ان الأغنية وإن بدت في ظاهرها وسيلة ترفيهية ولكنها تحمل في جوهرها ومخبرها كثيرا من المفاهيم التي يقوم على أساسها المجتمع، والأغنية التي تفلح في التعبير عن ذلك بوسيلة أو بأخرى هي الأغنية التي تخاطب العقل والوجدان وتنال رضا الجمهور، وفي أكثر من مقام، هذه الايام استمعت لأغنية عقد الجلاد «حاجة آمنة اتصبري» من كلمات عبد الوهاب هلاوي ، فأيقنت انني امام أغنية مع الاحداث فحمى غلاء الاسعار التي بدأت تجتاح السوق مع ارتفاع اسعار السلع الجنوني ارهق المواطن المغلوب على أمره الذي أصبح بين نارين نار اذا اشترى ونار اذا لم يشتر وبطش بعض التجار الذين يخزنون السلع دون وازع من اخلاق ولا ضمير، وفشل الدولة حتى الآن في ايقاف هذا الغلاء الطاحن، في وسط كل الأزمات ليرتفع صوت عقد الجلاد: حاجة آمنة اتصبري عارف الوجع في الجوف شديد لكن كمان ما بتقدري من الصباح سرحت في حق الفطور وينو الرغيف وينو الفحم حبة عدس ما بسوي شي الأغنية كتبت باحساس صادق وكلمات معبرة وترجمت وجع الغلابى ولهاث امرأة ومعاناتها في البحث عن لقمة العيش الكريمة. احسنت عقد الجلاد وهي تختار ان تقدم الأغنية هذه الايام في جميع حفلاتها لأن هذه الاغنية «حاجة آمنة اتصبري» هي اغنية الوقت ونبض الغلابى والمواطن لا يفهم في مصطلحات الاقتصاد وتحليلات عباقرة البيزنس ولكنه ينسجم مع أغنية بسيطة تخاطب وجدانه وتحاول تخفيف المعاناة، والألم ، والاغنية تعكس في جانب آخر قدرة الفن الكبيرة في القيام بدور اجتماعي مهم ومؤثر في الحياة، ومثل هذه الاغنيات هي «الشفرة الذكية» التي استطاعت بها عقد الجلاد تحقيق الجماهيرية العالية التي نالتها عن استحقاق. ان موجة الأغنيات «الهايفة» التي بدأت تجتاح الساحة الفنية تحتاج الى مثل هذه الاشراقات الفنية لتكون بمثابة مصدات الرياح للهيافة والهبوط، والفنان الواعي لمشروعه الفني هو الفنان الذي يخطط بذكاء ويترك اغنياته تلامس نبض الجمهور وتعبر عن اشواقه واحلامه ومعاناته ولكن قبل هذا وذاك لابد من الصدق الفني وعدم الافتعال فاجمل الاغنيات هي التي تكتب باحساس صادق وتترجم باحساس صادق في الألحان والأداء لأن التكلف والافتعال يغتال الاغنية اغتيالاً صامتاً.. وتحية واحتراماً لعقد الجلاد ولهلاوي الشاعر المبدع وهم يعبرون عن معاناة الناس باحساس صادق و«حاجة آمنة اتصبري.. عارفة الوجع في الجوف شديد لكن كمان ما بتقدري».. [email protected]