سؤال ملح لماذا انتكس التعليم، وتدنى في ريفي الولاياتالشرقية خاصة ولاية كسلا وولاية البحر الاحمر رغم الجهد المبذول من قبل المسؤولين في الولايتين... رغم شح امكاناتهم، والملفت في اعتقادي لا توجد إحصائية يعتمد عليها التخطيط، والعاملين في هذا الرفع ليس لديهم عربات تنقلهم الى تلك البقاع البعيدة. جل اهتمام التعليم مركز في المدينة أكثر من الريف.. وثمة أسباب عديدة تقف عقبة كؤود امام التلاميذ الذين يعيشون في بيئات متخلفة بعد إلغاء الداخليات التي تأوي سابقاً التلاميذ، وتوفر لهم مستلزمات الحياة والعيش الرغيد، ولذا كان الريف ينافس المدينة في الامتحانات، ولكن أين الريف الآن!! وأين تلاميذ الريف الآن... اعتقد أنهم في خبر كان. هذه الثافية الاولى.. اما الثافية الثانية ايضاً ، التقاليد والانماط والعادات التي تقف امام تطور التعليم في الريف بالولاياتالشرقية ويعتقدون بانه عمل مبتسر ويأخذ مدة طويلة والتغذية الراجعة تحتاج الى سنين عديدة لتلك الاسباب الاقبال قليل على التعليم في شمال ولاية كسلا وفي ارياف ولاية البحر الاحمر. اما الثافية الثالثة التشتت في الوديان والبحث عن الكلأ والماء، ويهيمون في كل واد، وهويتهم السكن منفرداً على مسافات متباعدة من بعضهم البعض، حتى تجد حيواناتهم مرعى ومرتعاً جيدا... وهذا السكن المنفرد في لغة البجا يسمى «كلموب» معناه انه يسكن وحيداً باولاده وزوجه وفي ركن هاديء، ولا توجد ضوضاء تعكر صفوه ومزاجه ولا تشغل باله الا القليل من هم الدنيا وكل همه غالباً كيف يتناول فنجان جبنة يسوي الدنيا بحالها... وهذا هو التصوف بعينه بدون سبحة، ومع حبات ذرة وثمالة من بعض لبن الاغنام التي تعتمد على شجيرات تشتكي القصر ولا تطول ابد الدهر... هذه البيئة القاسية التي استقرت فيها امراض الدرن في جميع اقاليم الولايات وكذلك المدن ويظهر إني شطحت قليلاً وارجو ان اواصل حديثي في التعليم. من تجربتي خلال عملي في هذه المناطق الريفية لمدة عقدين ونيف، ولدي رؤيا بسيطة وربما تساعد في تطوير التعليم بالريف ورفع مستواه على النحو التالي:- يدخل الطفل الروضة او الخلوة في الريف عندما يبلغ عمره 4 سنوات، ويمكث بها سنتين يتعود على سلوكيات النظم المدرسية والاجتماعية باختلاطه مع اخوانه ويتعلم بعض الانشودات الوطنية والدينية وأهمية والديه في هذه الحياة. ثم يلتحق بعد ذلك بمرحلة الاساس عندما يبلغ عمره 6 سنوات وهذه مرحلة مهمة بالنسبة للطفل لانها الاولى في اغوار التعليم ويحتاج الى أساس متين حتى يتمكن من مواصلة دراسته وهو ما زال في بداية الطفولة ولم يستو عوده ومع ذلك قليل التجربة ولا يفهم من طلاسم الحياة الا القليل... ولا يميز الخبيث من الطيب، ولذا يجب ان تكون مدرسة ذات 4 صفوف في كل قرية من قرى المحليات حتى الصف الرابع... ثم تكون هناك مدرسة مركزية بداخلية معتبرة في موقع مناسب لكل قرى المحلية لاستيعاب التلاميذ القرويين بالصف الخامس. لا بد أن تكون فصولها مزدوجة بداية من الصف الخامس الى الثامن او مثله لو كثر عدد التلاميذ الوافدين من مدارس القرى، وفضلاً على ذلك ان تكون هذه المدرسة مميزة في جميع بيئاتها.. يقولون:- 1- أول الغيث قطرة يجب ان يكون المعلمون الذين يعملون بهذه المدرسة أكفاء مدربين تدريباً عالياً وذو مؤهلات ممتازة، وانهم أتوا لهذا المجال برغبة أكيدة، ويجب تدريبهم علي طريقة التدريس على الأقل سنة كاملة حتى يتمكن المعلم من توصيل المعلومة بطريقة سهلة دون إبراز عضلاته بانه ضليع في مادته. 2- أن تكون البيئة المدرسية مكتملة بمواد ثابتة ولها رونق جميل يفتح نفوس التلاميذ وكذلك المعلمين. 3- أن يكون الاجلاس على مستوى راق يحتوي على فنون النجارة السودانية غير المستوردة -المستورد لا يتحمل تحركات تلاميذنا الأشاوس. 4- أن تلحق بها مكتبة بمستويات الفصول، ويشرف عليها معلم مسؤول من المكتبة لتسليفهم الكتب. 5- أن يكون بها مسرح حتى يتعود التلاميذ مواجهة التجمعات والجمهرة دون خوف او رهبة أو وجل. 6- يجب ان تسمى عنابر الداخليات باسماء العظماء الذين قدموا للسودان رحيق شبابهم من جميع اقاليم السودان. 7- يجب ان تتوفر المناشط المصاحبة للمنهج طول السنة بدون انقطاع:- أ- التربية البدنية. ب- الكرة بانواعها. ج- المسرح. د- الجري. ه- أحواض السباحة إذا كان ثمة بحر أو نهر. وهذه كلها من أجل اشعال روح المنافسة بين التلاميذ وقضاء فراغهم في عمل مفيد. الداخليات: يجب ان تكون مسؤولية الداخلية من ادارة المدرسة -من غذاء وتربية وان تعطي مجالا للمعلمين حتى ننفث فيهم روح المسؤولية حتى نمكنهم من اداء ادوارهم التربوية وتدريب تلاميذ الداخليات على المسؤولية واشرافهم على الغذاءات والطباخين والمخازن بطريقة ديمقراطية- وبهذا يمكننا ان نخرج اجيالا يتحملون المسؤولية على عاتقهم. إحياء تراث الولايات:- التراث البجاوي غني وثر بمختلف الأغاني والرقص ويرتادون الثريا في رقصهم ويسمى ب «بيبوب» ويجب تنقيته من الاصلاب التي تزحف على الارض، وهذا يعتبر تشويها للفن البجاوي -وايضاً ارجو ان تطور الادوات الموسيقية بانواعها المتعددة:- 1- المزمار 2- الرباب 3- الكبور، بادوات حديثة متطورة وهذا كله يحتاج الى تكاليف وتوفير المعينات والمواصلات والوسائل السمعية والبصرية وبهذا يمكننا ان نخلق نجوم الغد بشرق السودان. أملي أن أكون قد ساهمت بنتف من الافكار واعتقد انها تحتاج الى تنقية اذا كانت هناك شوائب. وشكراً معلم بالمعاش عضو مجلس شؤون الاحزاب السياسية الخرطوم