قلنا من قبل ان مما يحمد لتيار الغابة والصحراء التفاته الواعي الى المكون الافريقي في ثقافتنا، وضرورة ان يكون هذا الانبعاث متجذرا في وعينا، ولكن قبل ذلك لا ننسى فضل اولئك الذين استيقظوا منذ فترة مبكرة لهذا الوعي. فشعراء كعبد النبي عبد القادر مرسال، وكذلك اسهامات الاستاذ جمال محمد احمد في كتاباته وترجماته ابتداء من افريقيا تحت اضواء جديدة وجدان افريقيا عرب وافارقة المسرحية الافريقية سالي فوحمر واهتمامه بالتراث النوبي.. ثم قصائد صلاح احمد ابراهيم محيي الدين فارس محمد المهدي مجذوب سيد احمد الحردلو.. الخ.. وهي التي مهدت لبروز تيارافريقي في الشعر العربي بلغ ذروته عند محمد الفيتوري «اغاني افريقيا» وما تلاها من قصائد اثارت نقاشا وجدلا واسعين على امتداد الساحة الثقافية العربية. وجاءت مشكلة التمرد في جنوب السودان «اغسطس 1955» والتي كانت بمثابة صدمة للرأي العام السوداني، وحدث خطير والسودان يخطو نحو الاستقلال، ومن هنا تفتقت اذهان الشعراء انذاك عن فكرة الغابة والصحراء التي هي الاخرى اثارت ارتيابا لدى البعض، ولقيت ترحيبا من آخرين، ومقاومة من جهات وحدث لها ما يحدث للتيارات الثقافية التي تصدم الناس في البدء ثم تغدو بعد قليل جزءا من التراث الثقافي للشعب، وللمرحلة المعينة. وقد كانت لمحمد عبد الحي بالاضافة الى شعره محاولة مهمة في كتابه «اقنعة القبيلة» حيث شمل دراسة ومختارات من الشعر الافريقي، كما قدم الفنان العالمي عثمان وقيع الله ترجمة لمسرحية سكان المستنقع لوولي سوينكا عام 7691، واعقبها النور عثمان ابكر بترجمة مسرحية الاسد والجوهرة بعد 9 سنوات، كما قام عثمان حسن احمد، السر خضر سيد احمد وعشرات من المثقفين السودانيين بترجمة بعض الكتابات الافريقية الى اللغة العربية.. وهي محاولات كلها تصب في الاهتمام بهذا المكون الافريقي بوعي ومعرفة بأهميته.