أقام معهد أبحاث السلام بجامعة الخرطوم مستشار المفوضية البرلمانية للمشورة الشعبية بولاية النيل الأزرق بالدمازين، دورة تدريبة مكثفة حول إدارة وإدخال وتحليل بيانات المشورة الشعبية، احتضنها معمل وزارة الثقافة والإعلام بالولاية، للموظفين الذين اختارتهم المفوضية مناصفة بين شريكى الحكم المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية. حيث نظمت المفوضية البرلمانية للمشورة الشعبية بالتعاون مع معهد أبحاث السلام بجامعة الخرطوم ورشة تدريبية بمعمل وزارة الثقافة والإعلام بالدمازين للموظفين «إدخال ومعالجة البيانات» استمرت ليومين، وخاطبها نائب المفوضية البرلمانية للمشورة الشعبية سيلا موسى كنجى، ومديرة التدريب ورفع القدرات بالمفوضية علوية عمر يوسف، وطالب سيلا موظفى الإدخال ومعالجة البيانات بالدقة والكفاءة المطلوبة لإنجاح العملية، نظراً لحساسية المشورة التى ستحدد مصير الولاية بكاملها من اتفاقية السلام الشامل، وأوضح سيلا أن تأخير المشورة يرجع الى عدم إيفاء الجهات المختصة حكومة الولاية والحكومة المركذية والمانحين بالتزاماتهم المالية فى الوقت المحدد، مما أدى الى تعطيلها بالولاية. ومن جانبه أكد أن الترتيبات تمضى بصورة جيدة، وأشار الى نجاح تجربة أخذ الرأى التى أقامتها المفوضية أخيراً بمدينتى الدمازين والروصيرص، وقال «كشفت لنا التجربة كثيراً من العيوب والأخطاء التى استفدنا منها، بعد أن حددنا نقاط الضعف، وأنه لا خوف على العملية». وقدم الدكتور عمر علي إبراهيم من جامعة الخرطوم قسم الاقتصاد القياسى والإحصاء الاجتماعى ورقة علمية عن «طرق جمع بيانات المشورة الشعبية لتقييم اتفاقية السلام الشامل»، وتم تطبيق عملي على الحاسوب. وتحدث ابراهيم عن أدبيات الدراسات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية فى كيفية جمع البيانات وفصلها فى ثلاثة محاور، المحور الأول الاستبيانات واستطلاعات الرأى العام التى تستخدم فى البحوث الكمية، والثانى مجموعة الحوار المركز التى تتبع فى جلسات المناقشة وغيرها من البرامج المشابهة وتستخدم فى البحوث الكيفية، واشار فى الوقت ذاته الى قصور الطرق الكمية لمعالجة المواضيع التى تتعلق بوصف شعور وميول واتجاهات «المفحوصين» نحو قضية معينة، ولذلك يتم الاعتماد عادة على أساليب الطرق الكيفية، خاصة فى مجموعة الحوار المركز وجلسات المناقشة. وأوضح ابراهيم أن جلسات النقاش فى تقييم المشورة الشعبية، تعد من أهم الطرق فى جمع البيانات وتستخدم فى البحوث الكيفية لجمع بيانات وصفها بالمعمقة والمركزة عن ظاهرة معينة تراد دراستها ومعرفة أسبابها. وقال إن طريقة جلسات النقاش لجمع بيانات المشورة الشعبية لتقييم اتفاقية السلام الشامل تتم بجمع المواطنين المعنيين فى مراكز محددة يبلغ عددها حسب اتفاق المفوضية «116» مركزاً فى أيام محددة لسماع آراء الناس ونقاشاتهم ومدى رضائهم عما تحقق من بنود اتفاقية السلام والعوامل والأسباب وراء ذلك الرضاء او عدمه. واشار إلى أن الجلسة تُدار بحضور مراقبين من شريكى الحكم المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية، ويقوم فريق من جامعى البيانات بتدوين وتسجيل كل ما يدور فى تلك الجلسات، ثم يتم تحليلها فيما بعد ومن ثم استخلاص النتائج منها. وتحدث إبراهيم عن مزايا جلسات النقاش، وقال إنها تؤدي الى معلومات معمقة من خلال جمع المواطنين فى مكان واحد لمناقشة إنجازات اتفاقية السلام، مما يؤدى الى إثراء النقاش وتحديد نقاط الضعف والقوة والفرص والمهددات لبنود الاتفاقية، بجانب أن ديناميكية المجموعة تساعد فى تشجيع المشاركين على الإدلاء بآرائهم بحرية ووضوح حول الاتفاقية. وأوضح أن الحوار يولد الترغيب والإثارة من خلال طرح الأفكار، مما يشجع البقية على التحدث عن تحفظاتهم دون رهبة، مما يخلق الإحساس بالراحة والطمأنينة فى إبداء الرأي بصورة تلقائية وعفوية صادقة. وأكد إبراهيم أن جلسات النقاش تأتي نتائجها ممثلة لآراء المجتمع بدقة كبيرة، بالإضافة الى انها تمتاز بالسرعة وقلة التكلفة مقارنة بحجم البيانات التى يتم جمعها أثناء انعقاد الجلسات. وشرح إبراهيم أنواع بيانات المشورة الشعبية وعددها فى «بيانات كتابية ترصد المناقشات، وبيانات شفوية يتم جمعها شفاهة من المواطنين بواسطة أجهزة تسجيل سمعية ومرئية، وبيانات تعبيرية تتمثل فى الانفعالات والاستجابات غير الكلامية من قبل المشاركين، بجانب بيانات ثانوية عن عدد السكان وتوزيعهم الجغرافي وفئاتهم العمرية والنوع»، ويتم جمع تلك البيانات من المحليات والجهاز المركزى للمعلومات. وشدد إبراهيم على خصائص معلومات المشورة الشعبية التى يجب أن توفرها للمساعدة فى اتخاذ القرارات، وتتمثل فى التوقيت المناسب الذى يبدأ بجمع البيانات وترميزها ومعالجتها ومن ثم حفظها «مكتوبة ومسموعة ومرئية» فى وسيط واحد للحصول على المعلومات المطلوبة، وأنه يجب تحري الدقة بحيث تكون المعلومات خالية من أخطاء التجميع والتسجيل ومعالجة البيانات التى لا تتحمل الخطأ، بجانب الصلاحية والمرونة والوضوح وقابلية المراجعة وعدم التحيز وقابلية القياس والشمول، بحيث أنها يجب أن تغطي احتياجات المستفيدين كاملة دون تفصيل زائد ودون إيجاز يفقدها معناها. وقدم الدكتور هشام محمدحسن من جامعة الخرطوم من قسم الاقتصاد القياسى والإحصاء الاجتماعى، ورقتين عن إدارة وضبط جودة البيانات، وتحليل البيانات النوعية للمشورة الشعبية. وفى الورقة الأولى تحدث محمد حسن عن مفهوم المشورة الشعبية وقوانينها وأهمية التثقيف المدنى والتوعية التى نصت عليها المادة «14» من قانون المشورة، بجانب ضمان حرية الرأي والتعبير. وتحدث محمد الحسن عن المقترح الأولى لهيكل إدارة بيانات المشورة الذى يتكون من مجموعة قواعد ابتداءً من مسؤولي المفوضية بتحديد عضوين تتلخص مهامهما فى الإشراف على عمليات إدارة البيانات «الجوانب الإدارية، المالية، سير العمل فى المراحل المختلفة»، ومن ثم مدير إدارة البيانات الذى يكون مسؤولاً لدى المفوضية عن رئيس اللجنة الفنية العليا لجمع البيانات، بجانب إشرافه الفنى والإدارى على المراحل المختلفة وصياغة مخرجات التقارير الأولية، وتتدرج الأدوار إلى مسؤول جمع البيانات المشرف المباشر على العملية وعلى جامعى البيانات، بالإضافة إلى تجهيزه للاستمارات ومعينات جلسات النقاش، إلى أن يستلم البيانات الناتجة عن الجلسات، وتوصيلها الى مسؤول الحفظ والأرشفة الذى بدوره يحفظها ومن ثم يصبح مسؤولاً عن «الحفظ الاحتياطى» واسترجاع البيانات وتأمينها، إلى أن تنتقل المسؤولية الى مشرف معالجة البيانات الذى يتابع مراحل إدخالها فى الحواسيب والتأكد من مطابقتها مع سجلات التدوين، ومن ثم تنتقل المهمة قبل الأخيرة «مرحلة التحليل» ومن ثم كتابة التقرير. وفى اليوم الثانى للورشة تمت مراجعة الأوراق بصورة علمية على الحواسيب من قبل الدارسين، وتم رفع التوصيات من قبل خبراء معهد أبحاث السلام، وطالبوا بتحليل البيانات منذ بداية عملية جمعها حتى لا تتراكم، والتأكد والاطلاع التام على البيانات التى تم جمعها، واتباع الترتيب وعدم حذف أى شيء من المعلومات المجمعة إلا فى المراحل المتأخرة من التحليل. وفي ختام الورشة تم تكريم المشاركين ومنحهم شهادات تقديرية من قبل المعهد وقعت عليها المفوضية وممثل أبحاث السلام، وسلمها رئيس المفوضية البرلمانية للمشورة الشعبية سراج الدين حمد عطا المنان، ومديرة التدريب ورفع القدرات علوية عمر يوسف، وممثل المعهد وخبراء جامعة الخرطوم.