ولكن وقع الاختيار على الدويم لتكون عاصمة للمحافظة الجديدة ويقولون إنه رغم أن الرئيس نميري كان صاحب قرار إلا أن اختيار الدويم وليس كوستي عاصمة للنيل الأبيض كان وراءه أحد أبناء الدويم البارزين وهو الدكتور المليونير خليل عثمان المقرب في تلك الفترة من الرئيس نميري. ثم سقط النظام المايوي في أبريل 1985م وعادت الأحزاب إلى الحكم وفي مقدمتها الحزبان الكبيران التاريخيان الأمة والاتحادي الديمقراطي واستمر الوضع على ما كان عليه إبان العهد المايوي، وبعد يونيو 89م بوصول الإنقاذ إلى السلطة استمرت منطقة النيل الأبيض محافظة أو إقليماً تحت اسم جديد هو ولاية النيل الأبيض وتم تغيير العاصمة من الدويم إلى ربك وسط استغراب كل الناس فقد كانت كوستي لا تزال تملك من مؤهلات العاصمة أكثر كثيراً مما تملكه ربك. ويرى البعض أنها مسألة ثانوية لأنه من الممكن أن ينظر إلى كوستي وربك على أنهما في واقع الأمر مدينة واحدة يشقها النهر العظيم تماماً مثلما هي الحال بالنسبة إلى أم درمان والخرطوم وهي نظرة صائبة وفي نفس الوقت فإن اختيار كوستي وليس ربك عاصمة لولاية النيل الأبيض هو القرار الأصوب وما أكثر الأسباب. والبلد مقبل على تغييرات كثيرة في المجالات بعد انفصال الجنوب فإننا نرى أنه مما سوف يفيد كثيراً أن نضع المدينة المناسبة في المكان المناسب ومع كامل التقدير للدويم وربك إلا أن الأنسب والأفيد والأكثر انسجاماً مع الحقائق التي على الأرض هو أن تكون عاصمة ولاية النيل الأبيض هى كوستي تحديداً.