أكد اتحاد الغرف الصناعية متابعته اللصيقة لكل تطورات زيادة الأسعار لمختلف السلع ومدخلات الإنتاج، وأنه يتابع بدقة تداعيات انخفاض سعر صرف الجنيه السوداني وتصاعد قيمة الدولار، وتأثير ذلك على توفير المدخلات الأساسية للإنتاج الصناعي وتوفير السلع الأساسية للمواطن، التي تصاعدت أسعارها بمستوى مزعج ومقلق ومؤثر على مجمل حركة الاقتصاد. وقال الاتحاد إنه مع كل تلك التداعيات يتابع توجهات حكومة ولاية الخرطوم من خلال الميزانية التقديرية المقترحة للعام الجديد والمعروضة الآن للنقاش في المجلس التشريعي للولاية، بغرض إجازتها رغم ما تحفل به من مضاعفة عديد من الرسوم والجبايات الولائية وبصورة خاصة على المصانع والوحدات الإنتاجية لسهولة التحصيل منها. وأكد البيان أن المنهج الذي ظلت تمارسه الولاية أضر كثيراً بالإنتاج الوطني. ومع كل ما تداول من حرص على تطوير الإنتاج والدفع به خلال مناقشة الموازنة العامة للبلاد، يعتبر الاتحاد أن التوجه الأخير بالولاية يقود إلى توقف العمال على قلتهم عن العمل بالمصانع، مما يقود لكارثة حقيقية خلال فترة حرجة تمر بها البلاد، لاسيما أن ولاية الخرطوم تتمتع بثقل صناعي ذي تأثير على حركة وتطور القطاع الصناعي. وعاب البيان على حكومة الولاية تزامن قرارها مع العديد من الإجراءات السالبة التي تعوق حركة الإنتاج وقادت إلى تصاعد أسعار السلع الصناعية الوطنية وتدهور قيمة العملة الوطنية، علاوة على إعلان زيادات سعر زيت الفيرنس «الوطني» حتى وصل سعر الطن منه إلى 620 جنيها بزيادة بلغت 55%، الأمر الذي اعتبره البيان أنه سيفضي إلى تأثير سلبي على العديد من المنتجات الصناعية. وشكا الاتحاد من ربط التمويل العائم للعقار الموجود فيه وتطبيقه بأثر رجعي، لدرجة أن مطالبة بعض البنوك بدفع قيمة الواردات من مدخلات الإنتاج والمصادر الخاصة جاءت بنسبة 100%. وطالب الاتحاد بمواصلة فتح الأسواق الوطنية ودعم العديد من الدول، خاصة دول الجوار، لمنتجاتها التي تحرص حكوماتها على غزو بضائعها لبلادنا وما حولها، بجانب تسريع إجراءات فتح الاعتمادات وإجراءات تخليص المواد الخام في الموانئ التي تخلصت من البطء الذي ظل السمة المميز لها، كما دعا للتخلص من كل الإجراءات السالبة التي من شأنها إضعاف قدرة الاقتصاد الوطني على امتصاص أية أزمات اقتصادية إقليمية أو عالمية، ولفت إلى الاتفاق التام على أن الحل في زيادة الإنتاج ورفع الإنتاجية، غير أن توجه القرارات الأخيرة يصب في تكبيل حركة الإنتاج وبالذات الصناعي، مما حدا بالكثير من المستثمرين الى التفكير العملي في إعادة النظر في استثماراتهم، إما بتغيير النشاط أو نقله خارج البلاد للعمل في ظروف أكثر ملاءمة. وأكد البيان مواصلة الاتحاد سعيه لطرح عقلاني لتغيير تلك السياسات والتوافق على سياسات تدعم الإنتاج، وعدم الاستسلام لسياسات الجباية التي تضر بمجمل حركة الاقتصاد الوطني، حتى لا تكون المصانع والوحدات الإنتاجية نافذة جباية فقط. وعلى صعيد الخبراء اعتبر الدكتور محمد الناير ما أُثير حول لجوء ولاية الخرطوم لفرض مزيد من الرسوم والجبايات على القطاع الصناعي بغية تغطية عجز موازنتها، أمراً غير وارد، وذلك لمجافاته وابتعاده عن السياسات الكلية للدولة التي تهدف لتشجيع القطاع الصناعي والإنتاج المحلي على وجه العموم عن طريق تخفيض الرسوم والجبايات المفروضة عليها، لا زيادتها حتى تستطيع منافسة المنتجات الوافدة والغازية للأسواق السودانية تحت مظلة الاتفاقيات الاقليمية التي يشارك فيها السودان «الكوميسا ومنطقة التجارة العربية الحرة» التي قادت لإفرازات سالبة على السوق السودانية، لجهة عدم جاهزية القطاع الصناعي السوداني لمنافسة الوافد من السلع التي تدخل بفضل تلك الاتفاقات، بينما تعجز الصناعة أو المنتجات السودانية بسبب ارتفاع تكلفة إنتاجها، لا سيما مدخلات الإنتاج، علاوة على الزيادة العالية من الضرائب والرسوم المفروضة عليها من قبل الدولة، الأمر الذي يعكس بجلاء لهث الدولة وراء تحقيق وجني المكاسب الآنية. ولأجل هذا يرى الناير أنه ليس من العقل والمنطق أن تزيد ولاية الخرطوم الطين بِلةً بفرضها مزيدا من الرسوم والأتوات على القطاع الصناعي الذي يعاني الأمرين من العقبات والمطبات الكثيرة التي تعترض طريقه. ويواصل الناير قائلاً إن على الدولة تشجيع القطاع الصناعي لا تكبيله بفرض مزيدٍ من الرسوم علاوة على ترنحه وعدم قدرته على المنافسة، وأن تبتعد بنظرتها من خانة الجباية إلى خانة الرعاية، بأن تنظر إلى عدد الوظائف التي يخلقها انتعاش القطاع الصناعي وما يمكن أن يخلقه من وفرة المنتجات، بل والنظر بعين فاحصة وثاقبة للمستقبل البعيد بحسبان ما يمكن أن يساهم به القطاع الصناعي في زيادة صادرات البلاد، وبالتالي حساب العملات الحرة التي يمكن أن يجلبها أو على الأقل توفير العملات التي تذهب للاستيراد في حالة عجزه عن الإيفاء بمتطلبات الاستهلاك المحلي والوصول للاكتفاء الذاتي. وطالب الناير بدعم القطاع الصناعي بصورة مباشرة أو غير مباشرة حتى تصل الدولة لما تنشد من استقرار اقتصادي قوامه نهضة صناعية وزراعية.