مدخل شهدت ولاية النيل الأزرق مؤخراً عملية أخذ آراء المواطنين في اطار المشورة الشعبية لتنفيذ آخر استحقاق دستوري من استحقاقات اتفاقية السلام الشامل لحسم الصراع السياسي بصورة نهائية بالولاية. وتعتبر عملية المشورة الشعبية اجراء ديمقراطى يهدف لمشاركة المواطنين بآرائهم حول تنفيذ اتفاقية السلام الشامل ومدى تلبيتها لحاجة وتطلعات مواطنى الولاية فى خلق برامج ومشروعات تحقيق الاستقرار واستدامة السلام بالولاية، وشهدت مرحلة أخذ الرأي اقبالاً كبيراً من المواطنين فاق كل التوقعات حيث سجلت نسبة المشاركة 148% كرقم قياسي يؤكد على الوعي الكبير لمواطني الولاية بأهمية مشاركتهم في تشكيل ورسم مستقبلهم بالكيفية التي يريدونها. المركز السوداني للخدمات الصحفية وسعياً منه لتسليط الضوء على الكيفية التى تمت بها خطوات المشورة الشعبية بولاية النيل الازرق، التقى الاستاذ سراج حمد عطا المنان رئيس المفوضية البرلمانية للمشورة الشعبية بالولاية فى حوار شامل اوضح من خلالة وبالتفصيل ما تم خلال مرحلة أخذ الرأي والخطوات التى ستتم لاحقا في اطار عملية المشورة الشعبية.. فمعاً إلى مضابط الحوار.. تقييمكم العام لمرحلة أخذ الرأي للمشورة الشعبية بالولاية ؟ بدءا سألنا سراج محمد عطاالمنان عن تقييمه لمرحلة اخذ الرأي، فأجاب بالقول: المشورة الشعبية في ولاية النيل الأزرق تعتبر حقا مستحقا ورد في اتفاقية السلام الشامل، ونستطيع القول بإن هذه العملية سارت بشكل ممتاز حسب ترتيبات المفوضية البرلمانية للمشورة الشعبية والتى بدأت فور تشكيلها مباشرة فى انفاذ العمليات الأساسية لعملية المشورة الشعبية واولها التثقيف المدني وسط المواطنين بمضمون المشورة وذلك بمشاركة العديد من المؤسسات والجمعيات ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية ووصلنا إلى أن ما تم إنزاله من مفهوم المشورة الشعبية يمكّننا من الدخول في المرحلة الثانية، والتى تعتبر المرحلة الاهم، وهي عملية الاستماع لآراء المواطنين حيث انجزت هذه المرحلة على نطاق الولاية وبصورة جيدة وسجلت اقبالاً كبيراً من قبل المواطنين. وقد احدثت عملية المشورة حراكاً سياسياً كبيراً بالنيل الازرق لم يتحقق من قبل لا في الانتخابات الاخيرة ولا في الاحصاء السكانى الاخير، حيث كانت المشورة محل اهتمام كل مكونات ولاية النيل الأزرق من الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والقيادات السياسية المختلفة وقيادات الإدارة الأهلية حيث حرص الجميع على المتابعة والمشاركة من خلال (116) مركزا تم تحديدها من قبل المفوضية البرلمانية للمشورة الشعبية على نطاق الولاية، وانطلقت عملية جلسات الاستماع لآراء المواطنين حسب الإجراءات التي وضعت في اليوم الرابع عشر من يناير الماضى وشملت العملية على محليات الولاية وفى توقيت واحد وقد اتيح للمواطنين كامل الحرية والشفافية والتزمت المفوضية وعضوية المجلس التشريعي كامل الحياد في أن يستمعوا للمواطنين وهم يبدون آراءهم حول اتفاقية السلام الشامل إلى أن انتهت عملية المشورة الشعبية والتى شارك فيها حوالي 70 ألف مواطن تحدثوا حول اتفاقية السلام الشامل بمختلف أبوابها وبنودها، وتركزت معظم أو مجمل آراء الناس حول تحسين وضع الخدمات بالولاية من الكهرباء والمياه والتعليم والصحة والطرق، كما تحدث بعض الناس عن تطلعاتهم في شؤون الحكم والسلطة، وتحدث بعضهم حول ضرورة استمرار الحكم الفيدرالي القائم . وتحدث آخرون عن امكانية ان يكون هنالك نظام حكم ذاتي. ونستطيع أن نقول إننا استمعنا لكل آراء الناس وسجلناها في أشرطة كاسيت، كما سجلناها مدونة ومكتوبة، والآن المفوضية تعد لإدخال هذه المعلومات إلى مركز تحليل المعلومات لتبويبها وتصنيفها حسب أبواب اتفاقية السلام الشامل في مركز للحاسوب يضم أكثر من 30 مندوباً وفنياً تلقوا دورات تدريبية بجامعة الخرطوم وشارك فيها عدد من الخبراء بما يمكن هؤلاء المندوبين والفنيين من التعامل مع هذه المعلومات على حسب تبويبها من حيث تصنيفها لأبواب اتفاقية السلام الشامل في بعدها أو موازي لها. ونحن الآن نرتب جلسات استماع للنخب لأن جلسات الاستماع للمواطنين لم تكن تفصيلية أو دقيقة ولم تأخذ الاتفاقية بشكل تفصيلي أكثر لذا نجلس إلى النخب من أبناء الولاية وهم المثقفين والمستنيرين والطبقة الواعية التي يمكن أن تتحدث بشكل أكثر تفصيلاً وبدقة وتوسع أكثر من جلسات الاستماع للمواطنين العاديين، النخب نقصد بهم الطبقة المستنيرة من ممثلي الأحزاب السياسية المسجلة بولاية النيل الأزرق ومنظمات المجتمع المدني المحلية والاتحادات والنقابات وأيضاً نقصد بها أعضاء المجلس التشريعي كممثلين للشعب ونواب له وأعضاء المجلس الوطني بالولاية وأعضاء مجلس الولايات من أبناء الولاية وأعضاء حكومة الولاية وبعض الدستوريين القدامى، أيضاً قيادات الإدارة الأهلية ورموزها في ولاية النيل الأزرق وكذلك المثقفين والخبراء من أبناء الولاية وأساتذة الجامعات وحملة الدرجات العلمية والمهتمين بشكل عام باتفاقية السلام الشامل والشأن العام بولاية النيل الأزرق وسندعوهم لجلسات استماع خاصة ستستمر من يوم إلى ثلاثة أيام يتناولون فيها الاتفاقية بشكل أكثر تفصيلاً ودقة وتقييماً لها، بهدف رؤية أى جوانب يمكن استكمالها في المرحلة القادمة مع الحكومة المركزية ، ثم من بعد ذلك تعكف المفوضية على تحليل بيانات النخب لتبويبها أيضاً على حسب الاتفاقية ومن ثم يتم تناولها في التقرير الذي سوف يقدم من المفوضية البرلمانية إلى المجلس في اقرب وقت ونتوقع ان يكون في نهاية مارس القادم حيث نرفع تقريرنا إلى المجلس التشريعي للتداول حوله ومن ثم التقرير عما إذا كانت الاتفاقية لبت تطلعات ورغبات أهل ولاية النيل الأزرق أم لا. ماذا عن مشاركة الأحزاب والأمم المتحدة في مرحلة أخذ الرأي؟ شاركت الأحزاب بحكم أنها توجد بها قيادات سياسة موجودة في الولاية يشاركون في مرحلة أخذ الرأي للنخب وكذلك مشاركين كمراقبين لعملية المشورة الشعبية والأمم المتحدة أيضاً مراقبة لإنفاذ المشورةالشعبية وهي واحدة من المؤسسات المنصوص عليها في قانون تنظيم المشورة الشعبية كمراقبين. هنالك استقطاب للمواطنين من قبل الأحزاب اثناء اخذ الرأى .. طبعاً اتفاقية السلام الشامل اتت على خلفية إشكال سياسي وأمني وبنفس القدر المشورة الشعبية لا يتم إنفاذها بمعزل عن مكونات العمل السياسي من قبل الأحزاب السياسية الموجودة، ولكل حزب برامجه وطرحه الذي يعمل على ان يجد طريقه إلى آراء المواطنين، لذلك نقول نعم ، حصلت بعض الأشياء من بعض الأحزاب فى اطار التعبئة لبرامجها ورؤيتها ، لكن نستطيع أن نقول إن المشورة الشعبية سارت بشكل جيد وأحدثت حراك للأحزاب السياسية أيضاً. كيف تنظرون للدعوات التي طالبت بالحكم الذاتي؟ أولاً الدعوة للحكم الفيدرالي مؤكدة وموجودة في اتفاقية السلام الشامل والدستور القومي لجمهورية السودان اذ أن نظام الحكم في السودان نظام فيدرالي وبالتالي ما دام الامر كذلك فنحن نزولاً لمبدأ الشفافية والحياد وعدم مقاطعة المواطنين في آرائهم سمحنا لهم أن يقولوا آراءهم وفق ما يريدون قوله في الحكم والفيدرالية وفي الحكم الذاتي ولكن في نهاية المطاف فالمجلس التشريعي بالولاية هو الذي يقييم هذه المسألة بشكل نهائي. الدعوة للحكم الذاتي صدرت من عدد كبير .. نعم شكلت رأي الكثيرين ونسبة كبيرة من الناس تحدثوا عن الحكم الذاتي .. وهذه تطلعاتهم في نظام الحكم وسينظر فيها المجلس التشريعي. ظهرضعف في التثقيف المدني لدى البعض اثناء اخذ الراي لماذا؟ طبعاً الاتفاقية كبيرة وتحوي حوالي (400) صفحة وكونه يتحدث فيها مواطن بسيط لا يعرف القراءة أو الكتابة وغير متابع وبشكل تفصيلي فهذه مشكلة بالنسبة له، لذا نحن حددنا جلسات للنخب لأنهم أكثر فهماً وتوسعاً للأبعاد والاتفاقية ، لكن التزاماً للقانون الذي نص بالالتقاء بشعب وجماهير ولاية النيل الأزرق نزلنا إليهم واستمعنا لآرائهم بقدر مفاهيمهم البسيطة ما بين متعلم وغير متعلم لكن نتوقع أن يتناول الناس الاتفاقية بشكل تفصيلي وعلمي في جلسات النخب. متى تبدأ مرحلة تحليل البيانات والجهات المشاركة فيها؟ تقوم المفوضية فقط بعملية تحليل المعلومات مع كادر فني تم تدريبه من أبناء الولاية وهم المختصين في مجالات الحاسوب بجانب ذلك نحن لدينا عمليات التدريب أشرفت عليها مجموعات مهتمة بالسلام مثل جامعة الخرطوم معهد أبحاث السلام وهؤلاء سيكونوا معنا في عمليات الإدخال لكن بشكل أساسي المفوضية هي التي تشرف على كل الأعمال وسوف يبدأ التحليل خلال الأسبوع القادم. وفيما ستبدأ مرحلة أخذ آراء النخب في مطلع مارس ويتراوح عددهم من 250 إلى 450 شخصاً ونتوقع في نهاية مارس القادم أن نقدم تقريرنا إلى المجلس التشريعي. دور المجلس الأعلى للحكم اللا مركزي في المشورة الشعبية؟ طبعاً مجلس الحكم اللا مركزي الذي يرأسه البروفيسور الأمين دفع الله مسؤول عن تنفيذ المشورة الشعبية بالولايتى النيل الازرق وجنوب كردفان، ودرج على التواصل معنا لمتابعة سير عملية المشورة الشعبية وكذلك زارنا في الولاية أثناء الجلسات واستمع لبعض آراء المواطنين كما استمع للوالي ولكل المهتمين بامر المشورة الشعبيه، كذلك زارنا في الولاية وزير الدولة بوزارة مجلس الوزراء والأخ الوالي ورئيس المجلس التشريعي ونائبه وأيضاً ممثلى الأحزاب مما يعكس اهتمامهم بالمشورة الشعبية حيث طافوا بمراكز أخذ الرأي وبصورة مكثفة.