٭ ردي على الذين استفسروني - مشكورين - عن احتجاب زاويتنا هذه أمس انحصر في كلمة واحدة فقط.. ٭ انحصر في كلمة (عادي).. ٭ ولمن لم يفهم مرادنا من وراء هذه الكلمة نوضح اليوم.. ٭ نوضح بالدليل القاطع.. ٭ خذ عندك مثلاً بعض ما جاء في صحف البارحة.. ٭ المراجع القومي يكشف عن (اعتداءات على المال العام!!) بولاية شمال كردفان بلغت أكثر من مليار جنيه ب(الجديد).. ٭ أليس هو (عادي!!) الخبر هذا؟!!!.. ٭ عادي ونص وعشرة.. ٭ وخذ عندك كمان.. ٭ وزير المالية يطالب ديوان الضرائب ب(بذل مزيد من الجهد!!!) لتغطية الفجوة المتوقعة بعد خروج إيرادات البترول.. ٭ ما هو غير (العادي!!) في هذا الخبر؟!!.. ٭ إنه أكثر من عادي.. ٭ وخذ أيضاً وأنت مطول بالك معنا.. ٭ وزير الإرشاد والأوقاف يقول إن وزارته أبلغت القنصلية السعودية باختفاء حاجة سودانية بعد (تلقيها شكوى!!!) - أي الوزارة - من اللجنة البرلمانية وأهل هذه المرأة.. ٭ هل كنت تتوقع ما هو خارج إطار (المألوف)؟!!.. ٭ إذاً هو عادي جداً.. ٭ وخذ هذه كذلك.. ٭ قيادي انقاذي كبير يقول: لا مجال لتخزين السلع وبث الشائعات، وتدابير لتحقيق الأمن (الغذائي!!).. وتوفير (الكساء!!) و(الدواء!!) مهمة الحكومات الرشيدة.. ٭ كم مرة سمعت مثل هذه الكلمات؟!.. ٭ عادي خالص إذاً.. ٭ طيب، اقرأ هذا الخبر.. ٭ أكد وزير الدولة برئاسة مجلس الوزراء الاهتمام بالمصالحات والتواصل بين كافة أفراد المجتمع السوداني، مبيناً أن البلاد تمر الان ب(مرحلة تاريخية ومفصلية!!!).. ٭ ما هو ضد (العادي) في الخبر هذا سيما العبارات بين القوسين؟!.. ٭ عادي وستين عادي.. ٭ هذه نماذج - عزيزي القارئ - ل(مألوفات!!) في واقعنا السياسي اعتدنا على مثلها حتى لم تعد تستوقفنا لنتدبر في معانيها.. ٭ فالمعنى الوحيد الذي يقفز إلى الأذهان عند مطالعة تصريحات حكومية من هذه الشاكلة هو (الاعتياد) ثم لا شيء أكثر.. ٭ فلا الاعتداءات على المال العام يُخضع مرتكبوها لأحكام (الشرع!!!).. ٭ ولا ديوان الضرائب هو (مُقصِّر!!!) أصلاً في (بذل جهد!!) تجاه الناس سواء كانت هنالك فجوة متوقعة بعد خروج إيرادات النفط أو لم تكن.. ٭ ولا وزارة الإرشاد - وهيئتها للحج والعمرة - ستكفّ عن تلقِّي (شكاوى واحتجاجات!!!) عقب كل حج.. ٭ ولا بلادنا موعودة بتخطيِّ محطة (المرحلة التاريخية المفصلية!!!) المكرورة عما قريب.. ٭ ولا (الأمن الغذائي!!) يمكن أن (يتنزَّل!!) من مستوى شعارات الخطاب الحكومي إلى أرض الواقع.. ٭ ولا كتاباتنا الصحفية - بالتالي - بقادرة على أن (تُغادر مُتردَّم) كل (المردوم) هذا ل(تعرف الدار بعد توهّم!!).. ٭ فكل شيء صار مألوفاً و(عاديَّاً).. ٭ وكذلك (الوجوه!!) و(الخطوب!!) و(الأخبار!!) و(التصريحات!!) و(العِصيِّ!!!!).. ٭ ما من شيء لم يعد (عاديَّاً) في السودان.. ٭ وكتاباتنا هذه حين تحتجب كذلك أحيناً فهي لا تشذُّ عن المألوف.. ٭ فصحفنا تدور في الفلك نفسه.. ٭ تدور (طوعاً) أو (كرهاً).. ٭ وكذلك رؤساء التحرير فيها الحريصون على (إستمرارية!!) هذا الدوران.. ٭ ثم استفسارات القراء من شاكلة تلك التي أشرنا إليها في مستهل كلمتنا هذه.. ٭ فهي أيضاً أضحت عادية.. ٭ فما الذي يجعل إجابتنا على هذه الاستفسارات بمثابة النغمة النشاذ؟! ٭ ف(عادي) جداً أن نحتجب أحياناً.. ٭ عادي خالص خالص.. ٭ أما ما لن يكون عادياً - ربما - هو ما سنثيره في زاويتنا هذه خلال أيام مدعوماً ب(المستندات!!).. ٭ خلال أيام بإذن الله ما لم يطرأ (طارئ!!).. ٭ ثم نقول للقراء: عادي!!!!